دعا معارضون للاستفتاء على الدستور الذي نظمه الرئيس التونسي قيس سعيّد، إلى التوحد، وعقد انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة للخروج من الأزمة السياسية التي تعاني منها البلاد.
وتأتي هذه الدعوات في وقت شهد فيه الاستفتاء غياب أكثر من 70 في المئة من الناخبين عن المشاركة فيه.
واتهمت "جبهة الخلاص الوطني"، التي تضم تحالف أحزاب معارضة في تونس، هيئة الانتخابات بـ"تزوير" أرقام نسبة المشاركة في الاستفتاء.
وأكدت الجبهة أن "استفتاء الرئيس قيس سعيد فشل"، داعية إلى توحيد الجهود ضد "انقلاب سعيد".
وطالبت جبهة الخلاص الوطني المعارضة في تونس الثلاثاء، بانتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة.
و"جبهة الخلاص" تضم كيانات سياسية عدة بينها "حركة النهضة" و"قلب تونس" و"ائتلاف الكرامة" وحزب الأمل" و"حراك تونس الإرادة" فضلا عن حملة "مواطنون ضد الانقلاب" وعدد من البرلمانيين، لتكون بذلك أكبر تحالف للمعارضة في تونس.
وقال رئيس الجبهة أحمد نجيب الشابي، إن "الأرقام التي خرجت من الهيئة المنظمة للانتخابات مضخمة ولا تتفق مع ما تمت ملاحظته في الجهات ومن مراقبين".
وتابع: "هذه الهيئة لا تتحلى بالنزاهة والحياد والأرقام مبنية على التزوير".
ودعا رئيس جبهة الخلاص، في تصريح لـ"عربي21"، قوى المجتمع إلى "عقد مؤتمر وطني للحوار يستثني الرئيس الذي أقصى نفسه نظرا لما قام به من إجراءات غير شرعية وغير دستورية".
اقرأ أيضا: الغنوشي: الاستفتاء "مهزلة".. ويحذر من "الانقسام" في تونس
وسبق أن أعلنت هيئة الانتخابات أن نحو 30 في المئة من الذين يحق لهم التصويت قد شاركوا في الاستفتاء، في حين أنه على الرغم من الرقم المنخفض جدا، فإن المعارضة أكدت أن الرقم مبالغ فيه.
وتابع الشابي في مؤتمر صحفي الثلاثاء، بأن "المرجع الوحيد للشرعية في البلاد هو دستور 2014. قيس سعيد لم يبق له أي مكان. خاب انقلابه، يجب أن يفسح المجال لانتخابات عامة رئاسية وتشريعية حتى يسود الاستقرار".
يشار إلى أن نسبة المشاركين في الاستفتاء تعد سابقة في البلاد مقارنة بجميع المحطات الانتخابية التي أعقبت الثورة التونسية 2011.
وسبق أن قال عضو حراك "مواطنون ضد الانقلاب"، جوهر بن مبارك، في تصريح خاص لـ"عربي21" إن الجبهة لا تعترف، لا بمسار سعيّد ولا باستفتائه".
وعن خطوات المعارضة لما بعد 25 تموز/ يوليو، شدد ابن مبارك على أن المطالبة بعزل الرئيس سعيد لم ولن تتوقف، مشيرا إلى أنهم سيواصلون "التحركات النضالية والعمل على توحيد صف المعارضة".
وقال رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة، نور الدين العرباوي، في تصريح خاص لـ"عربي21": "إن الإرادة اللازمة هي التصدي للانقلاب ومواصلة النضال السلمي، وسنساهم في خلاص تونس من هذا الانقلاب الذي دخل عامه الثانية" .
ودعا العرباوي جميع المعارضة إلى الاتحاد وتجاوز الخلافات، حيث قال: "علينا أن نلتقي على الرغم من ثقل الماضي".
من جهتها، قالت نائبة رئيس البرلمان المنحل سميرة الشواشي، إن الشعب التونسي رفض مشروع الدستور الجديد من خلال مقاطعته الاستفتاء.
وأكدت أن جبهة الخلاص متمسكة بدستور عام 2014. وأضافت، أن التونسيين لن ينخرطوا في ما وصفته بالجريمة المرتكبة في حق بلادهم.
اقرأ أيضا: إعلان نتائج الفرز الأولي لاستفتاء الدستور في تونس (فيديو)
من جانبه أيضا، شكك الأمين العام لحزب العمال التونسي، حمة الهمامي، في صحة الأرقام التي تقدمها الهيئة المستقلة للانتخابات بشأن الاستفتاء.
وقال: "ندعو المعارضة إلى توحيد الجهود لبلورة مشروع الإنقاذ بهدف إسقاط منظومة الاستبداد والفساد والعمالة".
وأضاف في بيان لحزبه، إن الاستفتاء على مشروع الدستور أفقد سعيّد الشرعية. وأضاف أنه أمام رئيس لا يعترف بشرعيته، وأمام دستور استبدادي.
وكانت خمسة أحزاب منضوية ضمن "الحملة الوطنية لإسقاط الاستفتاء"، وهي الجمهوري والتيار الديمقراطي والتكتل والعمال والقطب، قد وصفت الاستفتاء بالمزيف.
من جهته، دعا المجلس العربي، الذي يرأسه الرئيس التونسي السابق، محمد المنصف المرزوقي، "القوى المعارضة لتوحيد الإرادة وإطلاق حوار وطني بغرض التصدي للانحراف التسلطي للرئيس قيس سعيد، وإنقاذ تونس من العودة إلى ما قبل ثورة 17 كانون الأول/ ديسمبر 2010".
وطالب بـ"تقديم خارطة طريق لإصلاح الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد"، وفق نص بيان صدر باسمه.
اعتبر الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي سفيان علوي في قراءة خاصة لـ"عربي21" أنه "من الصعب التوحد في جبهة واسعة لغياب تام للثقة بناءا على تجارب سابقة للالتقاء".
واستدرك سفيان علوي قائلا: "لكن هذا العامل ليس مطلقا بدليل التقاء نجيب الشابي مع النهضة و تركيبة جبهة الخلاص".
وفسر علوي أسباب عدم التوحد من خلال عامل آخر ثان وهو "الرغبة في تحجميم حقيقي لوزن النهضة وسحب خزانها الانتخابي واقتسامه من ناحية والخوف من كلفة الاقتراب منها على الجبهة الداخلية للأحزاب والعلاقة مع قوى الضغط الأخرى من ناحية ثانية".
وأضاف: "العامل الثالث مرتبط بتشكّل سريع لما يمكن تسميته طبقة الدولة بالالتفاف حول السلطة القائمة خوفا وطمعا، وهذا التشكل الاجتماعي السياسي يملي تحولات سريعة في المواقف والمواقع".
أما العامل الرابع وفق المحلل علوي، فيتمثل في عودة خطاب الكراهية والوصم والانقسام وهذا يقلل من فرص التلاقي حتى على الحد الأدنى.
وخلص علوي إلى أن "الالتقاء يتطلب توفر عرض سياسي ذكي وجامع ووساطات ناجعة وخطاب يزرع الأمل في المستقبل ويستعيد الثقة".
وسبق أن أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس النتائج الأولية للاستفتاء الذي دعا إليه الرئيس، قيس سعيد، على مشروع الدستور الجديد، والذي قاطعته أغلب القوى السياسية في تونس.
وقال رئيس الهيئة فاروق بو عسكر، إن نسبة التصويت في الاستفتاء في الداخل والخارج بلغت 30.5، في حين بلغ عدد المصوتين بـ"نعم" 94.60 بالمئة، مقابل 5.40 للإجابة بـ"لا".