نشر موقع "فورين بوليسي" مقالا للمحلل الإسرائيلي
جوناثان فيرزغر، قال فيه إن قادة الأقلية العربية داخل الخط الأخضر تحيروا عندما شاهدوا
نتنياهو يعقد مناسبة انتخابية في مدينة الناصرة ويحصل على دعم من عمدتها.
وفي الوقت الذي أدى فيه ظهور نتنياهو المذهل في مدينة السيد
المسيح، والشغب الذي اندلع، لمح زعيم حزب عربي لإمكانية عقد صفقة مع رئيس الوزراء.
ويضيف أن الساحر
السياسي الذي حقق صفقات دبلوماسية مع دول في الخليج وبلدين عربيين في أفريقيا، يحاول
الحفاظ على وظيفته التي ستمنحه حصانة من اتهامات الفساد التي تلاحقه. إلا أن التقارب
غير المحتمل الذي قام به نتنياهو للعرب هو جزء من لعبة الشطرنج التي يلعبها.
وكواحد من الناجين الكبار في السياسة الإسرائيلية، يحاول نتنياهو
اللعب على مستويات عدة، ويحضر لرئاسة جوزيف بايدن. وفي حالة فشل منافسيه الإطاحة به
في 23 آذار/ مارس فلديه أجندة واضحة: تعزيز ميراثه كصانع سلام مع العالم العربي- دون
الفلسطينيين، وتحييد إيران، والمحافظة على الدعم الأمريكي في ظل بايدن، والبقاء حرا بعيدا
عن السجن.
ففي الوقت الذي يستقر فيه بايدن في مكتبه، يجب على نتنياهو
الابتعاد عن مواجهة والعودة لما ترك في أثناء فترة باراك أوباما. ففي تحرك هابط، طلب
نتنياهو من الجمهوريين ترتيب خطاب له أمام جلسة مشتركة بالكونغرس ليشجب خطة أوباما
توقيع اتفاقية نووية مع إيران عام 2015، لكن أوباما لم ينس الإهانة، وجلس ساكنا في العام
التالي، عندما شجب مجلس الأمن إسرائيل، وأصدر قرارا ضد البناء الاستيطاني في الضفة الغربية.
والآن يحاول نتنياهو عمل ما يستطيع للتعاون مع الإدارة الجديدة، ووضع تبجحه السابق عن
علاقاته مع الرئيس السابق المخزي دونالد ترامب جانبا. مع أن حزبه وضع في العام الماضي
يافطات تظهر نتنياهو وهو يصافح ترامب.
ولم يكن ظهوره في الناصرة للحصول على الأصوات فقط. بل وكان
يريد أن يظهر لبايدن وحلفائه العرب أنه مهتم بقضايا العرب في إسرائيل. وفي هذا الاتجاه
وعد بتخصيص مليارات الشواقل لتطوير المدارس والمستشفيات في المناطق العربية المهملة، وزيادة حضور الشرطة من أجل الحد من الجريمة في المدن العربية.
ووضع نتنياهو خطة لضم 30% من أراضي الضفة الغربية. كل هذا
لن يكسبه الأصوات في الساحة الإسرائيلية الصاخبة التي اختفى منها حزب العمل والأحزاب
اليسارية. وبمجرد تهدئة بايدن فسيقوم بحرف نظره نحو الليكود وبقية الأحزاب الأيديولوجية
الصغيرة التي يحتاجها لبناء تحالف يبقيه في الحكم، ويجعله قادرا على التحكم بالنظام
القضائي.
وبعد انتهائه من هذا، فما عليك إلا أن تبحث عن نتنياهو الحقيقي الذي سيتخلى
عن مظهر رجل الدولة، ويستجيب لمطالب قاعدة أنصاره الذين سيهتفون باسمه، كما هتف أتباع
ترامب قبل أن يقتحموا مبنى الكابيتول هيل، بداية الشهر الحالي، وسيواجه منافسين أقل
دهاء مثل جدعون ساعر من حزب الأمل ونفتالي بينت من يامينا ويائير لابيد من ييش عتيد.
وعندها سيقول إن الملاحقات القضائية هي انتقام من أعدائه في اليسار الذين يتحكمون بالمحاكم.
أما تجميده قرار الضم؟ فسيقول إنه جمده لإرضاء الإمارات، مع
أن التوسع الاستيطاني لم يتوقف في داخل 130 موقعا استيطانيا. وفي قلب حملته الانتخابية، سيركز على جهود حكومته لمواجهة كوفيد-19، والفوز بتطعيم كامل السكان قبل أي دولة في
العالم. كما وسيحاول التركيز على انتصاراته الدبلوماسية مع الإمارات والبحرين والسودان
والمغرب.
وقال رياض خوري، المستشار في المخاطر السياسية في جيو إيكونوميكا
في عمّان، إن "مناورات نتنياهو، بما فيها محاولة جذبه الأصوات العربية في الناصرة، تثبت مرة أخرى أنه ماهر في التكتيك".
وفي الوقت الذي لن يوقف فيه خطط بايدن العودة للاتفاق النووي
مع إيران الذي خرج منه ترامب، إلا أن نتنياهو سيستخدم المخاوف من طهران وتعبئة الناخبين.
وكان شجبه القوي للاتفاقية سببا في بناء تحالف مشترك مع دول الخليج الخائفة من إيران.
وسيقاوم نتنياهو أي محاولة للعودة إلى التفاوض مع الفلسطينيين، الذين لم تعد مشكلتهم
مهمة لدى الناخب الإسرائيلي. ولكن الفلسطينيين يخططون لعقد انتخابات في الأشهر المقبلة، هي الأولى منذ سنوات.
وخيب نتنياهو توقعات الاستطلاعات في الجولات الانتخابية السابقة، التي توقعت نهايته وتمسك بالسلطة. وبعد عقود من الحديث عنه ككابوس للعرب في إسرائيل، ستكون مفارقة أنهم هم الذين سينقذونه من السقوط، وتجنب مصير صديقه ترامب إلى مزبلة
التاريخ.