مقالات مختارة

هل ذاب الجليد بين تركيا والإمارات؟ ماذا جرى خلف الكواليس؟

1300x600

أثارت زيارة مستشار الأمن الوطني الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد إلى تركيا ولقائه بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تساؤلات عدة حول ما إذا كان ذلك يعني ذوبان الجليد في العلاقات بين البلدين.

والمفاجأة التي كانت أكبر من ذلك الاجتماع، هي الاتصال الهاتفي الذي جرى بين الرئيس التركي أردوغان، وولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد، الثلاثاء الماضي 31 أغسطس/آب.

وبطبيعة الحال كان لا بد من التساؤل عن أسباب وملابسات محاولات التقارب التي تقوم بها أبو ظبي الآن، لا سيما وأنها ضالعة بشكل أو بآخر في جميع المحاولات التي استهدفت الإطاحة بالرئيس التركي أردوغان، بدءًا من أحداث غيزي بارك 2013.

ولقد أوضح الرئيس التركي أردوغان في الحقيقة ماهية هذا التطور المفاجئ، خلال لقاء تلفزيوني يوم 18 أغسطس/آب الماضي، بعد ساعات فقط من استقباله طحنون بن زايد. حيث قال أردوغان؛ "مثل هذه التقلبات يمكن أن تحصل وحصلت بين الدول، وهنا أيضا حدثت بعض المواقف المماثلة. تركيا وفي مقدمتها جهاز استخباراتها قامت خلال الأشهر الماضية بعقد بعض اللقاءات مع إدارة أبو ظبي، وتم التوصل خلالها إلى نقطة معينة".

التوصل إلى اتفاقية

تشير هذه التطورات والتحركات في واقع الأمر، إلى أن أنقرة وأبو ظبي على حد سواء، تتحركان وفق إرادة جديدة ترغب بإغلاق الصفحة القديمة وفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين.

لكن السؤال، هو كيف تطورت الأمور لهذا الحد؟ وما الذي جرى خلف الكواليس؟ أو هل يوجد أرضية قوية لتطبيع العلاقات بين البلدين بعد فترة طويلة من التدهور؟

حسب تصوري، فإن المحادثات ستظل مستمرة إلى حين التوصل لتطبيع كامل في العلاقات، ولا شك أن الاستخبارات إلى جانب السلك الدبلوماسي يواصلان محادثاتهما بشكل مستمر في هذا الإطار.

وفق ما سمعته من بعض الأطراف المعنية، فإن "مناقشات ومحادثات متبادلة بين الطرفين أدت إلى التفاهم حول اتفاقية".

لكن ما هذه الاتفاقية؟

حسبما علمته، فإن أنقرة وأبو ظبي ابتعا طريقة تبدأ بالاتفاق حول القضايا المشتركة غير الشائكة، والابتعاد عن القضايا الكبرى المعقدة. ومن ثم مناقشة كيف يمكن وضع خارطة طريق حول النقاط المشتركة، من أجل العمل على مبدأ أفد واستفد. ومن الملاحظ أن هناك إرادة مشتركة عند كلا الطرفين في أن القضايا المعقدة لا ينبغي أن تخلق عقبة أمام فتح صفحة جديدة.

ولذلك نرى أن العلاقات بدأت من الجانب الاقتصادي وما يتعلق به من تجارة واستثمارات. بشكل يعود بالفائدة على الجميع، دون الحاجة للدخول في تعقيدات يصعب الخروج منها.

مساهمة إيجابية في تطبيع العلاقات مع مصر

من المعلوم للمتابع للشأن التركي، أن أنقرة تقوم من أواخر 2020 بمبادرات سياسية خارجية سلمية نحو الغرب والشرق الأوسط والخليج.

من الممكن أن تساهم هذه المبادرات مع الجهود المبذولة للتغلب على بعض الأزمات التي أصبح من الصعب تحملها، والرغبة حماية وضمان المكاسب التي تم تحقيقها لا سيما في ليبيا وقره باغ. إضافة لذلك، من الخطأ أن نعتبر فوز جو بايدن بالرئاسة الأمريكية خلفًا لترامب، مستقل عن هذه المرحلة والتطورات. وهنا لا نتحدث بالطبع عن تركيا فقط، بل هذا الوضع يشمل العديد من الدول في المنطقة بما فيها الإمارات.

إن من أولى القرارات التي اتخذها بايدن فور توليه منصبه، كان إخراج الإمارات من برنامج طائرات إف-35. كما اتخذ أيضًا موقفًا واضحًا إزاء اليمن وقرر وقف مبيعات الأسلحة بشكل مؤقت إلى السعودية.

لا يمكن لأحد أن يزعم بأن خطوات بايدن في هذا الإطار لم تؤثر سلبًا على إدارة أبو ظبي. وربما يكون ذلك هو أحد الأسباب التي دفعت الأخيرة للتعاون مع تركيا بدلًا من الاصطدام معها.

من المتوقع أن يساهم هذا التقارب بين أنقرة وأبو ظبي بشكل إيجابي في جهود تطبيع العلاقات بين أنقرة والقاهرة، والتي بدأت منذ فترة.

والسبب في ذلك هو أن الإمارات تملك تأثيرًا كبيرًا على النظام المصري.

قبل أيام أعلنت الخارجية التركية، أن الجولة الثانية من المحادثات بين تركيا ومصر ستنعقد في أنقرة يومي 7 و8 سبتمبر/أيلول الجاري.

أليس من اللافت للنظر من حيث التوقيت أن يأتي هذا الإعلان في توقيت تشهد فيه العلاقات التركية الإماراتية تحسنًا؟

 

(عن صحيفة يني شفق التركية)