صحافة إسرائيلية

سفير واشنطن السابق لدى تل أبيب يكشف كواليس "صفقة القرن"

فريدمان: السياسيون الإسرائيليون رأوا في صفقة القرن خطوة ستمنح نتنياهو إنجازا كبيرا لذا حاولوا عرقلتها- جيتي
رغم تراجع الحديث الأمريكي والإسرائيلي عن "صفقة القرن"، بعد إزاحة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن المشهد السياسي، يكشف السفير الأمريكي الأسبق في تل أبيب ديفيد فريدمان عن حقائق جديدة من خلال كتابه الجديد، ومنها تعاون أفيغدور ليبرمان ونفتالي بينيت مع بيني غانتس لوضع العصي في عجلات الصفقة، في محاولة واضحة لمنع بنيامين نتنياهو من تحقيق إنجاز انتخابي في آذار/ مارس 2019.

وفيما نجح فريدمان بإقناع ترامب بالاعتراف بسيادة دولة الاحتلال على مرتفعات الجولان السورية، فقد عمل الاثنان على التمهيد لعرض رؤية تسوية كاملة في صيف ذلك العام، لكن العقبة الوحيدة كانت الانتخابات الإسرائيلية المبكرة التي جرت في غضون أسابيع قليلة، وقد سبقها بعام نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، وتعيين صديق إسرائيل مايك بومبيو وزيراً للخارجية، وبدأ مستشارو ترامب المقربون "يسخرون" الدول العربية لتحرك سياسي مهم، مع تقديم المساعدة الاقتصادية للفلسطينيين.

موشيك كوفارسكي الكاتب الإسرائيلي في موقع "ميدا"، كشف في مقال ترجمته "عربي21" بعضا من أسرار وكواليس صفقة القرن، كما جاءت في الكتاب الجديد لفريدمان، ومنها أن "نتائج الانتخابات الإسرائيلية في حينه أسفرت عن انشقاق ليبرمان عن الكتلة اليمينية التي قادها نتنياهو، مما أدى لتفاقم عدم الاستقرار السياسي، وتأخير نشر صفقة القرن، ووجدت إسرائيل نفسها في حالة اضطراب سياسي، وحملات انتخابية متلاحقة".

وأضاف أن "فريدمان حاول الاستفادة من الوقت، فعقد في حزيران/ يونيو 2019 المؤتمر الاقتصادي في البحرين لمناقشة الاستثمارات في الضفة الغربية كجزء من الصفقة، التي اقتنع الأمريكيون أنه لن يتم إعلانها رسميا في كانون الثاني/ يناير 2020، لأن الحملة الانتخابية المقبلة للرئاسة في نهاية العام ستؤدي لتلاشي الفرصة، لا سيما مع تزامنها مع التوجهات الإسرائيلية لإعلان ضم مناطق في الضفة الغربية، وهو ما دفع غانتس خلال لقائه مع ترامب لقبول صفقة القرن، جنبا إلى جنب مع إلقاء القنبلة المتمثلة بعدم السماح لنتنياهو بفرض خطة الضم قبل الانتخابات، لمنعه من تحقيق مكاسب سياسية في أوساط المستوطنين".

وأوضح أن "سلوك غانتس، وقبله ليبرمان، أكد أن شعار "إسرائيل أولاً" وضعاه جانبا لتحقيق مكاسب حزبية ضيقة، ولذلك حاربا نتنياهو في توجهه للإعلان الفوري عن ضم غور الأردن، وقد حاول فريدمان التوسط بينهم، لكن ضغط الانتخابات المقبلة في إسرائيل عمل على تعقيد الصورة أكثر، مما أشعر نتنياهو بالأذى، بسبب جهود غانتس "التخريبية"، حيث حاول فريدمان، دون جدوى إقناعه بالموافقة على خطة الضم على مراحل، لكن دوافعه في الرفض جاءت لحرمان نتنياهو من تحقيق مكاسب انتخابية".

وأكد أن "ليبرمان من جهته تسبب في إفشال صفقة القرن حين رفض الانضمام لحكومة اليمين بحجة رفض جلوسه مع المتدينين، رغم أن الولايات المتحدة أوشكت على نشر الصفقة، لكنها احتاجت حكومة إسرائيلية مستقرة، في حين أراد خصوم نتنياهو فقط التخلص منه، ويخلص فريدمان إلى أن توجه ليبرمان ضد نتنياهو أحبط عرض الصفقة حتى ذلك الحين، فيما وصف وزير الحرب آنذاك نفتالي بينيت صفقة القرن بأنها "كارثة"، وعندما تحدث فريدمان معه خفف ردود أفعاله".

خلاصة ما ورد في كتاب فريدمان الجديد أن السياسيين الإسرائيليين رأوا في صفقة القرن خطوة ستمنح نتنياهو إنجازًا كبيرًا في الرأي العام الإسرائيلي، ولذلك فقد أبدوا استعدادهم لإلحاق الأذى بـ"إسرائيل"، ومستقبلها، طالما أن ذلك من شأنه وقف تمدد نتنياهو ويفسح المجال كي يخلفوه، وهو ما حدث في النهاية.