من جديد،
تكشف دولة الاحتلال عن جانب من تمييزها العنصري، ليس هذه المرة ضد الفلسطينيين فحسب،
بل ضد اليهود من أصل إثيوبي، مما أثار غضبهم، وإثارتهم للمقارنة القاسية بين تعامل
الدولة وأجهزتها المختصة مع يهود أوكرانيا، وحملة التسهيلات المقدمة لهم، وبسرعة قياسية،
أمام التباطؤ الحاصل في إجراءات استقدام اليهود "الفلاشا".
آخر
هذه المظاهر العنصرية تمثلت في "تأخير وزارة الخارجية استكمال المرحلة الثانية لهجرة
قرابة 1500 يهودي إثيوبي بسبب رفض لجنة العمال في الوزارة إرسال المطاعيم الصحية، وبدونها
لن يتمكن هؤلاء من الوصول إلى دولة الاحتلال، مما أثار غضب الوكالة اليهودية التي اتهمت
الوزارة بعرقلة إجراءات استقدامهم، رغم أن الوضع في إثيوبيا غير مستقر، والعملية تمر
في مرحلة حرجة".
إيتمار
آيخنر المراسل السياسي لصحيفة "
يديعوت أحرونوت"، أكد في تقرير ترجمته
"عربي21" أن "الخلاف العمالي في وزارة الخارجية يتفاقم، بين لجنة العمال
وإدارة الوزارة، مما تسبب بتأخير نقل مئات اللقاحات إلى إثيوبيا، وتعرض عملية استقدام
المهاجرين اليهود للخطر، فالحديث يدور عن شحنة من أربعة أنواع من لقاحات شلل الأطفال
واليرقان والحصبة، تهدف لتلقيح 1500 يهودي من المتوقع أن يهاجروا إلى إسرائيل، وبدون
أن يحصلوا على هذه المطاعيم، فلن يتمكنوا من الهجرة لإسرائيل".
وأضاف
أنه "بعد هذا التأخير، ناشدت الوكالة اليهودية على وجه السرعة لجنة الاستثناءات
التابعة للجنة وزارة الخارجية السماح بإرسال المطاعيم، لأن هناك خطوطا حمرا أهمها
عدم التلاعب بحياة اليهود هناك، ويجب توفير اللقاحات على الفور، صحيح أن هناك إضرابات
في وزارة الخارجية، لكننا نريد استثناء هجرة اليهود من إثيوبيا من هذه الفعاليات، خاصة أنهم أكملوا جميع مراحل الهجرة، وهذه آخر خطوة قبل هجرتهم لإسرائيل".
أوري
فردانيك رئيس رابطة يهود إثيوبيا اتهم رئيس الوزراء ووزير الخارجية يائير لابيد، بأنه
"يميز ضد الإثيوبيين اليهود، وبينما يحصل يهود أوكرانيا على سجادة حمراء، ويهاجرون
إلى إسرائيل دون أي قيود، فلا يُسمح لليهود الإثيوبيين بالهجرة، بزعم احتجاجات موظفي
وزارة الخارجية، مع العلم أنه تمت الموافقة على استمرار عملية تهجير يهود إثيوبيا كجزء
من قرار الحكومة في نوفمبر 2021، ويتوقع أن يصل 3000 مهاجر جديد من إثيوبيا لإسرائيل
في الأشهر المقبلة".
تكشف
هذه الجوانب من التمييز بين يهود ويهود عن حالة من التفكك الاجتماعي والتفسخ الداخلي
في دولة الاحتلال، لا سيما ضد يهود إثيوبيا الذين سبق لهم أن نظموا احتجاجات كبيرة
في شوارع تل أبيب، مما أزاح النقاب عن معدلات الانقسام والتباين فيها، والتشظي إلى
مجموعات متناقضة، وباتت كل مجموعة عرقية جغرافية تتجاهل تماما أي معاناة لأفراد المجموعة
الأخرى، بل يسعون في كل مناسبة للتنغيص عليهم، وإيجاد كل ما من شأنه وضع المزيد من
المعاناة عليهم، مما أوجد الإسرائيليين أمام حالة من فقدان مطلق للثقة بهذه الدولة.
حتى إن شبكات التواصل الاجتماعي الإسرائيلية غصت في السنوات الأخيرة بسيل جارف من المنشورات
والتعليقات التي تعج بالعنصرية والإساءات القاسية ضد باقي مكونات المجتمع الإسرائيلي،
لا سيما ضد اليهود الإثيوبيين، مما يؤكد أن المجتمع الإسرائيلي دخل مرحلة التفكك، ويسارع
الخطى نحو هذه المرحلة نحو مزيد من التفسخ، وغياب للتجانس، والنتيجة أن المجتمعات التي
تفقد التضامن الداخلي سرعان ما تتفكك إلى صراعات إثنية وقومية واجتماعية، حتى تتحطم
من داخلها.