ملفات وتقارير

"ربع الله".. فصيل شيعي يثير الرعب ويمارس الابتزاز بالعراق

أكد مراقبون أن "ظهور أي جماعة مسلحة يؤدي إلى تعطيل مصالح الناس والمستثمرين"- جيتي

في ظل غياب واضح للأجهزة الأمنية، ظهرت على الساحة العراقية مجموعة شيعية جديدة تطلق على نفسها "ربع الله" (جماعة الله)، أخذت على عاتقها ابتزاز أصحاب مراكز المساج ومحال المشروبات الكحولية والفنادق والمولات، فضلا عن معاقبة كل من ينتقد الحشد الشعبي وقادته.


الظهور الأول لهذه الجماعة على أرض الواقع بالعراق كان في مطلع العام الجاري، بعد عملية الاغتيال التي طالت قائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، حيث هدد عناصرها آنذاك بفيديوهات مصوّرة بالثأر من القوّات الأمريكية.


"تجربة الباسيج"


من جهته، قال الباحث في الشأن العراقي، أحمد المنصوري، في حديث لـ"عربي21"، إن "جماعة (ربع الله) هي مليشيا تشكلت من مجموعة مليشيات ولائية تأتمر بإمرة إيران، لاسيما كتائب حزب الله، عصائب أهل الحق، حركة النجباء، كتائب سيد الشهداء، والخراساني".


ولفت إلى أن "مهمة هذا التشكيل في بداية الأمر كانت مهاجمة كل من ينتقد قادة وتشكيلات الحشد الشعبي، سواء قنوات فضائية أو سياسيين، وهذا ما حصل في حرق قناة دجلة العراقية، وإم بي سي عراق، إضافة إلى حرق مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني، بعد انتقاد القيادي فيه هوشيار زيباري للحشد الشعبي".

 

اقرأ أيضا: قتيلان باحتجاجات بالسليمانية العراقية.. وحرق مكاتب أحزاب


وأوضح المنصوري أن "عمل هذه الجماعة بدأ يأخذ منحى آخر، وذلك بتحوله إلى لجان أمنية، والتعرض إلى مراكز التجميل والمحال التجاري والفنادق وغيرها، إذ اقتحموا في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي أحد مراكز المساج في بغداد، وانهالوا على العاملين فيه والمرتادين إليه بالضرب والشتم، وتحطيم موجودات المكان".

 

 

وأضاف أن كل ذلك يجري على مرأى ومسمع من الأجهزة الأمنية، لأننا شاهدنا في مقاطع فيديو انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، أن حافلات وسيارات رباعية الدفع تتجول في بغداد، وتقل أشخاصا مكتوبا على ملابسهم عبارة "ربع الله".


وتساءل المنصوري قائلا: "كيف يمكن لنحو 50 شخصا أن يتجولوا في بغداد والشارع مليء بمختلف الأجهزة الأمنية؟ الجواب: إن رجال الأمن يخشون محاسبتهم، وهذا رأيناه عندما أحرق عناصر (ربع الله) المؤسسات التي ذكرتها آنفا، أظهرت مقاطع فيديو بعض منتسبي الأجهزة الأمنية وهم يلتقطون صورا لعمليات الحرق".


ونوه المنصوري إلى أن "ربع الله"، التي تمارس عمل اللجان الأمنية في مناطق بغداد، وتحاسب من تشاء، تؤدي دورا شبيها بقوات "الباسيج" الإيرانية، التي توكل إليها مهمة قمع المظاهرات ومعاقبة من يخرج عن طوع النظام.


وأكد أن "الحكومة العراقية تتحمل مسؤولية إضعاف رجل الأمن وأجهزة الدولة الأمنية والعسكرية أمام هذه المليشيات، وذلك بالتردد في محاسبتهم، وكشف إلى أي جهة ينتمون، ومن يحركهم".

 

اقرأ أيضا: مقتل متظاهر بكردستان العراق وتصاعد باحتجاجات الإقليم


ولم يستبعد المنصوري أن "دوافع هذه الجماعة من مهاجمة مركز المساج وتوعد مراكز أخرى هو الابتزاز المالي وأخذ الإتاوات، وليس كما تدّعي بأنها تمنع المنكر والفحش في المجتمع، لأن هذه المليشيات الولائية متهمة برعاية صالات القمار والنوادي الليلية في بغداد، لقاء حصص مالية تدفع لهم شهريا".


وشدد على أن "ممارسات (ربع الله) تثير الرعب والهلع بين سكان العاصمة بغداد، لأنهم يتحركون بكامل حريتهم، ولا يعترضهم أو يحاسبهم أحد، فبالتالي الكل قد يتعرض للانتهاك أو الابتزاز من هذه العناصر المنفلتة، المسنودة من مليشيات وأحزاب نافذة موالية لإيران.


"أعمال إرهابية"


وفي السياق ذاته، قال المحلل السياسي كاظم ياور لـ"عربي21"، إن "العراق جزء أساسي من المجتمع الدولي، فهو عضو في الأمم المتحدة، وجامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وإن مؤسسات الدولة العراقية تستند في عملها على دستور صادق عليه الشعب، وبناء على ذلك تتعامل الأسرة الدولية مع الدولة العراقية".


وأضاف أن "ما يظهر من جماعات في الساحة العراقية وبأسماء تعتمد على المسميات الدينة، ليس لديها أي أساس دستوري وقانوني؛ كونها لا تنتمي إلى مؤسسات الدولة؛ لذلك فهي جماعات خارجة عن القانون، ولا بد للحكومة من محاسبتها".


ولفت ياور إلى أن "الدستور العراقي يمنع ويحرم عمل وتواجد أي جماعة لا تعترف بها المنظومة الدستورية العراقية، وما تمارسه هذه الجماعة من أعمال كلها مخالفة للقانون وتخريبية وإرهابية، لأنها لا يمكن لها أخذ دور مؤسسات الدولة الأمنية بمحاسبة الآخرين في مناطق وشوارع العراق".


وأكد المحلل السياسي أن "ظهور أي جماعة مسلحة يؤدي في المحصلة إلى تعطيل مصالح الناس والمستثمرين، لأن رأس المال جبان كما هو معروف، فكيف تأتي الشركات العملاقة للعمل في العراق، دون أن تتعرض للاختطاف من هذه الجماعات؟".


ورأى ياور أن "الحكومة العراقية والجهات الأمنية الرسمية مطالبة بمصارحة الشعب بوجود هذه الجهات الخارجة على القانون، وتسميتها، وبيان إلى أي جهة تنتمي أو توالي؛ حتى يطلع الرأي العام على ذلك، ومن مسؤولية الحكومة محاسبة هؤلاء".


وبخصوص الحديث عن انتماء هؤلاء إلى الحشد الشعبي، قال ياور إن "الحشد الشعبي ينفي انتماء هذه الجماعات إليه، ويتبرؤون من أفعالهم، لذلك تبقى من مسؤولية الأجهزة الأمنية الكشف عن انتماءات هذه الجماعات التي بدأت تتمدد، وضرورة محاسبتها، لأننا لا نرى أي محاسبة تُقدم عليها الحكومة".