أثار قرار السلطات المصرية بالقبض على "ظرفاء الغلابة" وتوجيه اتهامات لهم بنشر أخبار كاذبة وحبسهم على ذمة القضية؛ لانتقادهم غلاء الأسعار بشكل ساخر في إطار تمثيلي، تفاعلا واسعا على وسائل التواصل الاجتماعي.
وألقت قوات الأمن القبض على ثلاثة أعضاء من صناع محتوى "ظرفاء الغلابة" على تطبيق "تيك توك"، الذين يقومون بتقديم فقرات مصورة متنوعة وساخرة بزيهم الصعيدي التقليدي، ومن المثير أن معظمهم في طور الكهولة وليس الشباب.
وحظيت القناة باهتمام شعبي وحصلت على أكثر من 410 ألف إعجاب، منذ نشر أول مقطع على الصفحة في نهاية عام 2020، وانتشرت المقاطع المصورة الساخرة من الغلاء وارتفاع الأسعار على جميع مواقع التواصل الاجتماعي.
@aantarrr #متابعه #لايك❤️ #اكسبلور #ظرفاء #الغلابه ♬ الصوت الأصلي - ظرفاء الغلابة
وترتكز فكرة المقاطع المصورة على تأليف كلمات ساخرة عن وضع اجتماعي أو اقتصادي ما على لحن أغنية شهيرة تحظى بشعبية واسعة في مصر، ويصاحبها أداء خفيف الظل من وجوه ليست من نجوم الفن، وإنما من لون وشكل الإنسان المصري البسيط سواء في الريف أو المدن في الدلتا والصعيد.
ونقل موقع المنصة عن محامي الظرفاء الثلاثة إسلام سلامة، الذي حضر التحقيق معهم بنيابة أمن الدولة، قوله؛ إنه تم إلقاء القبض عليهم من مدينة أسيوط (صعيد مصر)، وترحيلهم لنيابة أمن الدولة بالقاهرة، وعرضوا خلال يومي الاثنين والثلاثاء، ووجهت لهم النيابة تهمة نشر أخبار كاذبة، وقررت حبسهم 15 يوما على ذمة القضية 440 لسنة 2022، وتم ترحيلهم لسجن أبو زعبل.
أحد تلك المقاطع المصورة هو "دعاء البطة" التي قاربت بلوغ 11 مليون مشاهدة، حيث أظهر مقطع التفاف الظرفاء الأربعة حول بطة بعد ارتفاع الأسعار، ليقوم أحدهم بالدعاء بإخلاص من أجل تكون من رزقهم في حين يقوم باقي الفريق بالتأميم.
@aantarrr #ظرفاء #الغلابة #متابعه#اكسبلور# ##لايك❤️❤️ #ضحك😂 ♬ الصوت الأصلي - ظرفاء الغلابة
اقرأ أيضا: وثيقة تؤكد إلغاء حكومة مصر دعم الكهرباء بالكامل منذ عامين
وأثار إلقاء القبض على الظرفاء موجة تضامن على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب سخريتهم من الغلاء وارتفاع الأسعار، حيث استهجن المتابعون من استهداف السلطات المصرية لمحتوى يعكس طبيعة الشعب المصري، الذي يسخر من الأزمات والمشاكل اليومية التي تحيق به.
فيما رأى البعض الآخر، أن القبض على صناع المحتوى، يؤكد أن النظام مهزوز وخائف، حيث إنه ليس لهم انتماء لتيار سياسي، ولا شهادات تعليمية جامعية.
وقال بعض النشطاء: "إذا تمت إحالة فريق ظرفاء الغلابة إلى نيابة أمن الدولة وحبسهم بسبب حديثهم الساخر عن الغلاء، فأولى بهم القبض على رئيس سلطة الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، الذي أكد مرارا حقيقة الغلاء وارتفاع الأسعار في مصر، دون أن توجه له تهمة "نشر أخبار كاذبة".
وقبل أيام، أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام 12 قرارا بغلق وحجب بعض المواقع الإلكترونية والحسابات والصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي وقنوات على يوتيوب، وتطبيق إلكتروني، ذلك بدعوى مخالفتهم الأكواد والمعايير الإعلامية ومواثيق الشرف الإعلامي أو الصحفي.
في سياق تعليقه على واقعة اعتقال وحبس محتوى "ظرفاء الغلابة"، قال الصحفي محمد نصر: "يبدو أن النظام المصري لديه مشكلة من أبسط أشكال الإبداع أو حرية التعبير بالقبض على ظرفاء الغلابة، التي تذكرنا بواقعة القبض على فرقة "أطفال شوارع" قبل بضعة سنوات، بعد بثهم فيديوهات بسيطة ساخرة".
وأوضح نصر لـ"عربي21": "مثل هذه الوقائع تضرب في التاريخ المصري؛ حيث من المعروف عن المصريين حبهم للفكاهة والسخرية حتى من الأوقات العصبية مثل الغلاء أو الفقر أو ارتفاع الأسعار أو غيرها، وبدلا من تشجيع هذا النوع من التعبير عن الرأي أو الفن تقوم الحكومة بملاحقتهم وسجنهم"
وأشار الصحفي المصري إلى أن "الفن المتاح هو على شاكلة الاختيار 3 وغيرها من الأعمال الفنية التي تنتجها الجهات الأمنية وتشرف عليها من أجل تلميع صورة النظام، إلا أن الأزمة أن النظام لا يسمح حتى بالتنفيس عن النفس بشكل ساخر أو جاد؛ خوفا، كما في العهود السابقة، من تحوله إلى غضب في الشارع أو بين المواطنين ضد سياساته الاقتصادية القاسية، ويرى أن هؤلاء يمثلون تهديدا حقيقيا للنظام".