ما تلبث
العنصرية الإسرائيلية أن تظهر بين حين وآخر ضد فلسطينيي48، في ظل وجود غطاء حكومي رسمي
من قبل الوزارات والجهات الأمنية، وآخرها ما ستعلنه بلدية العفولة في الأيام المقبلة
عن منع مدارس تعليم القيادة من عقد دروس في جميع أنحاء المدينة أيام السبت والأعياد
اليهودية، ويحظى الاقتراح بتأييد رئيس البلدية آفي الكاباتس، وقبوله من جميع القوى
السياسية المشاركة في الائتلاف البلدي، وبالتالي من المحتمل أن تتم الموافقة عليه بأغلبية
كبيرة.
يعني
هذا القرار منع مدارس تعليم قيادة السيارات من التجمعات السكانية الفلسطينية المحيطة
بالعفولة من عقد دروس لتعليم قيادة السيارات في أيام السبت والأعياد اليهودية، مع العلم
أن العفولة، التي يقيم فيها 55 ألف نسمة، هي المدينة الكبيرة الوحيدة في المنطقة التي
تضم عدة تجمعات سكانية عربية بعشرات الآلاف، ومنها بلدة إكسال ذات العشرين ألف نسمة،
حيث يتم إجراء اختبارات القيادة تحت رعاية مكتب الترخيص الموجود في العفولة، وتجري
بشكل أساسي في شوارعها.
أرييه
ديان الكاتب في موقع "زمن إسرائيل"، ذكر في مقال ترجمته "عربي21"
أنه "من الطبيعي أن يرغب مدرّبو القيادة من إكسال وباقي الفلسطينيين في المنطقة
في تدريب طلابهم في أيام السبت والأعياد اليهودية، عندما تكون حركة السيارات في وسط
العفولة وأحيائها خفيفة، وقد أصبحت هذه الشوارع مكانًا مثاليًا لتدريب الشبان والشابات
العرب على اختبارات القيادة، لكن بلديتها للأسف تريد منعهم من هذا الحق، بزعم الحفاظ
على الطابع اليهودي للمدينة، لأنه مصلحة مركزية للبلدية".
وأضاف
أن "شعار الحفاظ على "الصورة اليهودية" لمدينة العفولة هي ادعاءات عنصرية
تستغل كمحاولات متكررة لاستبعاد فلسطينيي48 من مراكز القوة السياسية وساحات النشاط
الاجتماعي في دولة الاحتلال، لأنهم في المقابل يشعرون أن "هويتهم الوطنية"
تتلاشى وتضيع بالفعل، لأنه في يوم السبت عندما تكون الطرق أكثر هدوءًا بفعل إجازة اليهود،
تبرز هويتهم الوطنية أكثر، مما شكل مصدر قلق في نظر نشطاء القوى السياسية اليهودية
المتطرفة في العفولة".
ليست
المرة الأولى التي تشهد فيها مدينة العفولة الفلسطينية المحتلة مظاهر عنصرية من قبل
اليهود المستوطنين، ففي عام 2019، قررت البلدية حظر دخول غير سكان العفولة للحدائق
العامة، ثم منعت فلسطينيي48 من شراء وحدات سكنية فيها، وقد تسبب هذان القراران في حدوث
ضجة عامة كبيرة، لأنها مشوبة بالعنصرية، وكذلك يأتي قرار مدارس السياقة، ما يشير إلى
وجود رغبة عنصرية لدى سكان العفولة اليهود في استبعاد الفلسطينيين من المدينة.
مع العلم
أن كل من يتجول في وسط العفولة في السنوات الأخيرة ومراكز التسوق في دولة الاحتلال
بشكل عام، فسوف يلاحظ العامل البارز الذي يغير وجه المجتمع الإسرائيلي بطريقة بعيدة
المدى، وهو أن الوجود العربي الفلسطيني يزداد بروزاً يوماً بعد يوم، وفي العفولة هذا
ملحوظ ليس فقط في الحدائق وسيارات الفلسطينيين التي تسير على الطرقات نصف الخالية في
أيام السبت، وإنما من اللافتات الموجودة في المباني الإدارية وسط المدينة، حيث أسماء
المحامين والمحاسبين وأطباء الأسنان باللغة العربية؛ بما في ذلك فريق هبوعيل العفولة
لكرة القدم، حيث إن العديد من لاعبيه من العرب.
من الواضح
أن هذه المظاهر تسبب إزعاجا للعنصريين اليهود الذين يسارعون لطرح شعار "الحفاظ
على الطابع اليهودي" لمدينة العفولة، رغم وجود فجوة هائلة، تزداد عمقًا كل يوم،
بين الواقع المعيشي للطرفين، فالفلسطينيون يواجهون ظروفا سيئة، فيما اليهود يتمتعون
بكل الامتيازات، وهذا التنافر يولد بشكل متكرر رغبة اليهود في العفولة وغيرها من المدن
بطرح المزيد من المبادرات لإقصاء الفلسطينيين من المواقع التي يستحقونها.
تطرح
بعض الأصوات الإسرائيلية أن مثل هذه الممارسات العنصرية ضد فلسطينيي48 من شأنها
"تسميم" الوضع السياسي في دولة الاحتلال أكثر فأكثر، ومع مرور الوقت تنشئ
مجتمعا ثنائي القومية، يعبد الطريق أمام تصنيفها بأنها دولة فصل عنصري، وتطبق نظام
الأبارتهايد.