شككت
صحيفة عبرية، في مصداقية "التعهدات الاحتفالية" التي أدلى بها رؤساء أمريكيون،
والتي تتعلق بمنع إيران من الوصول إلى القنبلة النووية، مؤكدة أن طهران ستصل لما ترغب
فيه، وعلينا التعايش مع إيران نووية.
وأوضحت
"يديعوت أحرنوت" في مقالها الافتتاحي، الذي كتبه ناحوم برنياع، أن رئيس وزراء
الاحتلال الأسبق، بنيامين نتنياهو ألقى في 2015 خطابه التاريخي في الكونغرس الأمريكي،
وهذا "الخطاب لم يمنع الاتفاق النووي ولم يحسن شروطه، بل دفع إدارة باراك أوباما
إلى تقديم المزيد من التنازلات لإيران، كي توقع على الاتفاق، وهذا لم يمنع نتنياهو
من أن يلوح بالخطاب إياه، كدليل قاطع على الكفاح البطولي الذي خاضه ضد طهران".
وذكرت
أن رئيس الأركان الأمريكي، الجنرال مارك ميلي، يروي في شهادته في كتاب "المقسم:
ترامب في البيت الأبيض" الذي سيصدر الشهر المقبل، ضمن أمور أخرى عن تجربة الرئيس
الأمريكي السابق، دونالد ترامب في إصدار الأوامر "بهجوم عاجل" ضد إيران في
الأسابيع الأخيرة لولايته، بعد هزيمته في الانتخابات.
ويروي
ميلي، أنه سافر إلى إسرائيل كي يقنع نتنياهو، الذي كان في حينه رئيسا للوزراء، بأن يكف عن حث ترامب على الخروج لعملية عسكرية، وجرى اللقاء بينهما في القدس (المحتلة)
يوم 18 كانون الأول/ديسمبر 2020. وقال نتنياهو: "إذا لم تحض، فمن شأنك أن تتعرض
لحرب مسلحة".
أما
ما فعله نتنياهو، إذا ما فعل شيئا على الإطلاق، فلم يقل هناك. في 3 كانون الثاني عقد
ترامب اجتماعا لرؤساء أذرع الأمن لديه. أراد عملية عسكرية ما ضد إيران، أي عملية. كلهم
عارضوا، بما في ذلك مايك بومبيو، الصقر الواضح.
وعقب
معارضة رؤساء أذرع الأمن في أمريكا لعملية عسكرية ضد إيران "تراجع ترامب، لأن
النووي لم يكن يعنيه وإنما مصيره، وبعد ثلاثة أيام سار بجموع مؤيديه إلى الكونغرس،
في محاولة يائسة لمنع تبادل الحكم".
وأشارت
الصحيفة، إلى أن رئيس الوزراء الحالي يائير لابيد ووزير الأمن بيني غانتس، "يسعيان
الآن ليحلا محل نتنياهو؛ غانتس أقلع نهاية الأسبوع على عجل إلى واشنطن، في محاولة لإحباط
التوقيع المتجدد على الاتفاق، ولمزيد من الدقة، لإقناع الأمريكيين بتهديد إيران عسكريا،
على أمل أن تفزع إيران وتوافق على التعديلات، كما أن رئيس هيئة الأمن القومي، ايال
حولتا، وصل إلى هناك في المهمة ذاتها قبل بضعة أيام منه والتقى جيك سوليفان، مستشار
الأمن القومي".
ونقلت
"يديعوت" أمس، عن محافل في حاشية غانتس قولهم: "تلقينا تغذية راجعة
إيجابية"، وبكلمات أخرى، "أعطيت لغانتس فرصة مناسبة لسماع أقواله".
أما
بالنسبة لرئيس الوزراء لابيد، "انتظر كل الأسبوع مكالمة هاتفية مع الرئيس الأمريكي
جو بايدن، فجاءت المكالمة في موعد ما، لكن في هذه الأثناء، يجدر بنا أن نسجل أن سوليفان،
في هذه اللحظة، هو كبير رجالات الإدارة المستعدين لأن يستمعوا لشكاوى إسرائيل".
وبلغة
ساخرة تلمح لعدم تقدير إدارة بايدن لزعماء الاحتلال، نوهت أن "واشنطن في الأيام
المفعمة هذه، تكون شاغرة من سكانها في كل مكان، كما أن رؤساء الوزراء ووزراء أمننا،
لم يعودوا يتجولون كأرباب بيت في أروقة البيت الأبيض، لقد تقزمنا".
ولفتت
إلى أن "لابيد يحاول إقناع الناخبين في إسرائيل، أنه يقاتل كالأسد ضد سياسة الإدارة
الأمريكية ولإقناع الإدارة بأنه ليس نتنياهو، فهو لا يدخل في مشادة مع الرئيس، ويسير
على حبل رفيع، عقب تصريح رئيس جهاز "الموساد" دافيد برنيع".
ونبهت
الصحيفة إلى أن تصريحات برنيع التي زعم فيها أنه "لا يمكن الثقة بالإيرانيين؛
لأنهم كذابون، فسرت كهجوم على سلوك الإدارة الأمريكية، وبشكل غير مباشر على سلوك لابيد،
الذي عقد إحاطة خاصة به للصحفيين، في محاولة ليثبت أنه يتحكم بالرواية وبـ"الموساد"
على حد سواء".
ورأت
أن جملة "بغياب الأحابيل يسقط الشعب"، التي تحيط بالشمعة في رمز "الموساد"،
تكشف أن "ما ينجح بالعبرية ينجح أيضا بالفارسية"، منوهة أنه "رغم كل
التعهدات الاحتفالية لرؤساء أمريكيين، إيران ستصل بالضبط إلى حيث ترغب في الوصول إليه،
وهي في الطريق إلى القنبلة، وإسرائيل يمكنها أن تعرقل المسيرة، لكن لا يمكن أن تمنعها،
مع اتفاق أو بدونه، والعالم يرى في إيران منذ الآن دولة حافة نووية، ولها بطاقة في
النادي".
وفي
النهاية، خلصت "يديعوت"، إلى أنه "في حال لا يوجد لإسرائيل حل عسكري يدمر
مرة واحدة وإلى الأبد النووي الإيراني، سيتعين علينا أن نتعايش مع إيران كدولة حافة،
وهذا يتطلب استعدادا استراتيجيا مختلفا، استثمارات بعيدة المدى وتوثيق العلاقات مع
الدول المجاورة، وذلك مع إعلانات أقل وأفعال أكثر، فهذه ليست نهاية العالم".