نشرت مجلة "إيكونوميست" تقريرا علقت فيه على المأساة الإنسانية في بحر المانش وحددت فيها مظاهر الفشل في سياسة الهجرة البريطانية. وجاء فيه أن قاربا منفوخا غرق في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر أمام شاطئ كاليه في فرنسا.
وقتل على
الأقل 27 شخصا وتم إنقاذ عدد قليل على يد خفر السواحل الفرنسيين. وكان المهاجرون
يحاولون الوصول إلى بريطانيا عبر خط مشهور ولكنه خطير.
وبعد جهود
السلطات خلال الأعوام الماضية وقف تدفق المهاجرين من القارة الأوروبية عبر
الشاحنات فقد بدأت أعداد منهم باستخدام الزوارق الصغيرة.
وفي 11 تشرين
الثاني/ نوفمبر وصل عدد الذين وصلوا إلى ساحل كينت إلى سجل قياسي وهو 1,185 مهاجرا
في اليوم. وترى المجلة أن وفاة المهاجرين حوّلت الخلاف السياسي إلى مأساة. وتحولت
عمليات عبور القنال الإنكليزي في الأسابيع القليلة الماضية إلى صداع للحكومة.
وحتى نواب
البرلمان الذين استنفذهم النقاش حول فساد المسؤولين في الحكومة وحصولهم على وظيفة
ثانية إضافة لمسؤولياتهم الحكومية، فقد تلقوا رسائل من مواطني مناطقهم الانتخابية تفوقت
على تلك التي عبروا فيها عن قلقهم من الهجرة أكثر من قلقهم بشأن الفساد. وتقول
نسبة 60% من الناخبين المحافظين إن مشكلة الهجرة وطالبي اللجوء السياسي هي أكبر
الموضوعات التي تواجه البلد اليوم.
اقرأ أيضا: دعوات بريطانية لملاحقة المهربين بعد غرق مركب مهاجرين
وترى نسبة 80% أن الحكومة تعاملت معها بطريقة
سيئة. وظللت المأساة الأخيرة الثمن البشري لما كان يتم نقاشه حتى وقت قريب بأنه
حسابات انتخابية. فرئيس الوزراء بوريس جونسون الذي أقام حملته الانتخابية على
"استعادة السيطرة مرة ثانية" بما في ذلك الحدود، وهي مخاوف تفوقت على ما تحيط به حركة معادية للهجرة. وأشارت المجلة إلى ما قاله نيك توماس-سيموندز،
وزير شؤون الداخلية في حزب المحافظين الذي وصف غرق المهاجرين بأنه أوضح لحظة تدعو
إلى يقظة الحكومة.
وقبل أسبوع
أمر جونسون بمراجعة تهدف لوقف القوارب الصغيرة من محاولة عبور القنال. ولكن هذا الأمر
سهل عندما يتم الحديث عنه ولكن ليس تطبيقه. وفي التحضيرات لانتخابات عام 2019،
قالت بريتي باتل، وزيرة الداخلية بأنها ستقوم بتخفيض عدد المهاجرين الذي يحاولون
الوصول إلى بريطانيا من خلال هذا الطريق للنصف، وبدلا من ذلك فقد زادت النسبة إلى 14
ضعفا. ومضى المهاجرون في طريق خطير لأسباب لا تستطيع الدول التي يقصدونها السيطرة
عليها، مثل المجاعات والحروب.
وتعمل
المساعدة التي تقدمها الدول المانحة لدولهم على إعطاء الأمل بأن يبقوا في بلادهم بدلا من تلك الدافعية للهجرة. ويريد الكثيرون في مخيم كاليه الوصول إلى بريطانيا
لكي ينضموا لعائلاتهم، كما تقول فرانسيس تيمبرليك من مركز المرأة المهاجرة، وهي
منظمة إغاثة. وهناك آخرون يريدون الخروج منه بسبب الظروف البائسة فيه. وتقدر
المنظمة غير الحكومية -المجلس الأوروبي للاجئين والمنفيين- أن نصف
المتقدمين لطلبات لجوء في فرنسا عام 2019 وفرت لهم مساكن. ومن يصل من المهاجرين
إلى الشواطئ البريطانية فإن لديهم حق تقديم طلب لجوء سياسي.
وكانت بريطانيا كعضو في الاتحاد الأوروبي تستطيع
استحضار ميثاق دبلن، وهي اتفاقية وقعت عام 2013، وتزعم أن الدولة الأولى التي يصل
إليها المهاجر هي الواجب أن تقبل طلب لجوئه. وفي الحقيقة فإعادة من وصلوا أو
انتقلوا من بلد إلى آخر تعتبر مهمة صعبة، وعلى أية حال لم تعد بريطانيا خاضعة لهذه
المعاهدة. وسيكون لمعظم الذين قطعوا القنال هذا العام الحق في التقدم بطلب لجوء
سياسي. وبحسب مجلس اللاجئين فإن المهاجرين الذين يصلون بالقوارب من بلاد المنشأ التي لديها مستويات عالية
لقبولهم. فما بين كانون الثاني/ يناير وأيار/ مايو 2021، كان الإيرانيون أكبر
الجماعات بمعدلات قبول 67% مقارنة مع 52% لكل الجنسيات. وبالنسبة للسوريين، فهم
رابع أكبر الجماعات من المهاجرين فنسبة القبول هي 88%.
ومنذ التصويت
على الخروج من الاتحاد الأوروبي لم يعد الناخبون البريطانيون مهتمين بالمهاجرين
القادمين للعمل أو الانضمام للعائلة. إلا أن نسبة 56% لديهم مواقف غير محبذة من
المهاجرين الذين يدخلون بريطانيا بطريقة غير شرعية. وتم إغلاق كل الطرق للهجرة، ولا توجد هناك خطط
لتقديم تأشيرات إنسانية لطالبي اللجوء. وتم الإعلان عن خطة في آب/ أغسطس لإعادة
توطين اللاجئين الذين عملوا مع الدول الغربية والمنظمات الأجنبية، لكنها لم تظهر
بعد. وفكرت باتيل باستخدام قوات الحدود البريطانية لإجبار القوارب على العودة إلى
المياه الإقليمية الفرنسية، لكن الخطة قد لا تكون شرعية بناء على قوانين البحرية.
وتم طرح خطة أخرى وهي الاحتفاظ بالمهاجرين في أماكن خارج بريطانيا أثناء النظر في
طلباتهم.
وقالت وزارة
الداخلية إنها تجري محادثات مع ألبانيا وهو زعم نفاه رئيس وزرائها. وفي مركز جهود
باتيل يتم بحث مشروع قانون الحدود والمواطنة الذي أعلن جونسون أنه بات ملحا بعد
المأساة الأخيرة. وسيقوم على نظام من فئتين، ومنح الواصلين إلى بريطانيا بطرق غير
شرعية فرصة أقل وحرمانهم من الانضمام لعائلاتهم. وتعرضت الخطة لانتقادات واسعة.
وبحسب الرأي القانوني الذي طلبته المنظمة غير الحكومية بتجنب التعذيب، فإن أجزاء
من القانون تمثل انتهاكا للقانون الدولي. ولن تؤدي هذه الانتقادات إلى منع تمريرها في
مجلس العموم ولكنها قد تتأخر في مجلس اللوردات.
وعلى أي حال،
فلا توجد هناك أدلة عن تأثر خيارات المهاجرين بسياسات الهجرة القاسية. وفي مسودة
لوزارة الداخلية لتقييم القانون فإن هناك محدودية ردع له. وتوصل الباحثون الذي قابلوا المهاجرين الذين عبروا
البحر المتوسط أثناء أزمة اللاجئين في 2015 إلى نفس النتيجة. ولن يتم تقليل أزمة
المهاجرين والثمن البشري إلا من خلال التعاون الفرنسي-البريطاني. وفي 24 تشرين
الثاني/ نوفمبر، اتفق جونسون مع الرئيس
الفرنسي إيمانويل ماكرون على التعاون وملاحقة عصابات تهريب المهاجرين. وأعلن
ماكرون أنه سيمنع تحول القنال الإنكليزي إلى مقبرة للمهاجرين. إلا أن التعاون
يحتاج إلى الثقة وهي غائبة، فهناك خلافات بين البلدين حول تصاريح الصيد.
ويواجه ماكرون
جولة إعادة انتخابات في نيسان/ إبريل المقبل ويريد الظهور بمظهر من يدافع عن
المصالح الوطنية. وبعد الغرق عبر جونسون عن إحباطه من فرنسا لعدم قدرتها على وقف
القوارب القادمة للشواطئ الإنكليزية، وأعاد التذكير بأن بلاده عرضت دوريات
بريطانية للشواطئ الفرنسية وهو ما لم تستجب باريس له. وبحسب قصر الإليزيه فإنه يجب على
بريطانيا التوقف عن استغلال وضع مخيف لخدمة أغراضها السياسية.
ويقول
الفرنسيون إنهم يبذلون الجهود لمنع مغادرة المهاجرين، وقالوا إن حوالي 31,500
مهاجر حاولوا العبور وتم إنقاذ 7,800 منهم أو إعادتهم إلى فرنسا. وفي 23 تشرين
الثاني/ نوفمبر اعتقلت السلطات الفرنسية 15 شخصا على علاقة بعصابات التهريب والتي
جلبت 250 مهاجرا عبر القنال مقابل 6,000 يورو. وبالنظر للوضع من اليونان وإيطاليا
القريبتين من مناطق التوتر فإن عدد القادمين عبر القنال الإنكليزي صغير جدا. ومع تغير
الأحوال الجوية وزيادة صعوبة قطع البحر فسيقل عدد الذين سيحاولون العبور، لكن مات
عشرة مهاجرين خلال الأسابيع الماضية بالإضافة للمأساة الأخيرة. وذكرت هذه الحكومة
الخائفة من دفع ثمن سياسات الهجرة الفاشلة في صناديق الاقتراع إن عبور القنال له
ثمن إنساني أيضا.
"ليبراسيون" تتناول "الجانب الخفي" للشراكة بين مصر وفرنسا
هيرست يهاجم تصنيف بريطانيا لحماس إرهابية ويوضح تداعياته
لوموند: السيسي زبون ثمين للسلاح الفرنسي بدعم إماراتي سعودي