منح البرلمان الليبي، الثلاثاء، الثقة لحكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا، في جلسة سبقها جدل حاد تزامنا مع محاصرة قوات حفتر لمقر البرلمان بطبرق فيما اتهمت حكومة الوحدة الوطنية الليبية، رئاسة مجلس النواب بالتزوير مؤكدة استمرارها في عملها.
وقالت عضو مجلس النواب، عائشة الطبقلي لـ"عربي21" إنه تم "منح الثقة رسميا حيث تعتبر الحكومة شرعية من اليوم وبذلك تنتهي حكومة الدبيبة".
وعقد البرلمان الليبي جلسة الثلاثاء، للتصويت على التشكيلة الوزارية لرئيس الحكومة المكلف فتحي باشاغا، عقب تعديلها، بعد جدل شهدته جلسة البرلمان أمس الاثنين ما فرض تأجيلها.
باشاغا والدخول للعاصمة
وقال رئيس الحكومة المكلف فتحي باشاغا بأنه باشر الترتيبات الإدارية والقانونية، عبر اتصالات بكل الجهات الأمنية والعسكرية، ليكون تسليم السلطة آمنا وسلسا، على حد تعبيره.
وأضاف:
"ستتسلم الحكومة عملها من العاصمة طرابلس سلميا منوها إلى أن منح الثقة جاء
بطريقة وشفافة وعلنية".
وأوضح
باشاغا أنه لم يأت "للانتقام وتصفية الحسابات، بل لبناء الوطن بالجميع"
مضيفا أنه ملتزم بإجراء الانتخابات في موعدها المحدد في خارطة الطريق، على حد
قوله.
وتابع
رئيس الحكومة المكلفة بأنه سيلتزم بخارطة الطريق التي أقرها مجلس النواب وسيقررها
قريبا مجلس الدولة.
الأعلى للدولة يعترض
من
جهته، قال المجلس الأعلى للدولة إن "ما صدر من مجلس النواب اليوم من منح
الثقة لحكومة جديدة هو مخالفة للاتفاق السياسي".
وأوضح
بيان للمجلس أنه "كان قد أكد رفضه للخطوات التي يقوم بها مجلس النواب منفردا،
وسيكون للمجلس جلسة يوم الخميس المقبل لاتخاذ ما يلزم من إجراءات اتجاه هذه
المخالفات".
وشدد
المكتب الإعلامي للمجلس في بيانه على "تأكيده بأن استمرار إغلاق الدائرة
الدستورية جريمة إنكار للعدالة".
تهديد الدبيبة
من جانبه، قالت حكومة الوحدة الوطنية إنها ستعتبر أي محاولة لاقتحام مقراتها، هجومًا ضد مقرات حكومية، مشددة على أنها ستحاسب كل من يتجرأ على الاقتراب من أي مقر حكومي.
كما دعت حكومة الوحدة، في بيان مطول، المجلس الرئاسي ورئيس المحكمة العليا بوصفه رئيس المجلس الأعلى للقضاء، إلى فتح الدائرة الدستورية، لإيقاف العبث الذي تمارسه السلطة التشريعية ومحاولتها لاحتكار السلطات.
الدبيبة يرفض
من جهتها، اتهمت حكومة الوحدة الوطنية الليبية، رئاسة مجلس النواب بالتزوير مؤكدة استمرارها في عملها، برئاسة عبد الحميد الدبيبة.
وقالت حكومة الوحدة الوطنية، في بيان نشر على منصة "حكومتنا"، أن "ما حدث اليوم في جلسة مجلس النواب يؤكد استمرار رئاسته في انتهاج التزوير لإخراج القرار باسم المجلس بطرق تلفيقية".
وأكدت الحكومة أنها "مستمرة في عملها، ولن تعبأ بهذا العبث، مركّزة جهودها في إنجاز الانتخابات في وقتها في شهر يونيو القادم"، وفق نص البيان.
وأوضحت: "لقد تابع الليبيون التزوير في العدّ الذي كان واضحا بالدليل القطعي على الشاشة، حيث لم يبلغ العدّ النصاب المحدد من قبل المجلس لنيل الثقة على الرغم من عدم وضوح صورة مانحي الثقة".
كما نوهت إلى "ما أفاده عدد من أعضاء مجلس النواب بعدم وجودهم في طبرق على الرغم من احتسابهم ضمن العدّ الذي لم يبلغ النصاب أساسا حتى بذلك".
حكومة باشاغا المعدلة
و أجرى رئيس الحكومة المكلف فتحي باشاغا تحويرات في تشكيلته الحكومية حيث ألغى وزيري الدولة للقادة الشباب ولشؤون الانتخابات من التشكيلة المعدلة فيما أضاف نائبا جديدا لرئيس الحكومة حيث أقدم على تسمية خالد الأسطى في المنصب ليصبح لرئيس الحكومة ثلاثة نواب.
اقرأ أيضا: برلمان ليبيا يؤجل جلسة الثقة بحكومة باشاغا.. خلافات ومشاورات
ودان مجلس النواب الليبي، تعرض هام من أعضاءه لتهديدات بالقتل و استهداف عائلاتهم و التهديد بالمنع من العودة لبيوتهم، منوها إلى أن الأمر وصل إلى الإعتداء على المنازل، تزامنا مع محاصرة قوات حفتر لمقر البرلمان بطبرق و منع نواب من مغادرة المدينة.
وأكد بيان المجلس الذي إطلعت عليه "عربي21"، تضامنه التام ودعمه لجميع النواب تجاه ما يتعرضون له بغض النظر عن أي توجه سياسي ،كما أكد على حرية رأيهم و رفض أي محاولات للتأثير على مواقفهم السياسية.
كما حمل المجلس السلطة التنفيذية كامل المسؤولية على أمن وسلامة أعضاء مجلس النواب ،كما طالب النائب العام بفتح تحقيق عاجل فيما حدث و إحالة المجرمين إلى العدالة.
تهديدات حفتر
وقالت وسائل إعلام محلية إن قوات تابعة للقائد العسكري خليفة حفتر، حاصرت مقر البرلمان وفندق إقامة النواب بمدينة طبرق، كما أجبرت طائرة النواب على الرجوع إلى طرابلس فارغة.
فيما أكد النائب الليبي جبريل أوحيدة في تصريحات صحفية إنه لم يذهب إلى طبرق لأسباب أمنية نتيجة تهديدات بالقتل، موضحا أن الأمن الرئاسي على علم بها ولم يتخذ أي إجراءات حيالها.
اقرأ أيضا: ما مصير حكومة باشاغا بعد تراجع المشري وجدل "التشكيلة"؟
ويليامز.. التوافق مهم
إلى ذلك، جددت المستشارة الأممية ستيفاني ويليامز خلال لقائها ممثلي المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا تأكيدها على أهمية التوافق والشمولية في البيئة السياسية المعقدة.
وشدد ويليامز في تغريدة على تويتر، على "المضي قدما في تلبية مطالب الشعب في إجراء الانتخابات من خلال انتخابات حرة وذات مصداقية بناء على قاعدة دستورية سليمة وقوانين انتخابية توافقية"
— Stephanie Turco Williams (@SASGonLibya) March 1, 2022
وأعلن رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، في 10 من شباط/ فبراير الجاري، التصويت لصالح مقترح لتعديل "الإعلان الدستوري"، بأغلبية الأعضاء الحاضرين.
وكان المجلس الأعلى للدولة أعلن رفضه التعديل الدستوري وتغيير السلطة التنفيذية، يوم الخميس الماضي، وذلك مع إعلان باشاغا أنه أعد التشكيلة الحكومية وأحالها إلى مجلس النواب.
وأثار القرار ذاته انقساما جديدا بين المؤسسات الليبية، فيما تمسك رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة بمنصبه إلى حدود إجراء انتخابات جديدة، بدعم أممي.
و بعد فشل إجرائها في 24 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، لم يتم الاتفاق على تاريخ جديد لإجراء انتخابات في البلاد، لكن مجلس النواب اعتمد خارطة طريق تتضمن إجراء الانتخابات في مدة لا تتجاوز 14 شهرًا من تاريخ التعديل الدستوري.
وتعاني ليبيا حالة من عدم الاستقرار مع توالي المراحل الانتقالية، واستمرار حالة من الفراغ السياسي عموماً بسبب الخلافات بين الأطراف الداخلية.