صحافة دولية

FP: لا أفق لحل الأزمة الخليجية قبل رحيل ترامب

المجلة قالت إن ترامب يركز على تكوين جبهة ضد إيران- جيتي

قللت مجلة "فورين بوليسي" من فرص نجاح إدارة دونالد ترامب بحل الأزمة الخليجية. وأشارت إلى محاولتها توحيد الجبهة الخليجية ضد إيران من خلال زيارة وزير الخارجية مايك بومبيو والمستشار في البيت الأبيض جاريد كوشنر، صهر ترامب، إلى المنطقة.

وقالت المجلة في تقرير ترجمته "عربي21"، إنه جرى تقدم طفيف، لحل الأزمة الخليجية التي مضى عليها ثلاثة أعوام ونصف. ولم يتم رفع الحصار التجاري والجوي والبري والبحري عن قطر الذي فرضه الرباعي المكون بالإضافة إلى السعودية من البحرين والإمارات ومصر.

وأشارت إلى أنه "تباحث السعوديون والقطريون بمودة بدرجة نشر فيها وزير الخارجية السعودي رسالة إلكترونية، قال فيها إن الإتفاق لحل الأزمة بات قريبا، لكن الخبراء يتشككون في قرب الحل. وتقول إن التوقعات لإنهاء الحصار المفروض على قطر كان أقل من التوقعات. وكان مخيبا للولايات المتحدة التي كافحت من أجل إنجاز أهدافها الاستراتيجية بالمنطقة بسبب الشجار بين حلفائها المشاغبين".

ولفتت إلى أنه في الوقت الذي فرضت فيه إدارة ترامب استراتيجية أقصى ضغط على إيران لخنقها، أجبرت دول الحصار قطر على استخدام مجالها الجوي، كي تمر من خلاله طائراتها، ما يعني دفع رسوم وتخفيف الضغط عن الاقتصاد الإيراني.

وفي الوقت نفسه تحملت المنطقة وطأة التنافس الإماراتي-القطري حيث دعم كل منها طرفا في النزاع. وقال أندرياس كريغ، الأستاذ بكينغز كوليدج لندن، إن الطرفين وافقا حتى الآن على تخفيف نبرة الحملات الإعلامية ضد بعضها البعض كخطوة لبناء الثقة و"في الخطوة الثانية قد تقوم السعودية بفتح المجالين الجوي والبري كبادرة حسن نية". ويمكن الإعلان عن بعض هذه الخطوات في قمة دول مجلس التعاون الخليجي في نهاية الشهر الحالي.

وأضافت: "لكن الخلافات التي تقع في قلب الأزمة مستحكمة وعصية على الحل. وفي جوهر الخلاف مع قطر، الزعم بأنها تقيم علاقات قوية مع إيران وتدعم حركات الإسلام السياسي مثل الإخوان المسلمين وتستخدم قناتها الجزيرة لنشر رسالة الإخوان الداعمة للانتفاضات الشعبية. وكان قطع العلاقات مع إيران والإخوان وإغلاق الجزيرة من ضمن 13 مطلبا تقدمت بها دول الحصار إلى قطر وبدت مثل قائمة مطالب لآباء غاضبين من مراهق ضال". 

وقالت المجلة إنه بهذه الطريقة، "يتعامل أمراء السعودية والإمارات مع أقاربهم القطريين الذين يرفضون المشي حسب ما يريدون. وربما قررت الدوحة طرد عدد من قادة الإخوان المسلمين كما فعلت عام 2014 بعد احتجاجات من السعوديين والإماراتيين ولكنها ليست جاهزة لتفكيك سياستها القائمة على فتح علاقات مع كل أطراف الانقسام في الشرق الأوسط".

وترى نهى أبو الذهب، الزميلة في مركز بروكينغز الدوحة إن حجر الأساس للسياسة الخارجية القطرية أن تتحول إلى مركز الدبلوماسية و"هذا يشمل المحادثات غير الرسمية بين الجماعات مثل حزب الله والحكومة اللبنانية في 2008 وطالبان والحكومة الأفغانية عام 2020 وحماس وفتح وجماعات المعارضة في دارفور والحكومة السودانية في 2009".

 

وأضافت أن "قطع العلاقات مع دولة بالكامل لم يكن سمة في السياسة الخارجية القطرية، ولا أرى أن هذا سيتغير حتى في الظروف الحالية". واستطاعت قطر التي لديها ثالث احتياط من الغاز الطبيعي في العالم تجنب الحصار لكنها ترغب في رفعه لكي تستخدم الأموال التي تنفقها على الخطوط الجوية والبحرية البديلة للتحضير لمباريات كأس العالم في 2022.

ولكنها ترى أن قطع علاقاتها مع إيران ليست بداية للحل، وليس لأنها تشترك معها في حفل للغاز الطبيعي. حيث ساهم الحصار وللمفارقة في اعتماد قطر على إيران. وكانت هذه هي الدولة الأولى التي سارعت لإرسال المواد الضرورية والخضروات وفتح مطاراتها وموانئها، وحتى لو رفع الحصار فلا يوجد ما يضمن أنه لن يفرض مرة أخرى، وعليه فمن مصلحة قطر أن تبقي على الباب مفتوحا.

وقالت المجلة إن "إيران تعتبر تهديدا للسعودية منذ الثورة الإسلامية في 1979 عندما برزت طهران كملهم لعدد من جماعات المقاومة في الشرق الأوسط. حيث تخشى الرياض من امتلاك جارتها الشيعية القنبلة النووية وإن اتفاقية نووية غير كافية لمنع هذه الإمكانية".

ولكن التعامل مع جماعة الإخوان المسلمين "كان ضروريا بعد نجاحاتها في الربيع العربي. وخافت ملكيات الخليج من صعود للإخوان بدون توقف وخلق الظروف لعدم الاستقرار في دولها وأنها قد تواجه نفس المصير الذي واجهه حسني مبارك في مصر. وتم التسامح مع فروع الإخوان المسلمين المحلية في دول الخليج حتى الربيع العربي، لكن هذا تغير حيث باتت السعودية والإمارات ومصر والبحرين تصنف الإخوان بالحركة الإرهابية".

 

اقرأ أيضا: آل ثاني: محادثات المصالحة تتم حاليا مع السعودية فقط

 

وعندما "صادق ولي العهد محمد بن سلمان جاريد كوشنر وجد في ترامب، حليفا أرسله الله إليه وحاول تخفيف التهديدين بالضغط على قطر. لكن بايدن لديه موقف مختلف وانتقد علنا السعودية، وعبر عن مواقف منفتحة من إيران. ولهذا السبب تريد قطر تعزيز موقفها وتقديم نفسها كوسيط سلام".

وبعد أيام من مقتل قائد فيلق القدس، قاسم سليماني بغارة أمريكية في العراق زادت المخاوف من مواجهة أمريكية-إيرانية، وسافر أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل الثاني إلى طهران. ويرى المحللون أن زيارة كهذه تظهر فائدة قطر للولايات المتحدة.

وبحسب كريغ، فقد جاءت زيارة الأمير بناء على إلحاح من الولايات المتحدة والنصح بضبط النفس. وقال: "طلبت الولايات المتحدة من الأمير السفر والتوسط لمنع التصعيد في الخليج". وأضافت أبو الذهب من بروكينغز الدوحة إن وزير الخارجية القطري سافر إلى العراق يحمل نفس الرسالة.

وقالت: "من المهم تذكر أنه عندما قتلت الولايات المتحدة الجنرال قاسم سليماني في كانون الثاني/يناير 2020 سافر وزير الخارجية القطري إلى العراق في محاولة لخفض التوترات. وعليه فإن نهج قطر عندما يتعلق الأمر بالتوترات مع إيران هو محاولة خفض التوتر لا العزلة".

وهناك إمكانية لأن تتفوق قطر على عمان في الوساطة لكن لا توجد فرصة لنجاحها. فقد حققت عمان الاتفاقية النووية من خلال التوسط بين الولايات المتحدة وإيران. ولا يوجد سبب يدعو لأن تستبدل إدارة بايدن قطر بعُمان لو أرادت العودة إلى الاتفاقية. كما أن قطر تظل خيارا غير مستساغ بسبب علاقاتها الصعبة مع كل من الإمارات والسعودية، وكلاهما يطالب بالمشاورة قبل العودة إلى المفاوضات مع إيران.

ولعل أكبر خصم لقطر من ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان هو ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد الذي يتلاعب بالخيوط من خلف الأضواء.

فهو يقف وراء سياسات مثل معاقبة قطر وإعادة العلاقات مع نظام بشار الأسد والانفتاح على إسرائيل. وإلى جانب خوفه من إيران فهو يخشى من الإسلام السياسي على أمن المنطقة واستمرارية ملكياته كأبوظبي. وهو لا يثق بالدوحة وليس مستعدا للصفح عنها علاوة على ترفيعها كوسيط بين الولايات المتحدة وإيران.

ويرى المحلل الإماراتي عبد الخالق عبد الله أن الحديث بين قطر والسعودية متعجل وبدون "وزن". وقال إن قطر لم تغير سلوكها وظلت موالية لـ"الإرهابيين". وقال: "قطر لا تريد الاعتراف بمظالم جيرانها، ليكن هذا". مضيفا أنه والمحللين بالمنطقة يرون أن قطر والسعودية يمكنهما التحاور لكن لا تسوية بدون الإمارات.

ويقول كريستيان كوتس أورليتشسن من جامعة رايس: "لا أرى في هذا الوقت الإمارات موافقة وسيكون من الصعب على السعوديين إقناع الإمارات التوقيع على اتفاق نهائي ولا حتى أولي".

وتختم فوهرا بالقول إن حكام الخليج ينحدرون من قبائل الجزيرة العربية وهم مسلمون وحافظوا على حكمهم الملكي عبر الثروة النفطية، إلا أن خصوماتهم أقدم من ثروتهم النفطية ولا يريد أي منهم الظهور بمظهر المتراجع. وربما كان ترامب يأمل في نصر دبلوماسي، ولو تحقق فإنه سيكون مؤقتا والأمر يعود لبايدن لكي يجمع الأطراف الخليجية في جبهة واحدة ضد إيران.