ملفات وتقارير

BBC: لماذا ترفض دول أفريقيا الاعتراف بإبادة الإيغور

تتهم الدول الغربية حكومات أفريقيا بمنح الأولوية للمنافع الاقتصادية بدون اعتبار للقضايا الدولية- جيتي

نشرت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" تقريرا لديكنز أولوي، تساءل فيه عن سبب تردد الدول الأفريقية في دعم الغرب في نقده لسجل الصين في حقوق الإنسان، وبالتحديد معاملتها للمسلمين الإيغور في إقليم تشينجيانغ.

بل على العكس حضر عدد من الدبلوماسيين الأفارقة مناسبة في العاصمة الصينية بكين أثنوا فيها على سياسة الصين في الإقليم. واحتحز حوالي مليون مسلم في نظام معسكرات الاعتقال وسط اتهامات للسلطات الصينية بممارسة عمالة السخرة وتعقيم المسلمات والتعذيب والإبادة، وهي اتهامات تنفيها. ودافعت الحكومة الصينية عن المعتقلات بكونها مراكز تدريب مهني و"إعادة تعليم" لمواجهة الإرهاب والتطرف الديني.

ونقل ما قاله سفير بوركينا فاسو أداما كومباري، أثناء لقاء عقد في شهر آذار/ مارس تحت عنوان "تشينجيانغ في عيون السفراء الأفارقة للصين": "تقوم بعض القوى الغربية بالمبالغة بالموضوعات التي يقولون إنها تتعلق بتشينجيانغ خدمة لأغراضهم".

وشارك في المناسبة السودان والكونغو برازفيل التي قال مبعوثها دانيال أوسواسا، حسبما نقل، إن بلاده تدعم ما قال عنها الإجراءات الصينية لمكافحة الإرهاب في المنطقة. وقال إنه "يثمن الإنجازات العظيمة في تشينجيانغ بالسنوات الأخيرة وفي كل المجالات".

وقالت منظمة "هيومان رايتس ووتش" إن اللقاء هو مثال عن سكوت الأفارقة عن القضايا الدولية الملحة. وفي بيان لفرع المنظمة في أفريقيا قالت مديرته كارين كانيزا: "ربما كان لقاء روتينيا، لكن استعداد الحكومات الأفريقية للصمت على قمع الصين له تداعيات كبيرة".

وأضافت أن "الأفارقة شجبوا لامبالاة الدول لمأزقهم وحاولوا الحصول على تضامن دولي مع معاناتهم".

لكن إيجيومي أوتوبو الزميل غير المقيم في معهد الحكم العالمي في بروكسل يرى أن القادة الأفارقة لديهم فهم مشترك مع الصين قائم على مجالات ثلاثة: حقوق الإنسان والمصالح الاقتصادية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.

لكن مواقف الدول الأفريقية المؤيدة للصين تجعلها على تضاد مع الدول الغربية عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان. ففي أثناء تصويت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف حول قانون الأمن الوطني المتعلق بهونغ كونغ والذي أنهى استقلالية الإقليم، فقد صوتت 25 دولة أفريقية إلى جانب الصين، وهي أكبر مجموعة من أية قارة. وبعد أشهر لم توقع ولا دولة على بيان توبيخ للصين على سجلها في حقوق الإنسان في تشينجيانغ وهونغ كونغ والتيبت، وهو البيان الذي دعمته الدول الغربية.

وتتهم الدول الغربية حكومات أفريقيا بمنح الأولوية للمنافع الاقتصادية بدون اعتبار للقضايا الدولية. ويقول إريك أولاندر، وهو مؤسس مشارك لمشروع الصين-أفريقيا أن عدم استعداء الدول الأفريقية للصين هو "أولوية أهم في السياسة الخارجية". وأضاف أن "هؤلاء النقاد لا يفهمون أن هذه الدول الفقيرة النامية، الكثير منها مدين لبكين وتعتمد على الصين في معظم تجارتها، ولن تكون قادرة على تحمل التداعيات الناجمة عن إغضاب الصين". وهناك عامل آخر، وهو تاريخي يتركز على مساعدة الدول الأفريقية في عام 1970 الصين في الانضمام إلى الأمم المتحدة وسط معارضة الولايات المتحدة. و"منذ ذلك الحين توطدت العلاقات" كما يقول كليف أمبويا، المحلل بالشؤون الصينية-الأفريقية ومقره في نيروبي.

 

ويضيف: "على مدى 30 عاما كان وزراء الخارجية الصينيون يزورون الدول الأفريقية في بداية العام الجديد، ما يعني أن استثمارهم طويل الأمد، ويترك انطباعا قويا على الأفارقة".

وربما لم يعجب هذا الشباب الأفارقة الذين يعجبون أكثر بالولايات المتحدة، حسب دراسة أخيرة "للباروميتر الأفريقي"، إلا أن الجيل السابق وقادة الحكومات يحملون مشاعر مختلفة وهو ما دفعهم للبحث قبل 20 عاما عن دعم الصين في مشاريع البنية التحتية التي غيرت صورة القارة عبر شبكة ضخمة من الجسور والسكك الحديدية والطرق والموانئ وبنى الإنترنت، بشكل يؤكد أن القارة ليست بعيدة عن الاقتصاد الرقمي. وتشكل بعض هذه المشاريع جزءا من مبادرة الحزام والطريق التي وقعت عليها 46 دولة أفريقية.

وتساءل أوتوبو عن مقابل هذه الجهود من الغرب، مضيفا أن من الصعوبة مزاوجة الجهود الصينية. ويرى أولاندر أن غياب الشفافية في العقود الضخمة التي وقعت بين الصين ودول القارة جعلت البعض يتحدثون عن "مصيدة الدين" لهذه الدول مع أنه تم دحض هذه النظرية. وستكون موضوعات مثل تخفيف الدين والحصول على لقاحات كوفيد-19 من أهم الموضوعات في منبر التعاون الصيني الذي يعقد كل ثلاثة أعوام وستستضيفه السنغال هذا العام.

ومنذ اندلاع وباء كورونا كانت الأعلام الصينية أمرا مألوفا في مطارات القارة حيث تؤشر لوصول المعدات الطبية وأجهزة الحماية وأخيرا شحنات من اللقاح الصيني. وانتفعت 13 دولة أفريقية مما أطلق عليها "دبلوماسية اللقاح" التي إما اشترتها أو وصلت كتبرعات.

ومقارنة مع الجهود الصينية فإنه لم يصل من بريطانيا والولايات المتحدة أي دعم لمواجهة اللقاح، باستثناء برنامج كوفاكس الذي تشرف عليه منظمة الصحة العالمية وتدعمه الصين. ووفر "كوفاكس" 18 مليون لقاح لـ41 دولة أفريقية. وأصبحت دبلوماسية اللقاح سباقا عالميا حيث حذر وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب الدول من تلقي اللقاحات الروسية والصينية وانتظار اللقاحات الدولية التي اعتمدت على دراسات.

ولم يكن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن واضحا مثل راب، بل إنه أخبر طلابا أفارقة بـ "أننا لا نطلب منكم الاختيار بين الولايات المتحدة والصين، ولكنني أشجعكم على سؤال أنفسكم أسئلة صعبة والبحث تحت السطح والمطالبة بالشفافية واتخاذ قرارات قائمة على معرفة".

ولا تستطيع الدول الغربية المنافسة في مشاريع البنية التحتية أو القروض، وليست لديها أوراق انتقامية ضد من يتخذون موقف الصين، ولكنها تعتمد على الكليشيهات مثل الديمقراطية والاستثمار في الاقتصاد الحر. وفي الوقت الحالي فإن من المستبعد قيام الدول الأفريقية بالتحرك ضد قادة الصين وجلبهم إلى محكمة الجنايات الدولية بسبب معاملتهم للمسلمين الإيغور، كما حدث لزعيمة ميانمار السابقة لانغ سان سوتشي عام 2019، عندما تقدم وزير العدل السابق في غامبيا بدعوى ضد البلد بسبب معاملتها للمسلمين الروهينغيا. وحصل أبو بكر تامدو على دعم منظمة التعاون الإسلامي وأعضائها الـ57 منهم 27 دولة أفريقية. ودعم الغرب التحرك ونتج عنه طلب محكمة الجنايات الدولية من ميانمار اتخاذ إجراءات لمنع الإبادة.