صحافة دولية

NYT: أطفال مقاتلي تنظيم الدولة لا يستحقون هذا المصير

لا يزال أكثر من 7000 طفل أجنبي محاصرين في معسكرات اعتقال في شمال سوريا- جيتي
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا للسفير الأمريكي السابق ومساعد الأمين العام للأمم المتحدة لقضايا لم شمل الأسرة والعودة إلى الوطن في شمال شرق سوريا، بيتر غالبريث قال فيه إن أحد المراهقين المحتجزين استنجد في رسالة صوتية مدتها 11 ثانية قائلا: "أخشى أن أموت في أي لحظة.. أنجدوني". كان درعا بشريا لمقاتلي تنظيم الدولة وهو واحد من حوالي 150 قاصرا أجنبيا تم احتجازهم كرهائن في سجن في شمال شرق سوريا الشهر الماضي. وحتى لو نجا من الحصار، فإن آفاقه قاتمة.

بينما تجاوز الغرب إلى حد كبير بعد ثلاث سنوات من سقوط ما تسمى بالخلافة، فإنه لا يزال أكثر من 7000 طفل أجنبي محاصرين في معسكرات اعتقال بحكم الأمر الواقع في شمال شرق سوريا تديرها على مضض الإدارة الذاتية التي يقودها الأكراد في شمال وشرق سوريا (هؤلاء الأطفال هم من قرابة 60 دولة، بما في ذلك فرنسا وتونس وبريطانيا - لكن الرقم لا يشمل آلاف الأطفال العراقيين والسوريين أيضا في معسكرات وسجون مقاتلي تنظيم الدولة وعائلاتهم).

كان الحصار -الذي انتهى بخسائر فادحة عندما استعادت القوات التي يقودها الأكراد السيطرة على السجن الأسبوع الماضي- بمثابة تذكير يائس بأن معظم هؤلاء الأطفال لم يرتكبوا جرائم: اختار آباؤهم، وليس هم، الذهاب إلى سوريا للانضمام إلى تنظيم الدولة. كان معظمهم على الأرجح أصغر من أن يشاركوا في الجرائم الوحشية لتنظيم الدولة.

ومع ذلك، فإنه نظرا لأن العديد من الدول رفضت إعادة المواطنين البالغين الذين انضموا إلى تنظيم الدولة، حتى إن البعض يزعم أنه ليس لديهم التزامات قانونية بمساعدتهم، فإن معظم هؤلاء الأطفال يواجهون نفس المصير، الاحتجاز غير المحدد الذي يواجهه آباؤهم.

ظروف معسكر الاعتقال مروعة وخطيرة. إنها أيضا أرض خصبة للتطرف والجيل القادم من أتباع تنظيم الدولة.

في عالم مثالي، كان الحصار الأخير -حيث سعى مقاتلو تنظيم الدولة إلى تحرير المقاتلين المحتجزين وإطلاق سراح موجة من المتطرفين- قد دفع الحكومات إلى إعادة النظر في إعادة مواطنيها إلى الوطن. ولكن من تجربتي الخاصة في المساعدة في تسهيل عمليات الإعادة إلى الوطن، أعلم أنه يجب علينا أن نكون واقعيين: هناك القليل من الزخم أو الإرادة الواضحة للعمل بسرعة كافية أو على النطاق المطلوب لإنقاذ معظم هؤلاء الأطفال.

دعت الجماعات الحقوقية الدول على مدى سنوات لاستعادة مواطنيها. قامت بعض البلدان بإعادة أمهات مع أطفال إلى الوطن مؤخرا حتى الأسبوع الماضي؛ أخذ آخرون أعدادا صغيرة من الأيتام أو الأطفال الذين انفصلوا عن والديهم. ولكن بالنسبة للجزء الأكبر، فإن الوضع اليوم هو وضع يبدو أن العديد من البلدان تتباطأ فيه أو ترفض استعادة سجناء تنظيم الدولة والأمهات وأطفالهن.

بالنظر إلى الضرورة الملحة، فإنه يجب أن يكون هناك حل أكثر أمانا: على السلطات الكردية، بمباركة ودعم مالي من أمريكا وشركائها في التحالف، إخراج الأطفال من معسكرات الاعتقال. هذه هي الطريقة الوحيدة لمنحهم فرصة أفضل في الحياة والعودة في النهاية إلى الوطن.

قد يبدو هذا قاسيا -إبعاد الأطفال عن أمهاتهم، الذين لن يكون لهم رأي في القرار ظاهريا. يجادل البعض بأنه انتهاك للحقوق. لكن الوضع الراهن- تركهم في ظروف بائسة لينشأوا متطرفين- أسوأ بالنسبة للأطفال ولنا.

في المخيمين الكبيرين اللذين يؤويان معظم الأطفال الأجانب، فإن الصرف الصحي سيئ، والرعاية الصحية على أقل مستوى والتعليم معدوم في الغالب. تقيم العائلات في خيام تتجمد في الشتاء وتشتد فيها الحرارة في الصيف.

في حين أن هذا قد لا يبدو مختلفا عن القذارة الموجودة في مخيمات المهاجرين في أماكن أخرى، إلا أن هناك فرقا كبيرا: تهيمن النساء الراديكاليات هنا، ما يخلق إمكانية لأطفالهن - وأطفال النساء الأخريات - لامتصاص الفكر المتطرف ويصبحوا جيلا مستقبليا من المتطرفين.

في حين أن بعض البلدان، كما ذكرنا، قد استقبلت نساء وأطفالا، فإن معظم هؤلاء الأمهات بلا مستقبل، ومن غير المرجح أن تتم إعادتهن إلى الوطن. ولا حاجة لأن يشاركهن الأطفال نفس المصير - فمعظمهم ما زالوا أصغر من أن يتم تلقينهم العقيدة.

بدلا من ذلك، فإنه يمكن وضع الأطفال مع أسر حاضنة كردية أو في قرى أطفال خاصة على غرار تلك التي تم إنشاؤها في النمسا للأطفال غير المصحوبين بذويهم بعد الحرب العالمية الثانية. من خلال عملي في المنطقة، ناقشت هذه الأفكار مع أصحاب المصلحة الذين بدوا متقبلين.

لدى الأكراد لجان نسائية تهتم بالفعل بالأطفال الذين تيتموا أو تقطعت بهم السبل في هذا الصراع. لقد شاهدت فعاليتها بنفسي عندما عملت على لم شمل الأمهات الأيزيديات بأطفالهن. لقد قدموا ليس فقط الطعام والملابس والأدوية ولكن أيضا الحب والاهتمام. سيكونون أكثر من قادرين على القيام بمهمة أكبر بكثير تتمثل في مساعدة هؤلاء الأطفال.

هذا ليس عرضا مكلفا للغاية. فبتكلفة 100 دولار لكل طفل شهريا - وهو مبلغ سخي في شمال شرق سوريا - يمكن أن تكون التكلفة السنوية للرعاية بالتبني وقرى الأطفال، بما في ذلك الإدارة، أقل من 10 ملايين دولار. يمكن بسهولة تغطية هذه النفقات المتواضعة من قبل الدول التي ترفض إعادة مواطنيها البالغين إلى أوطانهم.

الحضانة هي حل مؤقت. بمجرد الخروج من المخيمات، يمكن إعادة الأطفال بسهولة إلى بلدانهم الأصلية -وهذا هو الهدف النهائي وينبغي أن يكون كذلك.

من واقع خبرتي، يتحدث معظم الأطفال اللغة ولديهم شبكات دعم في بلدانهم الأصلية. معظم بلدانهم الأصلية لديها موارد أكبر لتكريسها لهؤلاء الأطفال أكثر من الأكراد السوريين.

وكلما طالت مدة بقاء هؤلاء الأطفال في المخيمات، قلت جاذبيتهم كمرشحين للعودة إلى الوطن. إن إخراجهم من المخيمات بالكامل هو أفضل أمل لمنحهم مستقبلا حقيقيا.

الفصل القسري في بعض الحالات "سيراكم الصدمات فوق الصدمات الحادة"، وفقا للأمم المتحدة. ففي حين أن بعض الأمهات قد يرحبن بفكرة أن يتمتع أطفالهن بفرصة العيش خارج السجن، فإن معظمهن سيقاومن بلا شك فقدانهم.

وهذا بالتأكيد سيكون قاسيا ومؤلما للأطفال. لكني أعتقد أنه من الأكثر قسوة الحكم على طفل بالسجن المؤبد لأن أحد الوالدين اتخذ قرار الذهاب إلى سوريا للانضمام إلى منظمة إرهابية.

العديد من الدول الغربية -بما في ذلك أمريكا- لا تترك الأطفال على المدى الطويل مع آبائهم المحتجزين. في الدول التي قد تؤوي أطفالا في السجون جنبا إلى جنب مع أمهاتهم، يمكن إطلاق سراح هؤلاء النساء بعد أن أمضين عقوبات. أو يمكن لأطفالهن أن يكبروا ويخرجوا. ليس هذا محتملا بالنسبة لمعظم الأطفال الأجانب المحتجزين في شمال شرق سوريا.

أعمل كمستشار غير رسمي للأكراد في ما يتعلق بالعائلات الأجنبية. والقادة الأكراد الذين تحدثت معهم يعتبرون الوضع الحالي غير مستدام. لقي أكثر من 10,000 من مقاتليهم مصرعهم في المعركة ضد تنظيم الدولة. آخر شيء يريدونه هو أن يبلغ جيل جديد من المقاتلين سن الرشد في السجون التي يديرونها.

على الرغم من أنهم أقروا لي بشكل خاص بأنه يجب إخراج الأطفال من معسكرات الاعتقال، إلا أنهم لم يكونوا مستعدين لقول ذلك واتخاذ هذه الخطوة دون موافقة دولية صريحة. هذا هو السبب في أن مثل هذه الخطة يجب أن يتم إقرارها وتعزيزها وتمويلها من قبل أمريكا، الحليف الأكثر أهمية للأكراد السوريين - ومنظومة الأمم المتحدة.

بمجرد أن يضع الأكراد الترتيبات البديلة للأطفال، فإنه يجب على الدول التحرك بسرعة لإعادة مواطنيها الأطفال. وهناك أسباب معقولة للاعتقاد بأنهم سيفعلون ذلك. وعلى عكس البالغين، لا يُنظر إلى الأطفال على أنهم يشكلون خطرا.

لا أطرح هذا الأمر باستخفاف. من المؤكد أن هناك اعتراضات من منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الإنسانية التي تدين فصل الأطفال على أنه ضار وتصر على أن الحل هو أن تعيد الحكومات جميع مواطنيها، لكننا نعلم أن هذا لن يحدث إلى حد كبير.

وتنص اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل على أنه لا يجوز فصل الطفل عن والديه رغما عنهما، ما لم يعتبر الانفصال في مصلحة الطفل الفضلى.

من الواضح أنه ليس من مصلحة أي طفل أن يكون محاطا بأيديولوجية إرهابية أو يواجه السجن مدى الحياة، دون أن يرتكب أي جريمة.