أنباء
عن محاولات انتحار وإضراب عن الطعام بسبب الأوضاع المزرية بسجن العقرب في مصر... بهذه
الجملة استهلت "الشبكة المصرية لحقوق الإنسان" بيانها عن أوضاع المعتقلين
في السجن سيئ السمعة.
ووصف
حقوقيون وسياسيون البيان، الذي صدر الثلاثاء، بأنه "جرس إنذار" قبل فوات
الأوان وإزهاق المزيد من الأرواح في بلد لم يعد من الممكن فيه مراقبة أو محاسبة أو
حتى انتقاد السلطة أو القدرة على إيقاف هجمتها الشرسة على حقوق الإنسان.
وكشفت
"الشبكة المصرية لحقوق الإنسان" في بيانها عن إضراب عدد كبير من نزلاء سجن
العقرب شديد1، إضافة إلى عدد من محاولات الانتحار بين السجناء، بسبب التضييق المتواصل،
ومنع الزيارات، والتريض، وظروف الحبس المأساوية.
وأضاف
البيان: "أدى التنكيل المتواصل بالمعتقلين إلى آثار نفسية وجسمانية خطيرة، تزامنا
مع استمرار إدارة السجن والسلطات المصرية في تجاهل الأوضاع المأساوية التي يعيشها سجناء
العقرب، والتي تزداد سوءا بمضي الوقت".
وحملت
تلك الأوضاع "الشبكة المصرية" على أن تدق ناقوس الخطر، بسبب زيادة محاولات
الانتحار، والاتجاه المتصاعد نحو الإضراب عن الطعام؛ و"هي مؤشرات خطيرة تحتاج
إلى الوقوف أمامها طويلا، وإعادة النظر في أحوال معتقلي العقرب".
وكان
عدد من المعتقلين الشباب حاولوا الانتحار مؤخرا، من بينهم عبد الرحمن طارق "موكا"
ومحمد إبراهيم "أكسجين"، فضلا عن تلويح بعض الشباب بعد خروجهم في صفحاتهم
الخاصة على "فيسبوك" بخيار الانتحار بسبب معاناتهم وما تعرضوا له داخل السجن.
شهادات
من العقرب
كيف
يختلف سجن العقرب عن باقي سجون مصر؟
يقول المعتقل السابق، الإعلامي المصري مسعد البربري
في شهادته لـ"عربي21": "الاختلافات شاسعة؛ الزنازين هناك ضيقة مصممة
لمسجون واحد فقط لكن فعليا يتم وضع من 3 إلى 4 أفراد فيها، الزنزانة بها مرحاض مكشوف
ولا يسمح بعمل ستارة، الكارثة الأكبر أن السجن ممنوع عنه الزيارات، وعندما كان يسمح
بها فإنها كانت لا تزيد عن دقائق وبالحجز المسبق ومن خلال زجاج وبالهاتف، ولا يسمح بالتواصل الجسدي
مثل السلام والعناق حتى مع الأطفال.
وفي ما
يتعلق بالطعام، أوضح "أن كل السجون بها "كانتين" (كافيتريا) لكن في
العقرب يتم إغلاقه بالشهور، وعندما يتم فتحه يتم استنزاف واستغلال المعتقلين فمثلا
لا يسمح بشراء علبة جبنة مثلثات وإنما يسمح بشراء قطعة واحدة فقط، وعلبة عصير صغيرة
طوال الأسبوع، بأضعاف سعرها، أما أدوات النظافة، حدث ولا حرج، صابونة واحدة لكل استخدامات
السجين لمدة أسابيع وأكثر".
وتابع:
"كنا ندخل في إضرابات ومشاكل مع إدارة السجن للتفاوض بشأن عدد علب العصير وقطع
الجبن، وحبات التمر، والمقصود منها في الأخير هو تعرض أجسام المعتقلين للهزال وبالتالي
فإنهم يصبحون عرضه للأمراض وهذا ما يبرر ظهور كل المساجين بأجساد نحيلة ووجوه شاحبة، والأنكى
أن الزنزانة تظل مغلقة على 3 أو 4 أفراد 24 ساعة لشهور عديدة بدون أن يخرجوا؛ فالزنازين
مصممة بحيث لا تدخلها الشمس وعندما يدخل فيها هواء ساخن لا يخرج منها وكذلك في الشتاء".
"الخلاص
من المعتقلين"
في السياق
أكد المدير التنفيذي للشبكة المصرية لحقوق الإنسان، أحمد العطار، أن "إدارة سجن
العقرب لا تزال تمارس أقصى أنواع التعذيب البدني والنفسي على معتقلي سجني شديد 1 و2، وتزداد معاناتهم مع استمرار منع الزيارات للعام الرابع على التوالي وحرمانهم من
جميع الحقوق الدنيا للسجناء، وإصابة العديد بإصابات وأمراض كثيرة وخاصة في فصل الصيف،
وارتفاع درجات حرارة والتي تزداد سوءا مع قسوة التصميم الخرساني لزنازين السجن والتي
تحولها إلى قطعة من الجحيم".
وأضاف
لـ"عربي21": "ما يزيد الجحيم نارا؛ قيام إدارة السجن بحبس العشرات منهم
في زنازين انفرادية ومنع العديد منهم من التريض والتعرض لأشعة الشمس، وقلة كميات الطعام
الميري والذي يفتقد إلى الكثير من مكونات الصحة والسلامة والفيتامينات والسعرات الحرارية
المطلوبة لحماية الجسم من الأمراض، وعدم توفير العلاج".
وحذر
العطار من أن "كل هذة الأسباب وغيرها أدت إلى تنامي الشعور العام للمعتقلين بأن
إدارة السجن – ومن خلفها السلطات المصرية - تعمل على موتهم والخلاص منهم، وهو ما دعا
عددا من المعتقلين إلى الدخول في إضراب عن الطعام وإقدام البعض على محاولة الانتحار".
"غوانتانامو
السيسي"
بدوره؛
شبه وكيل لجنة حقوق الإنسان، بمجلس الشورى سابقا، الدكتور عز الدين الكومي، سجن العقرب
بـ"غوانتانامو السيسي"، وهو أحد السجون شديدة الحراسة التي تقع ضمن مجموعة
سجون طرة، جنوبي القاهرة، وهو محاط بسور يبلغ ارتفاعه سبعة أمتار، وبوابات مصفحة من
الداخل والخارج.
وعن
معاناة هؤلاء في هذا السجن، أوضح لـ"عربي21": "المعاملة القاسية صيفا
وشتاء.ز في الشتاء يحرمون من الأغطية التي تقيهم من البرد، وينامون على الأرض، وفي الصيف
يتحول السجن إلى جهنم لعدم وجود تهوية ودرجات حرارة تصل إلى 50 درجة مئوية، ولا ماء
باردا ولا استحمام، ما يؤدى إلى انتشار الأمراض الجليدية والحشرات، ناهيك عن الجوع والحرمان،
والأمراض بناء على توجيهات النظام".
واستهجن
الكومي تجاهل السلطات لأوضاع السجناء، قائلا: "طالبنا مرارا بلجان لتقصي الحقائق
في سجن العقرب لكن النظام لا يكترث لمثل هذه المناشدات"، مشيرا إلى أن "أوضاع
السجون في مصر عموما مزرية للغاية فهي عبارة عن علب "سردين" يحشر فيها المعتقلون
حشرا، وتفتقر لأبسط قواعد السلامة من حيث التهوية والنظافة، فالزنازين ضيقة ويوضع فيها
العشرات".