يقوم المستشفى الذي أعمل فيه بعلاج عدد أقل من الحالات المصابة بفيروس «كورونا» المستجد، وذلك بعد مواجهة الفورة الشرسة لعودة الفيروس الفتاك خلال العام الحالي.
بعض تحورات الفيروس الجديدة أكثر قابلية للانتقال والتفشي من السلالة الأولى، وربما تكون أكثر شراسة في الفتك بالناس. ومن المحتمل أن تكون أقل عرضة للتأثر باللقاحات الجديدة من سلالات فيروس «كورونا» التي كانت شائعة فيما قبل. وظهرت سلالة متحورة من الفيروس نفسه في البرازيل، وأصابت بعض الأشخاص الذين يملكون بالفعل قدراً من المناعة ضد فيروس «كورونا» المستجد من إصابات سابقة.
ينبغي على الناس الحصول على التطعيم فور تمكُّنهم من ذلك، وفي الأثناء ذاتها، فإنَّ أفضل السبل للحيلولة دون الإصابة بالسلالة المتحورة الجديدة من فيروس «كورونا» هو الالتزام التام بالأساسيات التي نعلم أنها مفيدة ومؤثرة.
تُعدّ الكمامات الواقية من أهم أدوات السيطرة على تفشي فيروس «كورونا» المستجد، باستثناء اللقاحات والتطعيمات الراهنة. وأي كمامة كانت أفضل من عدم ارتداء الكمامات نهائياً. ولكن نظراً لأنَّ بعض السلالات المتحورة من الفيروس نفسه أكثر عدائية وانتشاراً، فإنَّ تحديث نوعية الكمامة الواقية لديك أصبح من الأهمية القصوى حالياً. تخير الكمامة التي تقوم بترشيح (تصفية) الجسيمات المحمولة في الهواء بصورة فعالة - مثل كمامة «إن 95» أو «كيه إن 95» أو «كيه إف 94» - أو يمكنك الحصول على كمامة جراحية مع ضبطها كي تتناسب مع وجهك بشكل سليم. من شأن تلك الوسائل توفير الحماية الأفضل من القطيرات والجزيئات المحمولة في الهواء، كما أنها يمكن أن تحول بينك وبين إصابة الآخرين بالعدوى إن كنتَ حاملاً لفيروس «كورونا» المستجد.
إذا لم تتمكن من العثور على الكمامة المصمّمة خصيصاً لتصفية الرذاذ في الهواء، يمكنك استخدام الكمامة القماشية التي ترتديها فوق الكمامة الجراحية؛ إذ توفر أفضل حماية ممكنة أكثر من الكمامة القماشية المنفردة. ومن الضروري بصورة خاصة أن تستخدم الكمامة (أو الكمامات) المناسبة في الأماكن المغلقة المزدحمة بالناس، حيث تكون التهوية فيها رديئة للغاية. ونظراً لأنَّ العلماء لا يزالون يدرسون إلى أي مدى يمكن للأشخاص الحاصلين على اللقاح نقل الفيروس إلى الآخرين، فما زال يتعيَّن على الأشخاص المحصنين الاستمرار في ارتداء الكمامات الواقية، حال وجودهم حول أولئك الأشخاص الذين لم يحصلوا على اللقاح بعد.
من المعروف أن فيروس «كورونا» المستجد ينتشر بصورة أساسية عبر الهواء على شكل قطيرات أو رذاذ محمول جواً، لذا فإنَّ التهوية الجيدة في الأماكن الداخلية من الوسائل الضرورية في السيطرة على انتشار الفيروس. ومن المهم للغاية زيادة التهوية إلى أقصى درجة ممكنة، عندما يتحتَّم على الأفراد الوجود بجوار بعضهم البعض، مثلما هو الحال في المدارس، أو أماكن العمل، أو المتاجر والمحلات، أو أثناء السفر بسيارات الأجرة، أو في الرحلات المشتركة، أو في وسائل النقل العامة. توصي مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة بضرورة فتح الأبواب والنوافذ لتحسين تدفق الهواء إلى الداخل، مع استخدام المراوح في زيادة دوران الهواء، وتركيب أنظمة عالية الكفاءة لترشيح الهواء من الجسيمات والجزيئات، من بين إجراءات أخرى. ويتعيَّن على الحكومة توفير الدعم المالي المناسب إلى الشركات الصغيرة التي لا تتحمل تكاليف توفير مثل هذه التدابير.
بعد مرور ما يقرب من عام كامل من العزلة، تتزايد الحاجة الماسة إلى الاندماج والاختلاط الاجتماعي. ومن المتوقع لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أن تصدر قريباً إرشادات إلى الأشخاص الذين جرى تطعيمهم لتوضيح الأنشطة الاجتماعية الآمنة وغير الآمنة في هذا الصدد.
وفي حين أن الأشخاص الذين حصلوا على التطعيمات قد يستمرون في نقل الفيروس إلى بعضهم، فإن بيانات تجارب اللقاح تشير إلى أن هذا الأمر مرجَّح حدوثه، ويؤدي إلى الإصابة بمرض خفيف فقط، هذا إن ظهرت الأعراض المرضية على الإطلاق. لكن الأشخاص الذين لم يحصلوا على التطعيمات ينبغي عليهم تجنب ممارسة الأنشطة التي تُعتبَر مثيرة للمخاطر بصورة عالية، مثل قضاء بعض الوقت في الأماكن المغلقة مع أشخاص بعيداً عن أسرهم، أو في مجموعات اجتماعية صغيرة، أو التجمع في حشود كبيرة من دون المواظبة على ارتداء الكمامات الواقية.
جميع اللقاحات الثلاثة التي جرت الموافقة عليها للاستخدامات الطارئة في الوقاية من فيروس «كورونا» المستجد تُعتبر ممتازة للغاية في إيقاف أعراض المرض الشديدة. ولكن عندما يتعلَّق الأمر بالحصول على جرعة اللقاح، ينبغي للسؤال ألا يدور حول أي لقاح يجب الحصول عليه منها، وإنما متى يمكن الحصول فعلاً على اللقاح. وإذا كنت قد حصلت على اللقاح، فعليك أن تفعل ما في وسعك في حدود مجتمعك من أجل نقل أنباء سلامة وفعالية اللقاحات إلى أولئك الذين قد يُحجمون عن الحصول عليها لسبب أو لآخر.
لا يتطلب الأمر إلا شخصاً واحداً فقط للبدء في تفشي وباء من الأوبئة، ومن شأن الجميع اتخاذ الخطوات المعنية بإيقاف تفشي المرض. وبعد كل شيء، فإنَّ السلالات المتحورة من فيروس «كورونا» لا تزال تنتشر بطريقة انتشار الفيروس الأصلي، مما يعني أن أساليب التدخل والمواجهة ذاتها لا تزال سارية المفعول، ما دمنا نواظب على تطبيقها من دون توقف.
(الشرق الأوسط اللندنية)