يسعى الأردن للتغلب على النقص الحاد في المياه بالبلاد، بعد دفن مشروع "قناة البحرين" الموقع بين الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية والأردن.
ووقع الجانبان الأردني والإسرائيلي عام 2013 على مذكرة تفاهم بشأن مشروع "قناة البحرين"، في واشنطن، علما أنه تم في العام 2002 الشروع في صياغة المشروع المشترك بتمويل من البنك الدولي إلا أن الأخير أعلن أن "قناة البحرين" لم يعد من ضمن المشاريع المنوي تنفيذها.
وحسب مصدر في وزارة المياه الأردنية تعكف المملكة على بناء مشروع ضخم لتحلية ونقل مياه البحر الأحمر من خليج العقبة جنوب المملكة إلى كافة المحافظات في الفترة بين عامي 2025 و2026.
وتعكف المملكة على إنشاء مشروع الناقل الوطني لتحلية مياه البحر الأحمر، وسيعمل بطاقة أولية بـ 100 مليون متر مكعب، وحسب بيان لوزارة المياه الأردنية "تقدر كلفة المشروع بنحو مليار دولار يهدف إلى تحلية ونقل من 250 إلى 300 مليون متر مكعب من المياه من خليج العقبة على البحر الأحمر إلى جميع مناطق المملكة، لتأمين كميات مياه إضافية مستدامة".
اقرأ أيضا: "كان" العبرية: الأردن تخلى نهائيا عن مشروع "قناة البحرين"
ويعد هذا المشروع بديلا لقناة البحرين، وقال وزير المياه الأردني محمد النجار، في تصريحات لقناة المملكة الرسمية إن "مشروع قناة البحرين، الذي يربط بين البحرين الأحمر والميت أصبح الآن من الماضي وفي خبر كان بسبب عدم وجود اتفاق بين أطراف المشروع".
وأضاف أن "كميات المياه التي كانت منتظرة من مشروع ناقل البحرين لا تكفي احتياجات الأردن بأي شكل من الأشكال".
بدائل متوفرة
النائب في البرلمان الأردني، وخبير المياه والتربة، المهندس موسى هنطش، طرح بدائل عن فكرة الناقل الوطني لتحلية مياه البحر الأحمر بسبب تكلفتها المرتفعة سواء في مرحلة التحلية ثم الضخ إلى المحافظات.
وقال لـ"عربي21"، إنه "من البدائل التي قد توفر احتياجات الأردن من المياه معالجة الفاقد المائي المتأتي من السرقة أو تلف الشبكة، وتبلغ هذه النسبة في عمان 48% في بعض المحافظات تصل إلى 80%، بينما عالميا النسبة 10%، العقوبات غير رادعة يجب إعادة النظر في هذا الأمر ووقف الآبار الجوفية في وسط عمان التي حفرها بعض الشخصيات لمزارعهم".
ومن البدائل الأخرى حسب هنطش "استغلال مياه الأزرق الجوفية وهي مياه عابرة من سوريا إلى الأردن وبجوف الأرض، وبحاجة إلى إعادة تنظيم تلك الأراضي التي تقام عليها المزارع".
ومن البدائل كما يطرح الخبير، العراق من خلال نقل مياه نهر الفرات القريبة إلى الأردن وهي مياه عذبة بحاجة إلى التعقيم فقط.
وتابع أنه من المشاريع الرائدة مشروع حفر آبار من الشونة الشمالية إلى الجنوبية، والتي ستوفر 100 مليون متر مكعب بالسنة حسب دراسة لمنظمة جايكا اليابانية.
ودعا هنطش الحكومة الأردنية لتسيير وفد إلى المملكة السعودية والاتفاق على مد خط جديد من مشروع الديسي لضخ 100 مليون متر مكعب إضافي.
وزير المياه محمد النجار كان أثار جدلا كبيرا حين أعلن في نيسان/ أبريل الماضي عبر حوار متلفز أن "خمسة أشخاص بخلفية عشائرية يسرقون ثمانية ملايين متر مكعب من مياه المملكة سنويا"، وهي نفس الكمية التي اشترتها المملكة من الاحتلال الإسرائيلي في نيسان/ أبريل الماضي.
وأدرج تقرير دولي متخصص في قطاع المياه للمنتدى الاقتصادي العالمي الأردن من بين الدول التي يتوقع أن تواجه عجزا خطيرا بوضع المياه حتى العام 2025، وتواجه البلاد عجزا مائيا في الصيف يبلغ نحو 15 مليون متر مكعب، حسب ما كشفت وزارة المياه والري.
اقرأ أيضا: اقرأ: نهر الأردن يحتضر.. الاحتلال يمتص حقوق الأردن المائية
حل بعيد الأمد
الخبير المائي رئيس مجلس إدارة جمعية إدامة دريد محاسنة، يؤكد لـ"عربي21" أن البديل بعيد الأمد هو "تحلية مياه البحر الأحمر من خلال الناقل الوطني من العقبة وربطه بحوض بالديسي وضخه للمحافظات خصوصا أن مياه الحوض مع الزمن تتناقص".
ويبين الخبير أن "احتياجات الأردن السنوية من المياه تقدر بمليار ونصف بينما يصل المملكة 900 مليون متر مكعب بعجز يصل إلى 30%، مضيفا أن ناقل البحرين حسب المخطط الأصلي له كان سيزود بـ 650 مليون متر مكعب للأردن، و150 مليون متر مكعب لفلسطين لكنه تغير وفي 2013 تم توقيعه على أقل من ذلك".
واعتبر أن سبب فشل المشروع هو عدم اهتمام الجانب الإسرائيلي المكتفي بالمياه من خلال محطات التحلية التي تقوم بتحلية المياه بكلفة 40 سنتا وبيعها بما يقارب دولارا و30 سنتا.
بدوره طالب رئيس لجنة الزراعة والمياه والبيئة النائب محمد العلاقمة، في حديث لـ"عربي21" بوضع خطة طويلة الأمد لضمان أمن الأردن المائي، وقال: "يجب أن تكون هناك لجنة مختصة لدراسة الوضع المائي ووضع خطة استراتيجية لمدة عشرين عاما، كون علاقتنا متغيرة والوضع السياسي يسيطر، واليوم نحن ندفع ثمن مواقفنا مع القضية الفلسطينية".
وطرح العلاقمة حلولا عاجلة منها "وضع خطة مدروسة للواقع المائي، وإنشاء سدود الترابية ومصائد مائية خصوصا في المناطق الجنوبية واستثمار مياه الأمطار من خلال إنشاء بنية تحتية تحافظ على ديمومتها، وزيادة سعة السدود القائمة ومعالجة مشكلة التبخر إلى جانب استخدام التكنولوجيا الحديثة في الزراعة التي لا تعتمد على المياه كثيرا".
واعتبر أن الناقل الوطني وحده لا يكفي لسد العجز المائي في ظل ارتفاع عدد السكان وموجات اللجوء من الدول المجاورة.
حصة الأردن في المياه واتفاقية السلام
ويتقاسم الأردن والاحتلال مياه بحيرة طبريا ونهري اليرموك والأردن، إضافة إلى آبار جوفية. ووفقاً للملحق 2 الذي يفصّل المادة 6 من نص المعاهدة، يحصل الاحتلال على 12 مليون متر مكعب من مياه نهر اليرموك في فترة الصيف، و13 مليون متر مكعب في فترة الشتاء، فيما يحصل الأردن على "باقي التدفق".
ونصت المعاهدة على أنه "يتفق الطرفان بشكل متبادل على الاعتراف بتخصيصات عادلة لكل منهما وذلك من مياه نهري الأردن واليرموك، ومن المياه الجوفية لوادي عربة، وذلك بموجب المبادئ المقبولة والمتفق عليها، وحسب الكميات والنوعية المبينة في الملحق رقم (2)، والتي سيصار إلى احترامها والعمل بموجبها على الوجه الأتم".
كما نصت على "جعل ما يهدر من الموارد المائية بالحد الأدنى وذلك من خلال مراحل استخدامها".
ما هو مستقبل علاقة الأردن بالاحتلال بعد رحيل نتنياهو؟
لماذا يهاب الاحتلال "المفرقعات النارية" في القدس؟
عائلة الشهيد الأردني الطحلة تكشف رحلة الشهادة في غزة