أثارت
قضية بيع طفلة من قبل والدها، وسط اليمن، جدلا وصدى واسعا في الأوساط اليمنية، ومواقع
التواصل الاجتماعي.
فيما
اعتبرها ناشطون وحقوقيون جريمة "اتجار بالبشر"، رغم تبرير الأب بأن ظروفه
الصعبة هي من دفعته للقيام بالفعل، وخوفا عليها أن تموت جوعا وعطشا.
وتداول
ناشطون يمنيون قضية الطفلة ليمون، التي تنتمي إلى مديرية القفر في محافظة إب، وسط البلاد، الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين، وقد أثيرت بشكل واسع في اليومين الماضيين، رغم أنه
مضى عليها عام كامل.
الحملة
التي دشنها ناشطون، لاقت تفاعلا من جهات حقوقية، وذلك للمطالبة بإعادة الطفلة ليمون
ياسر الصلاحي إلى أبيها، وقد تكللت الحملة بالنجاح.
وكان
لافتا أن عملية "البيع" جرت بوثيقة تحمل ختما رسميا تابعا لوزارة العدل
في سلطة الحوثيين، التي تسيطر على العاصمة صنعاء ومعظم محافظات شمال البلاد.
وتشير
الوثيقة التي تم تداولها إلى أن عملية البيع تمت في آب/ أغسطس 2019، في محافظة إب
(وسط اليمن)، الخاضعة لسيطرة الحوثيين، لكي يستطيع الأب (ياسر عيد الصلاحي) تسديد
ديونه لطليقته، وقد تم البيع لصالح محمد حسن علي الفاتكي، مقابل مبلغ 200 ألف ريال
يمني (حوالي 350 دولار أمريكي).
"صادمة
وزوايا مظلمة"
وفي
هذا السياق، اعتبر رئيس منظمة "سام" للحقوق والحريات، توفيق الحميدي، "حادثة بيع الطفلة ليمون بأنها "صادمة".
وقال
في تصريح لـ"عربي21": "على الرغم من أنها حالة منفردة ،إلا أنها تثير
القلق لما يمكن أن تخفية الزوايا المظلمة من انتهاكات خاصة بالمرأة والأطفال".
وأضاف
الحميدي: "أهم هذه الزوايا المظلمة الفقر والعرف والحرب، والذي يزيد المخاوف أكثر
تورط نافذين أو جهات رسمية في الأمر".
وأردف:
"تعد هذه جريمة وفقا لقانون العقوبات اليمني، ويعاقب عليها بالسجن ١٠ سنوات، ووفقا
للمادة ٢٤٨ من قانون العقوبات. وكذلك القانون الدولي، حيث صدر عدد من البروتوكولات، شملت جميع أنواع الاتجار بالبشر، كالرق والاستغلال الجنسي أو نقل المهاجرين".
وبحسب
الحقوقي اليمني، فإن الصراع المستمر وانعدام سيادة القانون والاقتصاد المتدهور تؤدي
إلى بروز أنماط مخيفة من صور الاتجار بالبشر، خاصة الأطفال والنساء.
وأوضح
أن هذه الحادثة يجب أن تلفت الأنظار نحو أنماط أخرى للاتجار، خاصة استغلال الأطفال والنساء،
سواء الاستغلال لتنفيذ أنشطة إجرامية، كالتسول القسري وأنشطة المخدرات والسرقة، أو للاستغلال
الجنسي للنساء والأطفال، أو للأعضاء واستئصالها، أو حتى تهريب المهاجرين، متابعا بالقول:
"وهي تجارة رائجة في ظل الحرب وحاجة الناس والرغبة في مغادرة اليمن، خاصة الأطفال
والنساء".
ووفقا
لرئيس منظمة سام للحقوق والحريات، فإنه "من المهم مراجعة القوانين الخاصة بالاتجار
بالبشر، خاصة من ذوي القربى بشكل أكثر صرامة؛ لمنع تفاقمها وتحولها إلى ظاهرة".
من جهته،
برر والد الطفلة ليمون، ياسر عبده ناصر الصلاحي، عملية بيعها بظروفه الصعبة.
وقال
في تسجيل مصور إنه فلتها (تركها) من جوع وعطش، فبدلا من أن تموت بلاش (بالمجان)، فقد.. واحد يربيها، وأنا اشتغل على الباقي (بقية أولاده).
أما
المشتري، فقد أكد أنه لم يكن هدفه شراء الطفلة.
وقال
في تسجيل مصور إن زوجة والد الطفلة مريضة بالصرع، وإنه أعطاه المال لأجل ذلك.
وتابع:
"فما كان من والد الطفلة إلا أن قال له: خذ البنت وربيها عندك".
وعند
سؤاله عن وثيقة البيع، رد المشتري بأنه سيقوم بإلغائها.. وأنه لم يتخذها تجارة".
"استثنائية
وتخلف"
من جانبه،
يعتقد الكاتب والسياسي اليمني، عادل عمر، أن قضية الطفلة "ليمون" حالة استثنائية
في تلك المنطقة، التي تعد شديدة التخلف والجهل والفقر.
وقال
في تصريح لـ"عربي21": "هناك علاقة قرابة بين البائع والمشتري، الذي أوضح
أن هدفه لم يكن الشراء، وإنما تقديم العون للأب؛ بسبب ظروفه الاقتصادية الصعبة".