تحدث مركز بحثي إسرائيلي، عن التحديات المتصاعدة التي تواجه جيش الاحتلال الإسرائيلي، والتي تتحكم في كيفية إخراج خطة الجيش المعروفة باسم "تنوفاه" متعددة السنوات إلى حيز التنفيذ، مع عدم وجود اتفاق على ميزانية الخطة.
احتياجات أمنية جارية
ونوه "مركز بحوث الأمن القومي" التابع لجامعة "تل أبيب" العبرية، في تقديره الاستراتيجي الذي أعده الباحثان الإسرائيليان شموئيل إيفن وساسون حداد، إلى أن "ميزانية الدفاع، يمكن أن تكون التعبير المالي لخطة العمل السنوية للجيش الإسرائيلي، وهي جزء من خطة عمل متعددة السنوات".
وتطرق إلى الجدل الإسرائيلي الذي رافق رفض مشروع حول اعتماد الميزانية الرسمية للاحتلال، وخلص إلى أن ميزانية عام 2021 والمقدرة بـ 419 مليار شيكل (دولار=3.3 شيكل)، هي "ميزانية استمرارية لميزانية 2020"، معتبرا أن "هذه الميزانية خاضعة للقواعد التي تسري على الميزانية الاستمرارية، وهي لا ترتكز على رؤية شاملة وتخطيط لجميع الوزارات الحكومية".
وأوضح أن "ميزانية الأمن المنظمة الأخيرة حددت في 2019، وقد بلغت 72.9 مليار شيكل، وهي ميزانية السنة الرابعة والأخيرة لخطة "جدعون" التي تم تقصيرها لسنة من قبل رئيس الأركان أفيف كوخافي، من أجل البدء بخطة "تنوفاه" بداية 2020، ولكن "تنوفاه" تدار بدون ملخص ميزانيه متعدد السنوات وبدون موافقة الكابينت، بسبب عدم الاستقرار السياسي الناتج عن الخلافات بين الأحزاب الإسرائيلية".
ولفت المركز في تقديره الذي يأتي ضمن نشرة استراتيجية يصدرها بشكل شبه دوري بعنوان "نظرة عليا"، أنه تمت إضافة 3 مليارات شيكل هذا العام لميزانية الجيش والتي تأتي ضمن "ميزانية إسرائيل الاستمرارية لهذا العام"، موضحا أن "الجيش يسعى بدعم من الوزير بني غانتس، إلى إضافة 3 مليارات شيكل لميزانية 2021، "لاحتياجات أمنية جارية"، لوصول ميزانية الدفاع لعام 2021 إلى مستوى ميزانية الدفاع في 2020".
اقرأ أيضا: تقدير إسرائيلي: التعيينات العسكرية متأثرة بالانتخابات
ونوه إلى أن "أزمة كورونا لم تقلص التهديدات العسكرية على إسرائيل، وهناك تهديدات متزايدة على رأسها التهديد الإيراني"، بحسب ما ذكره كوخافي الذي كشف عن طلبه من الجيش أن يقوم بـ"إعداد عدد من البرامج العملياتية (لمواجهة التهديد الإيراني) بما يتجاوز الخطط القائمة، ومن سيقرر حول تفعيلها هو المستوى السياسي".
وذكرت الدراسة الإسرائيلية، أن "القدرة على العمل عسكريا ضد منشآت إيران النووية تحتاج إلى أموال باهظة"، موضحة أنه "في كانون الثاني/ يناير 2013 كشف رئيس وزراء الاحتلال الأسبق، إيهود أولمرت، أن حكومة بنيامين نتنياهو أنفقت في 2011 و2012، 11 مليار شيكل على الإعدادات لهجوم على إيران، ولم ينفذ".
ونوهت إلى أن هناك "سببا آخر للإضافة المطلوبة، يرتبط بجزء من المساعدات الأمريكية التي يمكن تحويلها الى شواكل والتآكل الفعلي لهذا العنصر بمفاهيم الشواكل، ويتوقع في ميزانية 2021 حدوث انخفاض في قيمة التحويلات من المساعدة إلى شواكل، سواء في تعزيز قيمة الشيكل أو بسبب تقليص قدرة التحويل إلى شواكل من 815 مليون دولار في 2019 إلى 795 مليون دولار في 2021، وفقا للاتفاق مع الولايات المتحدة".
التحديات والرد المناسب
ونبه المركز، إلى أن "القدرة على التحويل ستقل في السنوات القادمة حتى تصل إلى صفر في 2028، ونتيجة لذلك سيتقلص الشراء بالعملة المحلية من الصناعات الأمنية الإسرائيلية"، مضيفا أن "أساس أموال المساعدة بالدولار، ويمكن لإسرائيل استغلالها بالشراء من أمريكا فقط".
وأفاد بأن "ميزانية 2021 تحل على الجيش في فترة انعدام استقرار اقتصادي بسبب كورونا، وعدم استقرار سياسي في إسرائيل وواقع جيوسياسي متغير، بما في ذلك عودة الاتفاق النووي إلى جدول الأعمال"، موضحا أن "الحديث لا يدور عن زيادة مهمة لميزانية وزارة الأمن أو عن تقليص مهم في إطار الميزانية".
ولفت إلى أن "طلب الإضافات لميزانية وزارة الأمن، في الوقت الذي فيه تستمر أزمة كورونا، أثارت انتقادات للجيش الإسرائيلي، الأمر الذي يطرح سؤال: من هو المسؤول عن زيادة حجم ميزانية الدفاع؟ علما بأن الطريقة الصحيحة لتحديد ميزانية الدفاع، هي أن يعرض رئيس الأركان على المستوى السياسي التهديدات الأمنية وقدرة الجيش على إعطاء رد مناسب وتكلفتها، ودور الكابينت في التفضيل بين التهديدات المختلفة وبينها وبين الاحتياجات المدنية المختلفة لإسرائيل، والمصادقة على أو رفض اقتراحات مختلفة يقترحها وزير الأمني ورئيس الأركان".
وتابع: "بعد المصادقة على الميزانية، مهمة رئيس الأركان، أن يطبق بنجاعة المهمات والأهداف التي ألقاها عليه المستوى السياسي؛ أي أن يستغل الميزانية لتحقيق أكبر قدر من الأمن، وكلما أراد المستوى السياسي خفض الميزانية أو إضافة مهمات جديدة، فإنه يجب عليه المصادقة لرئيس الأركان، على التنازل عن مهمات أخرى حسب سلم الأولويات"، منوها إلى أن "التغييرات في الميزانية، تتقرر اليوم في مثلث رئيس الأركان ووزير الأمن ورئيس الحكومة".
اقرأ أيضا: مسؤول إسرائيلي: جيشنا غير مستعد لمهماته رغم ضخ المليارات
وأكدت الدراسة، أن "غياب اتفاق متعدد السنوات حول ميزانية الأمن، مثلما كان في خطة "جدعون" يضر بقدرة الجيش على أن يخرج إلى حيز التنفيذ خططا متعددة السنوات للشراء والتسلح، وكذلك القدرة على التوقيع على صفقات لسنوات متعددة مع مزودين، وإجراء إصلاحات تمكن من زيادة النجاعة".
وبينت أن "ميزانية 2021 ستقتضي ضمن أمور أخرى، استمرار التعامل مع قضايا القوة البشرية المعقدة، منها قانون التجنيد الذي لم يتم تعديله بعد، حسب طلب محكمة العدل العليا، والذي أدى لحل في 2018، وتقصير مدة الخدمة الذي فرض في تموز/ يوليو 2020 والجيش يريد إلغاءه، ونموذج الخدمة النظامية والتقاعد الذي تم النص عليه في اتفاق الميزانية من تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 في الخطة متعددة السنوات "جدعون"، ولم يتم نشره بعد في قانون التعديلات، وفحص السريان القانوني للإضافات على مخصصات التقاعد، التي تتم مناقشتها حاليا في المحكمة العليا".
وبحسب المركز البحثي، فإن "الانطباع، أنه في مثلث (رئيس الأركان ووزير الأمن ورئيس الحكومة) هناك اتفاق حول التحديات الأمنية التي تواجهها إسرائيل والرد المناسب عليها، الأمر الذي يساعد رئيس الأركان في الحفاظ على ميزانية دفاع واقعية حتى في فترة الأزمة الاقتصادية، وعلى الحكومة المقبلة أن تصادق على خطة "تنوفاه" وميزانية أمن منظمة، والمصادقة على ملخص ميزانية متعددة السنوات حتى نهاية خطة "تنوفاه"، من خلال الاهتمام بالتحديات الأمنية من جهة، ومعوقات الاقتصاد واحتياجات المجتمع المدني من جهة أخرى".