نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا للصحفي نيكولاس كريستوف، طرح في بدايته السؤال "هل ينبغي لأمريكا والديمقراطيات الأخرى المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية، التي تستضيفها حكومة قالت إدارتا ترامب وبايدن؛ إنها متورطة في الإبادة الجماعية؟".
ويحتدم الجدل حول ما إذا كان سيتم مقاطعة أولمبياد بكين 2022؛ لأن الألعاب ستفتتح في شباط/ فبراير المقبل.
وتقول إدارة بايدن؛ إنها لا تناقش حاليا المقاطعة مع الحلفاء، لكن 180 منظمة لحقوق الإنسان أجمعت على اقتراح المقاطعة، وهناك أيضا مناقشات في كندا وأوروبا حول ما إذا كانت ستحضر.
وبحسب تقرير الصحيفة الذي ترجمته "عربي21"، فإن المسؤولين الأولمبيين وقادة الأعمال يحتجون على أن الألعاب ليست سياسية، لكن هذا أمر مخادع، بحسب الصحيفة.
اقرأ أيضا: دعوات لمقاطعة أولمبياد بكين احتجاجا على انتهاكات الإيغور
وأوضحت أنه "بالطبع هي سياسية، فالزعيم الصيني، شي جين بينغ، يستضيف الألعاب الأولمبية لأسباب سياسية، لكسب الشرعية الدولية حتى في الوقت الذي يصادر فيه الحريات في هونغ كونغ، ويسجن المحامين والصحفيين، ويحتجز الرهائن الكنديين، ويهدد تايوان، والأكثر رعبا، يرأس جرائم ضد الإنسانية في أقصى الحدود في المنطقة الغربية من تشينجيانغ، التي تضم العديد من الأقليات المسلمة".
وقالت؛ إنه من المنطقي أن نتساءل "إذا كان لا ينبغي لعب بطولة البيسبول All-Star Game في جورجيا بسبب قانون قمع الناخبين في تلك الولاية، فهل ينبغي إقامة الألعاب الأولمبية في ظل ما يصفه الكثيرون بالإبادة الجماعية؟".
لكن دعونا أولا أن نسأل: هل ما يحدث في الصين "إبادة جماعية" حقا؟
وثق الصحفيون وجماعات حقوق الإنسان ووزارة الخارجية جهودا منهجية لتقويض الإسلام والثقافة المحلية في تشينجيانغ، وربما تم احتجاز مليون شخص فيما يرقى إلى معسكرات اعتقال.
ويتعرض النزلاء للتعذيب، ويتم إبعاد الأطفال عن عائلاتهم لتتم تربيتهم في مدارس داخلية وتحويلهم إلى رعايا شيوعيين موالين. دُمرت المساجد، ويؤمر المسلمون بأكل لحم الخنزير، وتعرضت النساء للاغتصاب والتعقيم القسري.
لا يوجد قتل جماعي في تشينجيانغ، كما هو ضروري للتعريف الشائع للإبادة الجماعية ولبعض التعاريف القاموسية. ومع ذلك، فإن اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948 تقدم تعريفا أوسع يشمل التسبب في "ضرر عقلي" خطير، أو منع المواليد أو "نقل الأطفال قسرا"، عندما يكون ذلك جزءا من جهد منظم لتدمير مجموعة معينة.
المحصلة هي أن القمع في تشينجيانغ لا يعدّ إبادة جماعية كما يستخدم المصطلح عادة، لكنه يتوافق مع التعريف الوارد في الاتفاقية الدولية.
أما بالنسبة لألعاب بكين، فإليك النتيجة النهائية: يجب أن يشارك الرياضيون ويجب أن يبث التلفزيون المنافسة، لكن المسؤولين الحكوميين والشركات يجب أن يبقوا خارجها.
وقال معد التقرير: "آمل أن يستغل الرياضيون في أثناء وجودهم في بكين كل فرصة لجذب الانتباه إلى القمع في تشينجيانغ أو في أي مكان آخر".
اقرأ أيضا: الأولمبية الأمريكية تعارض مقاطعة أولمبياد بكين
والحقيقة الصريحة، هي أن الألعاب الأولمبية التي تحظى باهتمام كبير، تمنح العالم نفوذا لتسليط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان ورفع تكلفة القمع. يجب أن نستخدم هذا النفوذ.
وفشلت المقاطعات الكاملة، كما فعلت أمريكا في ألعاب موسكو عام 1980 وروسيا في ألعاب لوس أنجلس 1984، إلى حد كبير. لكن المقاطعة الجزئية، التي تُبقي المسؤولين والشركات بعيدا مع إرسال الرياضيين وتقويتهم للتحدث، يمكن أن تعبر عن الرفض، بينما تنتهز فرصة نادرة لتسليط الضوء على وحشية شي جين بينغ أمام العالم.
والشركات التي دفعت بالفعل مقابل رعاية الألعاب ستكون خاسرة، لكن هذا بسبب فشلها واللجنة الأولمبية الدولية في دفع الصين للوفاء بتعهدات حقوق الإنسان التي قطعتها عندما فازت بالألعاب.
وعلى أية حال، فإن ارتباط الشركة بما أطلق عليه النقاد اسم "أولمبياد الإبادة الجماعية"، قد لا يكون ذلك الانتصار التسويقي.
وقالت مينكي ووردن من هيومان رايتس ووتش: "بدلا من 'أعلى وأسرع وأقوى'، فإن ما تحصل عليه هذه الشركات هو 'السجن غير العادل والاعتداء الجنسي والعمل الجبري'".
وأضافت ووردن: "هناك الكثير من الأدوات بجانب المقاطعة.. يتجه انتباه العالم إلى بكين، وقد تكون الألعاب الأولمبية الشتوية أعظم نقطة ضغط على الصين في عهد شي جين بينغ".
في أولمبياد 2006، استخدم المتزلج جوي تشيك مؤتمرا صحفيا بعد فوزه بميدالية ذهبية للفت الانتباه إلى الإبادة الجماعية في دارفور. يمكن للرياضيين الفائزين في العام المقبل أن يفعلوا الشيء نفسه بالنسبة لشينجيانغ.
وحاولت اللجنة الأولمبية الدولية حظر رموز وإيماءات حقوق الإنسان باعتبارها غير أولمبية، لكن هذا سخيف، وفق تعبير الصحيفة.
وجاءت أشهر الإيماءات في تاريخ الألعاب الأولمبية في عام 1968 عندما رفع العداءان جون كارلوس وتومي سميث قبضتيهما كناية عن تحية القوة السوداء. تم شجبهما لسنوات، ويتم الاحتفال بهما الآن كقائدين أخلاقيين، وتم إدخالهما في قاعة الشهرة الأولمبية الأمريكية.
وقد يواجه الرياضيون الذين يرتدون قمصان "أنقذوا تشينجيانغ" أو "أوقفوا الإبادة الجماعية" العام المقبل مشاكل مع المسؤولين الأولمبيين، لكن في يوم من الأيام سيُعدّون أيضا أبطالا.
ويناقش الكنديون مقاطعة الألعاب، ولكن يمكن تحقيق المزيد إذا قررت كندا إرسال رياضيين وسمحت لهم بارتداء قمصان أو أزرار تكريما لمواطنين كنديين احتجزتهم الصين رهائن وأساءت معاملتهما بوحشية. قد يكون ذلك أكثر احتمالا لتحرير الرجلين من أي مقاطعة كندية.
وأكدت الصحيفة: "تمنحنا الألعاب الأولمبية نفوذا. بدلا من إضاعة هذا النفوذ، دعونا نجعل الرئيس شي يخشى كل يوم كيف يمكننا استخدامه".
NYT: لا يزال أصل الفيروس غامضا بتحقيق منظمة الصحة العالمية
NYT تكشف تفاصيل مسودة الاتفاق بين إيران والصين
FP: هل يتعامل بايدن مع الصين بنفس أسلوب ترامب؟