كشفت صحيفة "الغارديان" عن امبراطورية حاكم دبي العقارية
في بريطانيا.
وقالت الصحيفة في تحقيقها
الذي أعده ديفيد كون وهاري ديفيس وسام كاتلي، وترجمته "عربي21"، إن الشيخ
محمد بن راشد آل مكتوم بنى إمبراطورية أراض وعقارات بمساحة 40 ألف هكتار أو ما يعادل
100,000 فدان، ما يجعله أكبر ملاكي الأرض في بريطانيا بحسب تحليل قامت به الصحيفة.
وتتراوح العقارات التي يملكها حاكم دبي وعائلته من القصور إلى الإسطبلات
ومراكز تدريب الخيول في نيوماركت، إلى البيوت الحجرية البيضاء في المناطق الراقية بمدينة
لندن ومناطق واسعة بما فيها مزرعة إنفريت ومساحتها 25,000 هكتار في الهضاب الأسكتلندية.
وقالت الصحيفة إنها توصلت إلى ممتلكات الشيخ آل مكتوم بالعودة إلى مكتب
السجل العقاري البريطاني.
وتعترف الصحيفة بأن حجم الأراضي التي يملكها غير معروف لأن معظم البيوت
والأراضي التي تعود إليه يملكها عبر شركات مسجلة في الخارج بالملاجئ الضريبية في كل
من "غيرنزي" و"جيرسي". وهو ما يطرح أسئلة حول الحجم الكبير من
الأراضي المملوكة في بريطانيا وإن كانت عقود بيعها مصممة لتجنب دفع الضريبة.
وقالت الصحيفة إن محاميا عن الشيخ آل مكتوم رفض تأكيد التفاصيل عن ممتلكات
الشيخ أو الشركات التي تملك أراضي باسمه، قائلا إن الشؤون المالية له هي خاصة وسرية.
ولكن المحامي نفى أن تكون العقارات التي يملكها الشيخ مسجلة عبر شركات في الخارج، أو
أن عقود بيعها مصممة لتجنب دفع الضرائب في بريطانيا.
واستطاعت الصحيفة بناء صورة عن ممتلكات الشيخ في بريطانيا من خلال منظمة
الشفافية الدولية، والكشف عن أنه يملك ما حجمه 40,000 هكتار تمثل سلطته وتأثيره في بريطانيا.
وتضع العقارات آل مكتوم بين أكبر ملاك الأراضي في بريطانيا متجاوزا ما تملكه الملكة
حسب غاي شرابسول، الخبير في ملكية الأراضي ببريطانيا.
واشترى الشيخ محمد بن راشد مزرعة لونغ كروس عام 1976 بمبلغ 75 مليون
جنيه إسترليني، وأصبحت معروفة لأن ابنته الشيخة شمسة حاولت الهروب منها قبل 21 عاما.
وفي العام الماضي كشف قرار في المحكمة، وبناء على ميزان الاحتمالات ومعيار الإثبات
المدني، أن الشيخ محمد أمر باختطاف شمسة من كامبريدج وقد نقلت إلى عقار آخر يملكه قرب
دالام هول ومن هناك نقلت إلى دبي حيث لا تزال رهينة. ومنذ ذلك الوقت وجدت المحكمة أن
الشيخ قام باختطاف ابنته الشيخة لطيفة في 2002 و2018 ووسع من مملكته العقارية في بريطانيا.
وفي حزيران/ يونيو وبعد ثلاثة أشهر من صدور الحكم اشترت نفس الشركة
في غيرنزي والتي اشترت لونغكروس وهي "سميتش بروبرتيز" قصر "وودهي"
في منطقة ساري بمبلغ 13 مليون جنيه إسترليني، وهو عبارة عن كتلة هائلة مطلية باللون
الأبيض بمدخل من الأعمدة الكلاسيكية، ويقدم كما جاء في عرض بيعه أنه "قصر فخم مع عشرة
أجنحة نوم وعدد من غرف المعيشة وغرف الترفيه وقاعة سينما وحفلات وحمام سباحة".
وأقيم على 10 هكتارات ويبعد أربعة أميال عن أسكوت حيث يشارك في السباقات لخيوله من إسطبلات
"غودولفين". وتعلق بأن ممتلكات الشيخ محمد في نيوماركت، معروفة، خاصة أن فيها
مقرات إسطبلاته "غودولفين" ومنها ترى خيوله وهي تتدرب في المساحات المفتوحة.
لكن ما لا يعرف هي ملكيته لعدد من العقارات الخاصة في بعض المناطق الراقية في لندن:
نايتسبريج، بيلغريفيا وكيزنغتون.
وفي 2013 اشترت واحدة من شركاته عقارا في بيلغريفيا وبساحة إيتون التاريخية،
وكان من أملاك دوق ويسمنستر، بمبلغ 17.3 مليون جنيه إسترليني. وفي 2018 اشترى
"روتلاند هاوس" وهو مبنى من ستة طوابق في نايتسبريج، وكان محلا للاهتمام
الإعلامي حيث دفع ثمنه مبلغا ضخما وهو 61.5 مليون جنيه إسترليني. وكذا الربح الذي حققته
كريستيان كاندي التي أشرفت على تطوير العقار وزودته بحمام سباحة أرضي وحوض سمك وسينما.
ولا تعرف هوية المالك في ذلك الوقت لأن الشركة التي اشترته "ليزيوم ليمتد"
مسجلة في جيرسي، وهي ملجأ ضريبي لا يتم فيه الكشف عن هوية المستفيدين أو المالكين. وقامت
الصحيفة بالتحقيق ووجدت أن "ليزيوم ليمتد" تملك "وارين تاورز"
الذي يعتبر أهم أملاك الشيخ في نيوماركت ويطل على ملعب التدريب لخيوله.
وتعلق الصحيفة بأن بروز الشيخ محمد في بريطانيا والإمارات زاد من تأثيره
داخل المؤسسة البريطانية. وفي ذروة القضية التي رفعتها زوجته الأميرة هيا الحسين، زعمت
فيها أن شرطة كامبريدج شاير أوقفت التحقيق في اختطاف ابنته الشيخة شمسة بعد تدخل نيابة
عن الشيخ أمام الحكومة البريطانية.
ورفضت وزارة الخارجية والكومنولث التي تنكر أنها تدخلت في الموضوع،
الكشف عن المعلومات التي تحتفظ بها قائلة إن فعل هذا سيؤثر على قدرة الحكومة البريطانية
على الترويج وحماية المصالح البريطانية عبر علاقتها مع الإمارات العربية المتحدة.
وقال القاضي سير أندرو ماكفرلين
إنه لم يستطع التوصل إلى إمكانية تدخل لدى الحكومة البريطانية، إلا أن الظروف قادت
لمفهوم بين المدافعين عن الأميرتين للاعتقاد بأن الشيخ سمح له بالتصرف بحرية.
وترى الصحيفة أن ما جعل الشيخ يصعد داخل المؤسسة البريطانية هو استثماراته
الضخمة في سباقات الخيول، حيث استثمر 600 مليون جنيه إسترليني في الفترة
2011- 2020 وحدها، بشكل جعل رياضة السباقات ونيوماركت تعتمد ماليا عليه.
وعلى الخريطة فإن العقارات التي اشتراها الشيخ عبر شركة "أرات إنفستمنت
ليمتد" المسجلة في غيرنزي تبدو وكأنها نصف بلدة. وفي 1981 اشترى الشيخ "دالام
هول" المقام على مساحة 63 هكتارا ثم أضاف إليه في 1994 مولتون بادوك. وبالإضافة
إلى هذه يظهر السجل العقاري أن شركة "أرات إنفستمنت ليمتد" تملك 100 عقار
آخر بما فيها بيوت عادية حول البلدة.
وفي 2019 كشف "جوكي كلاب" عن رسم شخصي للشيخ محمد لتكريمه
على خدماته لسباقات الخيول واقتصاد البلدة وأعمال أخرى بما فيها تمثال للملكة و"من
حسن حظنا أن اتخذ نيوماركت مركزا لإمبراطورية السباقات التي يملكها" قال النادي.
ومنذ قرار المحكمة في شباط/ فبراير والفيديو الذي قالت فيه لطيفة إنها
معتقلة منذ اختطافها في 2018، لم يترك جوكي كلاب أي تعليق إلى سلطة سباقات الخيل البريطانية
التي تعرضت للضغوط لمنع الشيخ محمد بناء على "فحص الكفاءة والشخص المناسب"
الذي عادة ما يطبق على مدراء الجمعيات الخيرية.
ورفضت جولي هارينغتون، المديرة التنفيذية لسلطة سباقات الخيل البريطانية
أن تكشف عن أي إجراءات اتخذت ضد الشيخ محمد لكنها قالت: "نحن على اتصال مع الحكومة
البريطانية لشرح مسؤولياتنا كجهة منظمة" و"التأكيد على أهمية الاستثمار والمساهمة
لصناعة سباق الخيل البريطانية".
وقالت شرطة كامبريدج شاير إنها ستقوم بمراجعة في اختطاف شمسة بما في
ذلك الرسالة من لطيفة عام 2019، التي تدعوها للتحقيق من جديد.
ونفى الشيخ محمد أنه اختطف شمسة ولطيفة وسجنهما. وبعد الإعلان عن قرار
المحكمة أصدر بيانا قال فيه إنه يمثل "وجهة نظر واحدة"؛ لأنه لم يكن قادرا
على المشاركة في جلسات المحكمة مع أن القاضي قال غير هذا، أي قدرته على المشاركة.
وفي شباط/ فبراير قالت السفارة الإماراتية في لندن إن لطيفة "تحظى
بعناية في البيت ومساعدة من عائلتها وأطباء محترفين". وهو ما ترفضه حملة
"الحرية للطيفة".
وفي يوم الجمعة قالت الأمم المتحدة إن الإمارات العربية المتحدة لم
تقدم معلومات قوية عن وضع لطيفة وإن كانت على قيد الحياة.