سياسة عربية

ما دلالات افتتاح النظام السوري مركز "مصالحة" في ريف إدلب؟

النظام يريد التسويق بأنه يريد الحل بعيداً عن الأعمال العسكرية- جيتي

أعلن النظام السوري عن افتتاح مركز لتسوية أوضاع المطلوبين من أبناء محافظة إدلب، مقره مدينة خان شيخون جنوب شرقي إدلب، لتثير الخطوة غير المسبوقة منذ استعادة النظام السيطرة على المدينة صيف العام 2019، تساؤلات عن دلالاتها وما إذا كانت تؤشر على تصعيد قادم ضد مناطق سيطرة المعارضة.

وادعى النظام أن التسويات جاءت بطلب من سكان المنطقة، مؤكداً أنها تغطي كامل سكان إدلب، وتشمل الفارين والمطلوبين للخدمة الإلزامية، والمطلوبين للأجهزة الأمنية، من المقيمين داخل وخارج سوريا من أبناء المحافظة.

وأضاف أن الأولوية هي لتسوية أوضاع المتخلفين عن خدمة العلم والفارين منها.

وبعد مضي يومين على افتتاح المركز، أكد الصحفي أحمد عبد الرحمن في موقع "الطريق"، أن بعض العائلات النازحة في إدلب توجهت إلى مناطق سيطرة النظام قبل افتتاح المركز، وغالبيتهم لا يُعرف مصيرهم إلى الآن، وهذا ما أدى إلى عزوف القلة الراغبة عن ذلك.

وأضاف لـ"عربي21": "الأهالي لا يثقون بالضمانات التي يقدمها النظام، ما يعني من وجهة نظره أن الخطوة المتمثلة بافتتاح المركز عديمة الجدوى، وإعلامية فقط".

وحول احتمالية التصعيد، يرى عبد الرحمن أن أجواء التصعيد تخيم بشكل دائم على المنطقة، لافتا إلى أن "مؤشرات التصعيد اليوم واضحة أكثر من أي وقت مضى"، حيث تواصل فصائل المعارضة اتخاذ التدابير والتحصينات على الجبهات لصد هجوم محتمل.

ولفت الصحفي إلى تجديد قوات النظام والمليشيات القصف على قرى وبلدات جبل الزاوية، الثلاثاء، وقال: "عمليات القصف ومحاولات التسلل من جانب النظام لا تتوقف".

 

اقرأ أيضا: مخلفات الحرب.. خطر مميت يحيط بملايين السوريين

ومثل عبد الرحمن أكد الخبير العسكري والاستراتيجي العميد أحمد رحال، أن التصعيد في جبهات إدلب من قبل النظام لم يتوقف، لكنه استدرك خلال حديثه لـ"عربي21": "لكن لا يعني افتتاح مركز "التسوية" أن عملاً عسكرياً قادماً".

وأضاف رحال أن النظام على يقين بعدم عودة الأهالي إلى مناطق سيطرته، بسبب القناعة المطلقة بإجرام النظام، والملاحقات الأمنية، والأوضاع الاقتصادية.

وعليه، فإن الخبير العسكري يعتقد أن الهدف من افتتاح هذه المراكز بأوامر روسية، هو الادعاء بأن هناك عودة للنازحين واللاجئين، وأن مناطق سيطرة النظام تعود تدريجيا للاستقرار، خدمة لإطلاق مرحلة إعادة الإعمار، أي تدفق الأموال من الأمم المتحدة والدول المانحة.

بدوره، وصف القيادي في "الجيش السوري الحر" النقيب عبد السلام عبد الرزاق افتتاح المركز بـ"الإجراء الشكلي"، وقال لـ"عربي21" إن "مراكز التسوية كانت على مدار السنوات الماضية شكلية وتهدف إلى رفد النظام بالجنود من خلال محاولة إعادة الشباب".

وأشار عبد الرزاق إلى تعرض الشباب للملاحقات والسجن في أكثر من منطقة بعد إجراء "التسويات" في محافظات عديدة، منها دير الزور، مضيفاً أن "غالبية العائدين على قلة عددهم انتهى مصيرهم إلى السجن".

وبذلك يرى القيادي أن "النظام يريد التسويق بأنه يريد الحل بعيداً عن الأعمال العسكرية التي عجز عن تنفيذها"، مستبعدا "أن يكون هناك أي تصعيد، لأن النظام لا يمتلك القدرة على ذلك، والتصعيد لا يخدم مصلحته أيضاً".

في المقابل قال المتحدث باسم "المصالحة الوطنية" التابع للنظام السوري، عمر رحمون في تصريح لصحيفة "تشرين" الرسمية، إن المركز هو "استمرار للخط الاستراتيجي الذي اعتمدته الدولة في اللجوء إلى المصالحات وهذا الخط ليس بجديد بل هو تتمة لمشوار طويل أتى أكله من درعا إلى دير الزور والرقة وريف دمشق وريف حلب والآن محافظة إدلب".

وأضاف أن "هذا المركز طال انتظاره من قبل أهالي محافظة إدلب والآن جاءت الفرصة المواتية من أجل وضع المصالحة والتسويات على الطريق الصحيح".