مفكر إسرائيلي: الابتعاد عن واشنطن خطر على المشروع الصهيوني
عربي21- عدنان أبو عامر26-Mar-2208:13 PM
شارك
الشبان اليهود الجدد أقل انخراطا في اللعبة السياسية الأمريكية وأقل انضماما للخدمة العامة- جيتي
ما زالت العلاقات الأمريكية الإسرائيلية متأثرة بالمراحل
الصعبة التي عاشتها إبان حقبة رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو، وحالة التباين
في المواقف من القضايا المختلفة، صحيح أن سلفه الحالي نفتالي بينيت يحاول استعادة زخم
العلاقة مع واشنطن، لكن التحذيرات الإسرائيلية على حالها بأن إضعاف النفوذ اليهودي
في مراكز القوة في الولايات المتحدة، والابتعاد بين مصالح واشنطن وتل أبيب، وتآكل مكانة
الأخيرة في الرأي العام الأمريكي، تشكل خطراً وجودياً على المشروع الصهيوني برمته.
أفينوعام بار يوسف رئيس معهد سياسات الشعب اليهودي، حذر في
مقاله بصحيفة "معاريف"، ترجمته "عربي21" أن "حرب أوكرانيا
تشكل تحذيرا قويا لإسرائيل، لأن مشاهد لاجئيها حول دول العالم تعيد للأذهان ما عاشه
اليهود بعد الحرب العالمية الثانية، مما ساهم بدوره في إيجاد التعاطف مع المشروع الصهيوني
بين الديمقراطيين والجمهوريين الأمريكيين على حد سواء، حينها فهم اليهود الأمريكيون
أن إنجازاتهم ستكون جزئية دون تأثير سياسي، مما دفعهم لتأهيل الساسة الأمريكيين لتحويلهم إلى أصدقاء لإسرائيل، وشجعوا الشباب اليهود الأمريكيين لتولي مناصب في وسائل الإعلام، والوصول
لمناصب عليا في الحكومة الأمريكية".
وأضاف أن "هذا التدرج في تنامي النفوذ اليهودي داخل
الولايات المتحدة لم يظهر مسألة الولاء المزدوج، صحيح أن ولاءهم بطبيعة الحال للولايات
المتحدة، الدولة التي منحتهم حقوقًا متساوية، وضمنت لهم الحرية، لكنهم في الوقت ذاته
يعتقدون بأهمية الدفاع عن مصالح إسرائيل، وأن التزامهم تجاهها عميق، بدليل أن إسرائيل
حين وجدت نفسها في ضائقة وجودية خلال حرب 1973 جاءها القطار الجوي لينقذها، ووصل السلاح
في الوقت المحدد، في الدقيقة التسعين".
كثيرة هي المواقف السياسية والعسكرية التي سعت فيها واشنطن
لطمأنة الإسرائيليين، وإبلاغهم بأنهم في "أيد أمينة"، فضلا عن بذل قصارى
جهدها لضمان التفوق العسكري النوعي لإسرائيل في المنطقة، حتى ظهر نوع من التطابق بين
مصالحهما في كثير من المراحل، بدليل أنه في عهد الرئيس الأسبق بيل كلينتون، كان 7 من
كبار المديرين التنفيذيين الـ12 في مجلس الأمن القومي يهودًا، رغم أن السنوات الأخيرة
باتت تقدم لإسرائيل معطيات مقلقة، أهمها أنها أصبحت أقل جاذبية للجيل الأمريكي الأصغر
سنًا.
أكثر من ذلك، تعبر المحافل الإسرائيلية في تل أبيب عن قلقها
مما تعتبره تراجع التأثير اليهودي في واشنطن، الذي كان على مر السنين من الأصول الاستراتيجية
للسياسة الأمريكية، لكنها تآكلت مع مرور الوقت، فيما سئم الجيل اليهودي الشاب من المشروع
الصهيوني، وغدا التزامهم بالجذور اليهودية أقل وضوحا من الأجيال السابقة الذين عرفوا
الهولوكوست، وعاشوها.
ملاحظة لافتة تستوقف الإسرائيليين، ومفادها أن الرئيس الأمريكي
جو بايدن صحيح أنه متعاطف مع اليهود والمشروع الصهيوني، لكن إسرائيل في الحقيقة ليست
من أولوياته، كما أن ضغط الطرف المناهض لها في حكومته لم يهدأ، وفي هذه الحالة تبدو
إسرائيل مطالبة بتفهم مسؤوليتها تجاه يهود الشتات، وتخفيض الحواجز أمام تياراتهم المختلفة،
وتخصيص ميزانية للتعليم اليهودي في العالم، وإطفاء نار الكراهية الداخلية بين اليهود
أنفسهم.
تتوافق الأوساط الإسرائيلية على فرضية تفيد بأن القيادة اليهودية
في أمريكا الشمالية تمر بفترة انتقالية بين الأجيال، لأن الشبان اليهود الجدد أقل انخراطا
في اللعبة السياسية الأمريكية، وأقل انضماما للخدمة العامة، وتولي مناصب في وسائل الإعلام
والأوساط الأكاديمية، وهو نذير خطر للنفوذ الإسرائيلي في واشنطن.