في الوقت الذي قدم فيه الرئيس الأمريكي جو بايدن كل ما طلبته دولة الاحتلال، سياسيا وعسكريا واقتصاديا، فإنه لم يقدم للفلسطينيين شيئا، باستثناء بعض الأموال والحديث العام، دون تعهد جدي بإقامة دولة فلسطينية، ما أثار استياء في أوساط الفلسطينيين، رصدته الدوائر الإسرائيلية جيدا، ووضعت توقعات لها بإمكانية اندلاع موجة مواجهات جديدة رداً على هذا الإهمال الأمريكي لقضيتهم العادلة.
وتعتقد المحافل الأمنية والعسكرية الإسرائيلية أن جولة بايدن لن تسفر عن استقرار سياسي أو ميداني مع الفلسطينيين، في ضوء أنهم لم يتلقوا أي شيء تقريبًا من الولايات المتحدة، وهو ما يتزامن مع اقتراب الانتخابات الإسرائيلية، التي يركز مرشحوها على أن الفلسطينيين أقل أهمية من إيران، مع أن الحقيقة غير ذلك تماما.
الجنرال مايكل ميلشتاين رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز دايان بجامعة تل أبيب، والباحث بمعهد السياسة والاستراتيجية بجامعة رايخمان، ذكر أنه "من الصعب على الفلسطينيين ألا يعربوا عما أصابهم من خيبة أمل من زيارة بايدن، رغم أنهم لم يزرعوا توقعات خاصة له، وقد علموا قبل الزيارة بأسابيع عديدة أن محور الزيارة هو السعودية، وأن الهدف منها تعزيز المصالح الأمريكية، خاصة أسعار النفط".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، وترجمته "عربي21"، أن "هذه الرؤية الفلسطينية من إحباط الفلسطينيين في السنوات الأخيرة تتزامن مع القناعة بعدم إحلال السلام الإقليمي قبل تسوية جميع شؤونهم أولاً، لكنهم فوجئوا بحصول إسرائيل على الموافقة السعودية لرحلاتها الجوية فوق أراضي المملكة، ما اعتبره الفلسطينيون مسمارا آخر في نعش قضيتهم التي باتت ضحية الاتفاقيات الإبراهيمية للتطبيع، فضلا عن قناعتهم المتزايدة لدى الفلسطينيين بأن الزيارة شكلت فرصة لتحقيق إنجازات لإسرائيل".
اقرأ أيضا: WP: زيارة بايدن تذكير للفلسطينيين بأن إدارته لا تدعم قضيتهم
في الوقت ذاته، يرصد الإسرائيليون أن ما زاد في إحباط الفلسطينيين أن "إعلان القدس"، الذي أعلنه الرئيس الأمريكي جو بايدن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، لم يتضمن وعدا بإحداث انفراج في المفاوضات السياسية، ولم تحقق إنجازات مهمة للسلطة الفلسطينية، باستثناء المساعدات المالية الموعودة للمستشفيات في شرقي القدس، وقد اعتبروه إنجازا رمزيا شكليا.
صحيح أن الأمريكيين غاضبون من الفساد المستشري في السلطة الفلسطينية، ما أثّر على أموال المساعدات المحولة منهم، لكن في الوقت ذاته هناك أمل متواضع في رام الله لتوسيع المساعدات الاقتصادية من الإمارات والسعودية، فضلا عن الولايات المتحدة، الذين أبدوا حتى الآن تشدّدا تجاهها، ورغم أن هذه الأطراف منشغلة بقضايا أخرى، لكن الأخيرة تخشى من التحركات السياسية التي ستؤثر على الساحة السياسية الداخلية الإسرائيلية عشية الانتخابات المقبلة.
ورغم ما قدمه بايدن من إنجازات لدولة الاحتلال خلال الزيارة، لكن المحافل الإسرائيلية تبدي قلقها من استمرار حماس في محاولة إشعال الأوضاع حول المسجد الأقصى والضفة الغربية، من خلال مواصلة التحريض لتفجيرها، ما يعني أن شعور الإسرائيليين بتحقيق إنجازات من زيارة بايدن ليس سوى وهم عبثي، لأنهم يظنون أنهم ابتكروا صيغة لتحقيق النجاحات الإقليمية على حساب إهمال القضية الفلسطينية.
في مثل هذه الظروف، توصي الأوساط الإسرائيلية قادة الأحزاب المتنافسة في الانتخابات المقبلة المقررة في نوفمبر، بضرورة إدراج مسألة مستقبل العلاقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين كقضية مركزية في الخطاب الانتخابي المتوقع، وشرح رؤيتهم حول هذه القضية، التي لا تقل أهميتها الاستراتيجية الوجودية عن القضية الإيرانية.
تشكيك إسرائيلي في التزام بايدن بمنع حيازة إيران قوة نووية
صحف عبرية تتناول تأثير زيارة بايدن على القضية الفلسطينية
التشاؤم من نتائج زيارة بايدن يتصدر تغطية الصحف العبرية