ملفات وتقارير

ارتباك إسرائيلي تجاه السياسة الروسية وتباينات حول إيران

خبراء: في حال حصول تطور متسارع للعلاقات بين موسكو وطهران، فإن استعداد الروس للتعاون مع إسرائيل قد يتغير بشكل كبير
عقب أول قمة رئاسية جمعت رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يسعى الإسرائيليون للتعرف على طبيعة العلاقة المستقبلية بين الرجلين، وتأثيرها المتوقع على شكل السلوك الروسي تجاه إسرائيل، وسط تساؤلات حول إمكانية أن يكون بوتين "صديقاً للشعب اليهودي"، كما أسماه بينيت، وفي نفس الوقت يبيع أسلحة متطورة وحديثة الصنع لإيران، العدو اللدود لإسرائيل، ما يجعل أمام بينيت هدفا رئيسيا يتمثل في فهم المنطق المعقد للروس.

ولفت الحوار الطويل الذي جمع بوتين وبينيت انتباه الكثيرين في إسرائيل لطرح السؤال الرئيسي: هل نجح بينيت في تحقيق إنجازات سياسية مع روسيا بشأن القضية الإيرانية، مع العلم أن اجتماعهما تزامن مع لقاء وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو برئيس الأركان الإيراني محمد باجري، ووقع معه العديد من صفقات الأسلحة المهمة، تمهيدا لإنشاء لجنة عسكرية تكنولوجية ستجتمع قريبًا في طهران؟

كاسينيا سفيتلوفا المستشرقة الإسرائيلية كتبت في موقع "القناة 12" أنه "بالنسبة لبوتين فلا تناقض بينهما، فلديه علاقات استراتيجية مع الأتراك والأكراد، وإيران والعرب ودول الخليج، ومع فتح وحماس، ومع حزب الله وإسرائيل، طالما أن هذه الروابط مفيدة في عمل تنفيذ السياسة الروسية، خاصة لتوسيع النفوذ، وإرساء أسس عميقة في الشرق الأوسط، مما يعني أن روسيا مصممة على لعب رقعة الشطرنج عندما تقوم بتنشيط جميع الشخصيات، الصغيرة والكبيرة، بالأبيض والأسود".

وأضافت في مقال ترجمته "عربي21" أن "اللعبة الروسية معقدة، فهي مهتمة بمواصلة تسويق أسلحتها المتطورة للإيرانيين، لكنها تخشى حصولهم على أسلحة نووية، ولا تريد أن تتفاجأ بخطوة جريئة على هذا المستوى، وفي الوقت نفسه مهتمة باستمرار التعاون مع الإيرانيين في سوريا للحفاظ على نظام الأسد، ما سيسمح له بالسيطرة على الأراضي السورية، رغم أن هناك عددا غير قليل من تضارب المصالح بين روسيا وطهران، خاصة حول بحر قزوين، وتحديداً في أذربيجان".

ويعتقد الإسرائيليون أن العلاقات الروسية مع إيران لم تكن سلسة أبدًا بزعم عداء الطرفين لبعضهما، وإن كان غير ظاهر، لكن الإيرانيين يخشون أن يصبحوا في نهاية المطاف ورقة مساومة في طريق تحسين العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة، ولذلك عولت شخصيات مختلفة داخل المؤسسة السياسية والأمنية على آمال "كاذبة" في ما يتعلق بالتحالف بين روسيا والولايات المتحدة وإسرائيل في سوريا ضد الوجود الإيراني.

الحاصل حاليا أن علاقات موسكو وواشنطن استمرت في التدهور، ورغم وعود الروس بمنع الإيرانيين من الاقتراب من الحدود مع إسرائيل، فإنهم يواصلون العمل في منطقة درعا، وقرب الحدود مع إسرائيل، وفي الوقت الحالي، روسيا مستعدة للسماح لإسرائيل بمواصلة العمل في أجواء سوريا، طالما لم يتضرر الجنود الروس.

وتتحدث المحافل الأمنية والعسكرية الإسرائيلية عن أنه في حال حصول تطور متسارع للعلاقات بين موسكو وطهران، فإن استعداد الروس للتعاون مع إسرائيل قد يتغير بشكل كبير، لأن روسيا قادرة على أن يصبح لها دور رائد في المفاوضات النووية الدرامية بين إيران والولايات المتحدة، إذا اختارت ذلك، ومنع صدام محتمل بين إسرائيل وإيران إذا حاولت الأخيرة اختراق حدودها لتصبح في حالة العتبة النووية، أو تعرض فجأة أنها حازت القنبلة الجاهزة.

الخلاصة أنه في سوريا، وفي الوقت الحالي بالذات، يبدو الأمر ثابتًا، ويصعب تغييره، وتحديداً في هذا المجال، حيث تمتلك إسرائيل إمكانية أن تصبح حلقة وصل بين الولايات المتحدة وروسيا على أساس الفهم أن كليهما يخشى إيران النووية، وإذا كانت خمس ساعات من المحادثات بين بينيت وبوتين مكرسة لهذا الاحتمال، فهذا يعني أن قمة سوتشي آتت أكلها على صعيد المصالح الإسرائيلية مع موسكو إزاء مختلف قضايا المنطقة، رغم الشكوك القائمة بينهما.