أفادت
مصادر محلية أن معدلات التلوث في نهر الفرات وصلت إلى مستويات قياسية، خاصة في
محافظة دير الزور شرق سوريا، بسبب تسرب كميات من النفط إلى النهر في أثناء عمليات
التهريب بين مناطق قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ومناطق سيطرة النظام السوري.
ونشر
ناشطون صورا للنهر الذي فقد صفاء مياهه، جراء تسرب كميات كبيرة من النفط الخام،
وقالوا؛ إن مياهه لم تعد صالحة للشرب والري، وتحدثوا عن تفشي بعض الأمراض في
المنطقة، خاصة المناطق القريبة من مجرى النهر، التي يعتمد سكانها على النهر لتأمين
مياه الشرب وري المحاصيل.
وقال
المهندس الزراعي حسن الأحمد العامل بإحدى منظمات المجتمع المدني شرق دير الزور؛ إن
عمليات تهريب النفط التي تتم على طول مجرى نهر الفرات، مسؤولة عن جانب كبير من
تلوث نهر الفرات.
وأضاف
لـ"عربي21" أن عمليات تهريب النفط تتركز في ريف دير الزور الغربي عند
المعبر النهري، وكذلك في الريف الشرقي في منطقتي الشحيل والشعيطات.
وأوضح
أن عمليات التهريب تتم بطريقة عشوائية وبدائية، حيث يتم إلقاء براميل النفط في
النهر وسحبها بالحبال إلى الطرف الآخر، أو من خلال عبارات متهالكة، وغالبا ما
يتسرب النفط إلى النهر خلال هذه العمليات.
ولفت
الأحمد إلى أن تراجع مستوى النهر في فصل الصيف، أسهم في زيادة منسوب التلوث،
مؤكدا انتشار العديد من الأمراض، ومنها التهاب الكبد الوبائي، واللشمانيا، وغيرها
من الأمراض المنقولة.
الجهات المسؤولة
وعن
الجهات المسؤولة، يقول المهندس الزراعي؛ إن القضاء على عمليات التهريب يكاد يكون
مستحيلا، ورغم محاربة "قسد" لعمليات التهريب، إلا أنه فعليا، لا تستطيع
أي جهة وقف ذلك، ويعزو ذلك إلى وجود شبكات تهريب كثيرة، تعتمد في رزقها على
التهريب.
وأشار
الأحمد إلى الجهود التي تبذلها بعض منظمات المجتمع المدني؛ بهدف التوعية والحد من
عمليات تهريب النفط، وتأثيرها على بيئة المنطقة.
أما
مدير منظمة "العدالة من أجل الحياة" الحقوقي جلال الأحمد، فحمل الأطراف
المسيطرة (النظام، قسد) مسؤولية تلوث الفرات، وقال لـ"عربي21"؛ إن
الجانبين يتحملان المسؤولية الكاملة، وبدرجة أقل تتحمل منظمات المجتمع المدني
المسؤولية كذلك؛ لأن التلوث يتعلق بصحة الأهالي.
ودعا
الحمد المنظمات العاملة في منطقتي قسد والنظام السوري على طرفي النهر، إلى دعم
المشاريع الخدمية لتحسين الوضع المعيشي.
الأطراف المسيطرة غير مبالية
وتكمن
خطورة التلوث في اضطرار الأهالي إلى استخدام المياه للشرب، نظرا لضعف الخدمات
وانقطاع مياه الشبكات الصالحة للشرب، وعدم توفر بدائل أخرى، خاصة مع ارتفاع نسبة
المياه الجوفية (الآبار) في المنطقة.
وعن
ذلك، يؤكد الحمد أن الأهالي يعانون من انقطاع مياه الشرب، مع ارتفاع أسعار المياه
التي يتم نقلها بالصهاريج، مشيرا إلى حالة اللامبالاة من قبل الجهات المسيطرة
أمام حاجات الأهالي.
ويحذر
مدير منظمة "العدالة من أجل الحياة"، من تفاقم مشكلة تلوث النهر، وتأمين
مياه الشرب النظيفة للأهالي، في ظل عدم وجود حلول جذرية لمسألة التهريب.
مصادر تلوث أخرى
وإلى
جانب تلوث مياه نهر الفرات، تتسبب الغازات الناجمة عن عمليات تكرير النفط البدائية
(الحراقات) في تلويث الهواء، وانتشار أمراض تنفسية وهضمية إلى جانب أمراض السرطان،
فضلا عن التسبب بالولادة المبكرة والإجهاض والعيوب الخلقية لدى حديثي الولادة.
وكذلك
تتسبب السوائل (مياه، نفط) التي تنتجها عمليات التكرير بتلوث التربة، وتلحق الضرر
بالمحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية في المنطقة.
ويسيطر
النظام السوري على مركز مدينة دير الزور وأجزاء من ريفها الشرقي والغربي والجنوبي،
في حين تسيطر "قسد" المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن على الريف
الشرقي، أو ما يعرف بـ"الجزيرة".