أوضح مصدر مسؤول في وزارة الاستثمار الأردنية، الاثنين، أن بوابة الأردن هي منطقة حرة خاصة قرب بلدة المشارع وتعود فكرة إنشائها إلى العام 1998مشروع يديره القطاع الخاص، ويوجد به حاليًا مصنعان عاملان يعودان للقطاع الخاص.
وأكد المصدر في بيان صحفي، نقلته وكالة الأنباء الرسمية "بترا" أن هذا المشروع لم يُستكمل وشهد تعثرًا في استكماله لدى الجانب الإسرائيلي منذ ذلك الحين.
وأضاف أن ما تناقلته وسائل الإعلام حول إعلانات تخص هذا المشروع من قبل مسؤولين إسرائليين مؤخرًا، قد تكون خطوة أولية نحو استكمال المشروع الذي ننتظر لمعرفة المزيد من التفاصيل بشأنها عبر القنوات الرسمية.
وكان رئيس وزراء الاحتلال يائير لابيد قال، الأحد، خلال الاجتماع الأسبوعي لحكومته، في كلمة نقلت تفاصيلها
القناة "14" الإسرائيلية الخاصة، إن الحديث يدور عن "منطقة صناعية
مشتركة تقع على الحدود، ستسمح لرجال الأعمال الإسرائيليين والأردنيين بالتواصل
المباشر، وستنشئ مشاريع مشتركة للتجارة والتكنولوجيا والصناعة المحلية".
وأضاف: "تم الانتهاء من التفاصيل النهائية لهذا المشروع الأسبوع
الماضي خلال زياراتي إلى عمان للقاء الملك عبدالله.. هذه مبادرة ستوفر فرص عمل
لكلا البلدين، وتعزز علاقاتنا الاقتصادية والسياسية، وتعمق السلام والصداقة".
دعاية انتخابية
وقال نائب رئيس الوزراء الأسبق، جواد العناني، إن معالم هذا المشروع ما
زالت غير واضحة، وبالتالي يصعب الحديث عن أبعاده وتداعياته الاقتصادية والسياسية،
وخصوصا أن الأردن لم يعقب على التصريحات الإسرائيلية، ولم يتحدث عن شيء من
تفاصيله.
وأضاف لـ"عربي21" أن المنطقة الصناعية المفترضة، إذا كانت
خاصة بمشاريع متعلقة بالتكنولوجيا المتقدمة، أو البرمجيات والذكاء الصناعي، وإنتاج
وسائل تقنية يمكن استخدامها في الزراعة وعمليات التخزين وسلاسل التوريد، فستكون
مفيدة للأردن، أما إذا كانت مشاريع إنتاج اعتيادية فهي وعدمها سواء".
ورأى العناني أن إسرائيل لا تقدم على أي مشاريع اقتصادية دون أهداف
سياسية، لكن هذا لا يعني أن يكون للأردن أهدافه الخاصة أيضا، لافتا إلى أن حديث
لابيد عن المنطقة الصناعية مع الأردن، يندرج تحت الدعاية الانتخابية التي يمارسها
استعدادا لانتخابات الكنيست القادمة.
وأشار إلى أنه لا بد من معرفة طبيعة المشروع؛ حتى نتمكن من معرفة جدواه
ومدى إمكانية نجاحه، مشيرا إلى فشل العديد من المشروعات الأردنية - الإسرائيلية
المشتركة في السابق، "كمشروع قناة البحرين، وفكرة استخدام إسرائيل لمطار
العقبة، الذي أدارت تل أبيب ظهرها لها، وبنت مطار رامون في إيلات بدلاً عنه"،
رغم اعتراض الأردن على إقامته.
وحول علاقة الحديث الأمريكي عن دعم واشنطن لرؤية التحديث الاقتصادي
والقطاع العام الأردني، باتفاق عمّان وتل أبيب على إنشاء المنطقة الصناعية، رأى
العناني أن الدعم الأمريكي للأردن ليس مشروطا بعمل اتفاقيات مع إسرائيل.
واستدرك: "لكن الأمريكان يحققون مصلحة غير مباشرة للإسرائيليين،
من خلال العمل على استقرار الأردن الذي يملك أطول حدود مشتركة مع إسرائيل؛ لأنهم
يخشون من انعكاس أي اضطرابات في المملكة على الاستقرار والأمن الإسرائيليين".
اقرأ أيضا: الاحتلال يعتزم تنفيذ منطقة صناعية مشتركة مع الأردن
أبعاد سياسية لا اقتصادية
ووفق بيان سابق لوزارة التعاون الإقليمي الإسرائيلية في تشرين
الأول/ أكتوبر 2021، فإن الهدف من المشروع هو "إنشاء منطقة صناعية مشتركة تقام في
الجانب الأردني، منها مصانع إسرائيلية وأردنية، في حين سيشكّل الجانب الإسرائيلي
جبهة داخلية لوجستية، وقاعدة لنقل البضائع إلى الموانئ الإسرائيلية".
وبحسب البيان، "تعتمد المنطقة الصناعية على مبدأ التجارة الحرة
بين الدولتين والولايات المتحدة، حيث سيتم في إطارها منح إعفاء من الجمارك
للمنتجات التي يتم إنتاجها في المنطقة الصناعية وتصديرها للولايات المتحدة".
ورأى الخبير الاقتصادي فهمي الكتوت أن "هذا المشروع لا ينطوي على
أي أبعاد اقتصادية، فالبعد السياسي هو المقصود، والذي يتمثل بسعي دولة الاحتلال
إلى إقامة علاقات كاملة مع الأردن، بهدف اختراق المنطقة العربية".
وأوضح لـ"عربي21" أن إسرائيل تسعى لأن تكون الأردن رأس حربة
من خلال هذه المناطق الحرة التي ستقام على أراضيه، للولوج بصناعاتها ومنتجاتها إلى
الوطن العربي، إما تحت مسميات إسرائيلية أو أردنية، مستغلة قبول المملكة بهذه
الشراكة.
وقال إن دولة الاحتلال تسعى إلى التخلص من القنبلة الديمغرافية
الفلسطينية في الداخل المحتل، وذلك بالتضييق على الفلسطينيين اقتصاديا، ليجدوا
فرصا متاحة لهم للعمل في الأردن، وبالتالي التخلص منهم بطريقة غير مباشرة، بعد
ترتيب إجراءات إقامتهم شرق النهر.
وحول توافر بنية تحتية تتيح تنفيذ المنطقة الصناعية في الأراضي
الأردنية، رأى الكتوت أن إسرائيل تسعى للاستفادة من مناطق الأغوار، مشيرا إلى أنها
"مناطق تسمح بإقامة بعض الصناعات الزراعية، وليست مناسبة للصناعات الثقيلة،
بسبب مساحاتها المحدودة، والطبيعة الزراعية لأراضيها".
وبيّن أن "دولة الاحتلال تسعى بتوفير رأس المال، ووجود عمالة
أردنية وفلسطينية، إلى التسلل والاندماج في العالم العربي"، مؤكدا أن
"فكرة اندماج إسرائيل مرفوضة شعبية، "فبعد مرور عدة عقود على اتفاقياتها
مع الأردن ومصر، إلا أن هناك رفضا مطلقا من الشعوب العربية لأي شكل من أشكال
التطبيع معها".
وأضاف الكتوت أن "من يصدق لابيد في حديثه عن توفير هذا المشروع
فرص عمل للأردنيين واهم، لأن الأردنيين سيحجمون أصلا عن العمل فيه، وسيتم بعد ذلك
استقدام عمالة أجنبية، ولن يكون لهذه المنطقة الصناعية ذاك الأثر على حل مشكلة
البطالة وغيرها من المشاكل الاقتصادية".
وأكد أن "الأردن سيكون هو المتضرر من هذا المشروع، لكنه ليس
ضررا اقتصاديا بالمعنى الصريح، حيث إنه يتمثل في مساهمة الدولة بتمرير المشاريع
الإسرائيلية، والتعامل مع العدو كأنه صديق، في الوقت الذي يوسع المستوطنات، ويعتدي
على المقدسات الإسلامية والمسيحية، ويرتكب الجرائم بحق الفلسطينيين".
وقالت القناة "14" الإسرائيلية الخاصة، الأحد، إن
"الحكومة الإسرائيلية صادقت على اقتراح رئيسها يائير لابيد ووزير التعاون
الإقليمي عيساوي فريج، للإسراع بتنفيذ مشروع المنطقة الصناعية المشتركة مع الأردن،
والذي يحمل اسم بوابة الأردن".
ونقلت القناة عن وزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي عيساوي فريج، قوله
إن تكثيف الجهود في مشروع "بوابة الأردن" كان أحد المهام الرئيسية
لوزارة التعاون الإقليمي العام الماضي، "وتمكنا من إحراز تقدم كبير بعد فترة
مليئة بالعوائق العقبات".
وأضاف الوزير العربي الوحيد بالحكومة الإسرائيلية، أن "السلام
بيننا لا يكتمل دون تعاون اقتصادي ومدني يتيح لمواطني الدولتين التمتع
بثماره"، متابعا: "تنفيذ المشروع سيسمح بتعزيز التعاون الاقتصادي مع
المملكة الأردنية، وتحقيق مساهمة كبيرة في اقتصادات البلدين والمنطقة بأسرها"، وفق تعبيره.
وأكد فريج أن المشروع سيحوّل ميناء حيفا إلى ميناء رئيسي في المنطقة.
وأضاف في تصريحات لـ"i24 NEWS"، مشروع "بوابة الأردن" سيقوم بتشغيل أكثر من عشرة آلاف عامل أردني في المقابل وستقوم إسرائيل بإدارة المشروع من خلال مجموعة رجال أعمال إسرائيليين.
وكشف فريج أن الإمارات ستقوم ببناء مراكز ومخازن لها على الأراضي الأردنية وبالقرب من الحدود وستعمل على نقل تلك البضائع إلى مناطق متعددة في العالم.
وتجدر الإشارة إلى أن الأردن مرتبط بـ"اتفاقية سلام" مع
"إسرائيل" منذ عام 1994، فيما عرف باتفاقية "وادي عربة"
(صحراء أردنية محاذية لفلسطين)، والتي نصت على إنهاء حالة العداء بين البلدين،
وتطبيق أحكام ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي بشأن العلاقات بين الدول.