نشر موقع "أيارإكس" الروسي تقريرا تحدث فيه عن الاحتجاجات التي استمرت أكثر من نصف عام في الولايات المتحدة تحت رعاية الحركات والجماعات اليسارية، مثل حركة "حياة السود مهمة" والحركات المناهضة للفاشية.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"؛ إن موجة من التكهنات انطلقت في روسيا والغرب على حد سواء، تزعم أن الميول إلى الانقلابات "الملونة" ارتفع نتيجة تطور الكلاسيكيات الماركسية.
وأشار الموقع إلى أن المصطلح المألوف "الماركسية الجديدة"، الذي يرتبط في المقام الأول بمدرسة فرانكفورت للفلسفة، يساعد على الترويج لهذه التكهنات. فالعلاقة بين نظرية "المنظومة العالمية" و"مدرسة فرانكفورت" تعكس إلى حد ما التحالفات الداخلية في بدايات الاتحاد السوفيتي، وفترة النضال ضد "الانحرافات" اليمينية واليسارية والتروتسكية التي وحدتهم.
ويروج البعض إلى رأي مفاده أن "الماركسية الجديدة" مشبعة تماما بمناهضة الستالينية، غير أنهم بذلك يزوّرن التاريخ - كما لو كان تروتسكي، لا ستالين، هو الذي نفذ توجه لينين في الحركة - ومن ثم، فإن "الماركسية الجديدة" مرتبطة باللينينية.
أوضح الموقع أن ليون تروتسكي لم يكن بلشفيا حتى سنة 1917، أي تقريبا حتى تاريخ انعقاد المؤتمر السادس لحزب العمال الديمقراطي الاشتراكي الروسي، وقد كان مجرد عضو في مجموعة المناشفة، التي تشكلت في عام 1913 على أنقاض ما يسمى بـ "كتلة أغسطس"، التي عارضت بشدة اللجنة المركزية اللينينية.
وذكر الموقع أن الاختلاف الأساسي بين البلاشفة والمناشفة يتعلق بمسألة الانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية. في ذلك الوقت، اعتقد المناشفة أن الاشتراكية سوف تنبثق من داخل الرأسمالية مع تلاشي التناقضات الطبقية. يتنكر جوهر "الماركسية الجديدة" أو التروتسكية في هيئة "المركزية"، وهو المزج بين الخطاب البلشفي والسياسة المنشفية.
ومن هناك، برزت الخلافات المستمرة بين لينين وتروتسكي قبل الثورة وبعدها حول جميع القضايا، انطلاقا من معاهدة بريست للسلام وصولا إلى دور النقابات العمالية ومصير الفصائل الحزبية الداخلية.
وأكد الموقع أن الإمبريالية ليست إمبراطورية أو سياسة إمبريالية، بل مرحلة احتكار الرأسمالية، وفسح المجال للاحتكار التعاقدي للسوق من قبل كبار اللاعبين الرئيسيين على حساب الجميع، مما يؤدي إلى تزايد نفوذ البنوك والشركات عبر الوطنية.
بعد ذلك، أدرك لينين انتهازية الاشتراكية الديمقراطية الغربية والمنشفية الروسية، وأن التروتسكية ليست الخيار المناسب حتى بالنسبة لأتباعها، المعارضين للبلاشفة. وفي الفترة ما بين 1915 و1917، ظهرت ثلاث نظريات لينينية أساسية واحدة تلو الأخرى:
نظرية الإمبريالية و"الحلقة الضعيفة"، وهي سبب وجود التنمية غير المتكافئة في ظل الإمبريالية.
نظرية الثورة الاشتراكية في بلد واحد، التي طورها ستالين في وقت لاحق لتصبح نظرية بناء الاشتراكية في بلد واحد.
نظرية ديكتاتورية البروليتاريا في الدولة.
وأخرج لينين روسيا من الإمبريالية، لتجنب اندماجها مع الإمبريالية العالمية المتطرفة في ظروف هامشية حتى قبل تشكيلها، وأسس "المنظومة العالمية" الخاصة به. بعد ذلك، نشأت في العالم مواجهة حادة بين "نظامين عالميين"؛ هما الرأسمالية والاشتراكية.
من ناحية أخرى، أدت استعادة الرأسمالية في الاتحاد السوفيتي في التسعينيات إلى إسقاط "النظام العالمي" السوفيتي، ودمج بقايا "روسيا العظمى" في الإمبريالية المتطرفة. وهذا يعني أن نظرية "المنظومة العالمية" هي نظرية "ماركسية جديدة"، وهي استمرار مباشر للماركسية خارج العصر الإمبريالي، وفي ظروف الإمبريالية المتطرفة والعولمة.
وأشار الموقع إلى أنه في حال ارتبطت الخلافة اللينينية الستالينية ببناء الدولة، فإن خلافة تروتسكي "الماركسية الجديدة" مرتبطة بتقويض وتدمير الدولة. في المرحلة الأولى من تطور الماركسية، خلص كارل ماركس نفسه، باستخدام مثال السياسة الاستعمارية البريطانية تجاه أيرلندا، إلى أن هيمنة الإصلاحية على الثورة في الحركة العمالية الإنجليزية، ترتبط ارتباطا وثيقا باستغلال المستعمرات، التي يحصل منها العمال أيضا على شيء ما.
بعد وفاة ماركس، تبنى فريدريك إنجلز هذا الموقف لتبرير رفض الثورة، مما أدى إلى تحول الديمقراطية الاجتماعية الأوروبية إلى الانتهازية. على المستوى الأيديولوجي أدخلت الجمعية الفابية إلى الماركسية الغربية فكرة الاشتراكية غير الماركسية في العالم وتشكيل العالم الطبقي. ومنذ سنة 1900، كانت الفابية جزءا لا يتجزأ وأساسيا من المنصة الأيديولوجية لحزب العمال.
وأورد الموقع أنه لا يختلف اثنان على حقيقة أن النظريات "الماركسية الجديدة"، على عكس الماركسية، استمرت رغم فشلها في الوجود في إطار الأفكار اليمينية العلنية. لكن المحتوى المدمر والتخريبي للماركسية الجديدة، الذي وضعه منظرو مدرسة فرانكفورت، استبدل البروليتاريا الصناعية للمؤسسات الكبيرة بمزيج زائف من البروليتاريين، يضم الشباب الراديكاليين والمثليين والمتظاهرين الملونين.
على خلفية ذلك، نشأت التقنيات السياسية لمدارس "المقاومة السلمية " لشاول ألينسكي وجين شارب، التي أصبحت بدورها الأساس الأيديولوجي للعديد من المرشحين المعاصرين للحزب الديمقراطي الأمريكي. وفي الواقع، إن "الديمقراطية الجديدة" ونظرية "المنظومة العالمية" هما وجهتا نظر للواقع نفسه، ويتشاركان الديناميكيات التاريخية نفسها.