ملفات وتقارير

هل تسعى جهات سياسية لاستغلال المظاهرات في العراق؟

توالت الاحتجاجات بشكل شبه يومي في محافظات النجف وبابل والديوانية والمثنى مؤخرا- الأناضول

مع تجدد الاحتجاجات في محافظات وسط وجنوب العراق، أبدت قوى سياسية خشيتها من وجود أطراف سياسية تسعى إلى تجيير مطالب المتظاهرين لصالحها، خصوصا أن الانتخابات البرلمانية من المقرر إجراؤها في 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2021.

وفي الآونة الأخيرة توالت الاحتجاجات بشكل شبه يومي، في محافظات النجف وبابل والديوانية والمثنى، التي تشهد في أحيان كثيرة وقوع إصابات في صفوف المتظاهرين، بسبب مواجهة قوات الأمن لهم واستخدام الرصاص وقنابل الغاز لتفريقهم، فضلا عن إغلاق الطرق.

أبعاد سياسية

لكن ما يثير خشية بعض القوى السياسية من وقوف جهات قريبة من رئيس الوزراء، تُحرّك المحتجين وتدفعهم للمطالبة بإقالة الحكومات المحلية (المحافظين)، كما حصل في محافظة ذي قار في 26 شباط/ فبراير المنصرم، وتكليف وزير الأمن الوطني المقرب من مصطفى الكاظمي بإدارة المحافظة.

وفي هذا الصدد، قال النائب عن تحالف "الفتح" حسن شاكر الكعبي لـ"عربي21"؛ إن "التظاهر حق سلمي وكفله الدستور، وأن الكثير من المتظاهرين السلميين يطالبون بإصلاحات متعددة ومن حقهم ذلك، باعتبار أن الكثير من الأمور لم يجر تحقيقها حتى الآن".

وأضاف: "لكن أن تُستغل المظاهرات والمتظاهرون من أجل مصالح سياسية فهذا أمر مرفوض، ويقينا هناك أجندات وجماعات تعمل لصالح أحزاب سياسية قريبة من الكاظمي؛ في سبيل تغيير بعض المحافظين قبل الانتخابات، وبذلك تجيير المحافظة لصالحهم".

 

اقرأ أيضا: ماذا وراء انتشار "سرايا الصدر" في عدد من مدن العراق؟

ورأى الكعبي أن "تغيير المحافظ يجب يكون مبنيا على أسس حقيقية، بمعنى أن أي شخص متورط بفساد مالي إداري ولم يقدم شيئا للمحافظة، يرسل إلى  هيئة النزاهة أو المحكمة حتى يأخذ جزاءه، وليس الهدف إخراجه فقط من منصبه، وإنما لا بد من أسباب موجبة لإخراجه واعتقاله ومحاكمته، كونه أهدر أموال العراقيين".

وأكد النائب أنه "ليس بالضرورة أن يأتي المحافظ البديل من الكتلة السياسية نفسها التي ينتمي إليها سلفه، فمن الأفضل المجيء بشخصية مستقلة في هذا الوقت، لكن يجب أن يكون لديه قدرة على إدارة المحافظة، وخصوصا أنها ستستلم الموازنة المالية لهذا العام، وأن أغلب هذه المحافظات منكوبة وتستحق توفير الخدمات".

جهات ضاغطة

من جهتها، قالت النائبة المستقلة ندى شاكر، في حديث لـ"عربي21"؛ إن "المظاهرات ليست جديدة والظروف في البلد أيضا ليست وليدة اللحظة، فمناطق الوسط والجنوب أوضاعها متردية في جميع الجوانب، ولاسيما الاقتصادية والخدمية، إضافة إلى أنهم يطالبون بالعيش مثل باقي البشر".

واستدركت النائبة، قائلة: "لكن هناك من يجيّر هذه المطالبات لأغراض سياسية محددة، واليوم المشهد بات واضحا بأن بعض الجهات تريد الاستحواذ على المناصب في هذه المحافظات للسيطرة عليها".

وتساءلت: "من أخذ معظم مناصب محافظة ذي قار، لأنه ليس فقط رأس الهرم (منصب المحافظ) هو المهم، وإنما ما تحته من أذرع هي أيضا مهمة، وإذا بحثنا وأمعنا النظر بخصوص إلى من يتبع هؤلاء، فسنجد تفسيرا لأسباب خروج هذه المظاهرات، ولاسيما في ذي قار (مركزها الناصرية)".

ولفتت النائبة إلى أن "الصراع السياسي قائم في هذه المحافظات، وحتى رئيس الوزراء لا يستطيع نفي ذلك، ولا يستطيع أن يقول إنه هو من اختيار الشخص المناسب للمنصب الفلاني؛ لأنه لا يمكن تصديقه بسبب تأثير القوى السياسية بدرجة كبيرة جدا على مصدر القرار".

ونوهت إلى أن "المحافظين جرى تعيينهم من مجالس المحافظات، لكن الأخيرة جرى إلغاؤها بقرارات عاطفية، والآن عملية تعيين أو تكليف المحافظ، يجب أن تكون من رئيس الوزراء حصرا بدون مرسوم جمهوري".

ودعت النائبة، رئيس الوزراء العراقي لـ"وضع حدّ لتأثر هذه القوى السياسية، كونها وصلت إلى مستوى جعل من الشباب المتظاهر يفقد الأمل بالتغيير الحقيقي في هذا الجانب، ومن ثم يجب على الكتل السياسية أن تقف أيضا مع ذلك".

ورأت أن "هناك من يسير الأمور بشكل فوضوي حتى يحصل على مناصب، وأن العراق يسير من سيئ إلى أسوأ، حتى وصل بنا الحال أننا لا نمتلك دفع رواتب للموظفين، فضلا عن انعدام الزراعة والصناعة".

وحذرت النائبة من أنه "إذا لم يوضع حد لإقالة المحافظين، فإن ذلك سيمتد إلى محافظات أخرى"، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن "رئيس الوزراء ليس هو من يختار البدلاء، وإنما ضغوطات سياسية لها دور كبير في هذا المجال، وهناك شواهد على قرارات سابقة اتخذت ثم جرى التراجع عنها".

 

اقرأ أيضا: تحذيرات من حرب أهلية ثانية في العراق.. من أطرافها؟

وتجددت الأحد، المظاهرات في محافظة النجف جنوبي العراق، بدعوة من الحراك الشعبي، مطالبين بإقالة المحافظ لؤي الياسري ومحاسبته، حيث احتشد العشرات أمام مبنى الحكومة المحلية ورفعوا شعارات مطالبة بإقالة المحافظ.

وأفادت مواقع محلية أن صدامات حدثت بين المحتجين والقوات الأمنية خلال اقترابهم من مبنى الحكومة المحلية، وحدثت عمليات كر وفر، ونتج عن ذلك إصابة عدد من المحتجين.

والنجف هي سادس محافظة عراقية يطالب المتظاهرين فيها، خلال الفترة الأخيرة، باستقالة محافظها من منصبه، بدعوى "سوء الإدارة" و"الفساد"، حيث نجحت الاحتجاجات في إقالة محافظي واسط (وسط) محمد المياحي، وذي قار (جنوب شرق) ناظم الوائلي خلال الأسبوعين الماضيين.