* قلقون للغاية بشأن أوضاع 5 ملايين طفل سوري يتنقلون مع عائلاتهم التي نزحت داخل البلاد وخارجها
* ندق جرس إنذار للمجتمع الإنساني بأكمله تجاه خطورة ما يحدث داخل سوريا.. ولابد من تحركات عاجلة
* ندعم الدعوة العالمية لوقف إطلاق النار حتى يصبح الأطفال آمنين وكي نتمكن من إعادة بناء حياتهم
* يجب علينا أن نفي بالوعد الذي قطعناه على أنفسنا قبل 7 أعوام بأننا لن نفقد جيلا بأكمله من السوريين
* جائحة كورونا جعلت أوضاع الأطفال بسوريا أكثر سوءا وتفاقمت هشاشتهم أكثر من أي وقت مضى
* المواطنون السوريون أصبح عليهم الاختيار ما بين وضع الطعام على المائدة أو شراء الأقنعة لمواجهة كورونا
* نصف سكان سوريا يعتمدون على المساعدات الخارجية.. و80% من قاطني الأجزاء الشمالية بحاجة لمساعدات إنسانية
* سوريا ليست مكانا آمنا للعودة.. ويجب وضع احتياجات الناس ورغباتهم في قمة أولويات أي قرار من شأنه إعادة اللاجئين
عبّرت
مديرة الإعلام وشؤون الدفاع عن حقوق اللاجئين في مكتب الاستجابة للأزمة السورية بمنظمة
الرؤية العالمية (وورلد فيجن)، الكساندرا ماتييه، عن بالغ قلقها بشأن 5 ملايين طفل
سوري يتنقلون مع عائلاتهم الذين نزحوا داخل البلاد وخارجها، لافتة إلى أن "حياة
هؤلاء الأطفال ازدادت سوءا وتفاقمت هشاشتهم أكثر من أي وقت مضى قبل ظهور جائحة
كورونا".
جاء
ذلك في مقابلتها الخاصة ضمن سلسلة مقابلات مُصورة تجريها "عربي21"، تحت
عنوان (ضيف "عربي21").
وأشارت
"ماتييه" إلى قيام منظمة الرؤية العالمية بتنفيذ أنشطة صحية من خلال
شركائهم المحليين شمالي سوريا من أجل المساهمة في مكافحة كورونا، مضيفة: "أنشأنا
مرفقا صحيا لنكون قادرين على تقديم المساعدة الصحية والمنقذة للحياة للمتضررين من الجائحة،
وتخبرنا فرقنا حاليا أنها مرهقة بسبب الأعداد المتزايدة وصعوبة إمكانية الاستجابة
لهذه الاحتياجات. وأعتقد أن هذا جرس إنذار للمجتمع الإنساني بأكمله تجاه ما
يحدث داخل سوريا".
وعن
مطالبة وزير الداخلية الألماني بمراجعة إمكانية ترحيل اللاجئين إلى سوريا، أضافت
الحقوقية الدولية: "نؤمن بشدة أن سوريا ليست مكانا آمنا للعودة التي ينبغي أن
تكون من خلال وضع إطار عمل للحلول المستدامة مع وضع احتياجات الناس ورغباتهم في
قمة أولويات أي قرار من شأنه إعادة اللاجئين السوريين إلى ديارهم".
وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "ضيف عربي21":
كيف تنظرون لتداعيات جائحة كوفيد-19 على الوضع السوري؟ وكيف ترون واقع الإصابات اليوم؟
في
البداية، كمنظمة تُعنى بحقوق الطفل، فإن منظمة الرؤية العالمية (وورلد فيجن) قلقة
بشكل كبير بشأن أوضاع 5 ملايين طفل سوري يتنقلون مع
عائلاتهم الذين نزحوا داخل البلاد وخارجها. لقد ازدادت حياتهم سوءا وتفاقمت
هشاشتهم أكثر من أي وقت مضى قبل ظهور الوباء. لقد جعل فيروس كورونا (كوفيد-19)
الأمور أسوأ بالنسبة لهم. وصلت أعداد الإصابات داخل سوريا إلى أكثر من 6,000 حالة
إيجابية وشهدنا ارتفاعا في الأرقام خلال الأشهر الماضية. يرجع ذلك إلى توفر
إمكانية أفضل لإجراء الفحوصات، وتوفر المزيد من الموارد الواردة داخل البلاد.
أعتقد
أن ما يعنيه هذا حرفيا بالنسبة للسكان السوريين هو أنه مع نقاط الضعف الجديدة التي
أصبحوا يعانون منها، أمسى لديهم الآن خيار بسيط للغاية وحزين في بعض الأحيان، وهو
الاختيار ما بين وضع الطعام على المائدة أو شراء الأقنعة. يكون الاختيار صعبا جدا
في معظم الأحيان وليس لديهم القدرة على التعامل مع هذه التحديات.
بالنسبة
للأطفال على وجه الخصوص، كان ذلك يعني الأسوأ لهم، لأن الأطفال الذين اعتادوا
الذهاب إلى المدرسة من قبل لم يعد بإمكانهم ذلك في الوقت الحاضر. فإن التعليم عن بُعد
هو بمثابة رفاهية للأطفال السوريين الذين نزحوا وفقدوا كل شيء في بلدهم.
وعلاوة
على ذلك، فقدت العائلات سبل عيشها ولم تعد إمكانياتها الاقتصادية كما كانت من قبل
نظرا للقيود الجديدة المتعلقة بفيروس كورونا من أجل سلامتها. هذا يعني أنها بحاجة
إلى التعامل مع هذه المخاطر الصحية الجديدة التي غلبت على العالم بأسره وليس على
سوريا فقط. كما يعني ذلك أنها اعتمدت آليات تكيف سلبية واضطرت إلى إرسال أطفالها
إلى العمل وتزويج بناتها في سن مبكرة وفقا لتقرير منظمة الرؤية العالمية (وورلد
فيجن) الأخير تحت عنوان "المستقبل المسروق" الذي كنا نحقق فيه خلال
الصيف.
هل النظام الصحي السوري قادر على مواجهة هذه الأزمة أم لا؟
أعتقد
أن هذا سؤال أكبر بكثير من أن يتعلق بالنظام الصحي في سوريا. أرهقت هذه الجائحة
العالمية قدرات المستشفيات العامة والمرافق الطبية في جميع أنحاء العالم. أولا،
أُرهقت سوريا، كما هو الحال في أي دولة أخرى، بسبب هذا الوباء وجراء زيادة حالات
الإصابة الإيجابية بفيروس كورونا خلال الأشهر القليلة الماضية. ما يعنيه ذلك
بالنسبة لسوريا هو أن العاملين في المجال الصحي يقعون ضحايا لهذا الفيروس. وهذا
يعني أيضا أنه مع انخفاض القدرة الطبية بين السكان السوريين على الاستجابة في
المستشفيات، يحاول السوريون الحصول على الرعاية الطبية التي يحتاجونها، إلا أنهم
لا يتمكنون من الحصول عليها عند الحاجة لها.
ثانيا،
ما يقلقنا حقا والذي نشهده منذ شهرين الآن هو حقيقة أننا نسمع روايات عن تخوّف
السكان السوريين من طلب العلاج الطبي بسبب وصمة العار والتفرقة. فإن هذا يضيف طبقة
أخرى من المخاطر ونقاط الضعف بين هذه الفئة من السكان والتي ينبغي ألا نراها.
ثالثا، نقوم في
منظمة الرؤية العالمية (وورلد فيجن) بتنفيذ أنشطة صحية من خلال شركائنا المحليين
في الجزء الشمالي من سوريا. أنشأنا مرفقا صحيا لنكون قادرين على تقديم المساعدة
الصحية والمنقذة للحياة للمتضررين من فيروس كورونا. تخبرنا فرقنا حاليا أنها مرهقة
بسبب الأعداد المتزايدة وصعوبة إمكانية الاستجابة لهذه الاحتياجات. أعتقد أن هذا
جرس إنذار للمجتمع الإنساني بأكمله تجاه ما يحدث داخل سوريا.
دعوتم إلى زيادة المساعدات الدولية وتكثيفها لإنهاء أو تقليل معاناة الأطفال السوريين وعائلاتهم.. فكيف ترون إمكانية زيادة المساعدات الدولية؟
أعتقد
أن ما يحتاج المجتمع الدولي إلى التذكير به هو أنه داخل سوريا، يعتمد نصف السكان
تقريبا على المساعدات الخارجية، ناهيك عن الأجزاء الشمالية، حيث تصل النسبة إلى 80%
من السكان الذين هم بحاجة إلى المساعدات الخارجية. لهذا السبب، نحتاج إلى المزيد
من التمويل للسكان السوريين، وخاصة الأطفال. نظرا لتسبب فيروس كورونا بزيادة
قابلية التضرّر من المخاطر المتعلقة بالحماية والمخاطر الصحية، فضلا عن تدهور سبل
كسب العيش والمهارات الحياتية التي كان يحصل عليها السكان قبل انتشار الفيروس على
مستوى العالم، فإن هذا هو المجال الذي نحتاج إلى توجيه كل جهودنا للعمل عليه
وإيجاد استجابة متكاملة من المجتمع الدولي والمانحين على حد سواء. نحن بحاجة إلى
إدراج تمويل فيروس كورونا المتاح في الخطط الإنسانية الحالية والتمويل بدلا من
إنشاء قنوات تمويل متوازية.
ما هي العراقيل التي تحول دون إيصال المساعدات الإنسانية إلى الشعب السوري شمالي وجنوبي البلاد؟
أعتقد
أن ما يجب أن نتذكره هو أنه، في شهر أيلول / سبتمبر وحده، كان هناك زيادة بمقدار
14 ضعفا في حالات فيروس كورونا الإيجابية المؤكدة. إن هذه الزيادة الهائلة في
الأعداد تعني أننا بحاجة إلى مزيد من الدعم لسكان سوريا وللوصول إلى الأطفال
الأكثر ضعفا وعائلاتهم.
ومن
وجهة نظرنا فإن العقبة الرئيسية أمام الوصول إلى المحتاجين هو للأسف قرار مجلس
الأمن الدولي الذي ألغى 3 من أصل 4 نقاط لعبور المساعدات عبر الحدود من دول الجوار
إلى داخل سوريا.
كما
تظهر لنا الحقائق بوضوح بأن هذا يؤثر حقا على العائلات الأكثر هشاشة. فعلى سبيل
المثال، كان هناك خلال الشهر الماضي انخفاض بمقدار ثلاثة أضعاف في المساعدات
الغذائية المقدمة إلى داخل سوريا لأنه لم يكن هناك العديد من نقاط العبور مقارنة
بما كان الوضع عليه قبل القرار الصادر.
إلى أين تتجه الأوضاع الحقوقية بسوريا في ضوء حالة التردي والتدهور الراهنة خاصة مع دخول فصل الشتاء؟
يذكرني
هذا السؤال بالقصة التي سمعناها في الأسبوع الماضي عن طفل رضيع يبلغ من العمر
أربعة أشهر في إحدى المخيمات في شمال سوريا، والذي توفي بسبب الطقس والظروف
المعيشية السيئة التي كان يعيش فيها مع أسرته. أعتقد أن هذه قصة ينبغي ألا تتكرر
هذا الشتاء أيضا. ما يحتاجه النازحون السوريون والأطفال وأولياء أمورهم والمجتمع
ذاته هو التأكد من وجود تمويل كافٍ للاستثمار في المآوي والمنازل والتدفئة وتوفير
مستلزمات الشتاء الضرورية التي تحافظ على دفء الناس وسلامة الأطفال وبقائهم على
قيد الحياة.
هناك تقارير تشير إلى وجود أكثر من 45% من ذكور الشمال السوري و85% من الإناث يُعانون من البطالة، وذلك قبل الإجراءات الاحترازية للجهات الخدمية والإنسانية التي خفّضت من كوادرها بسبب جائحة كورونا.. ما هي خطورة هذه الأرقام؟
في
منظمة الرؤية العالمية (وورلد فيجن)، دقينا ناقوس الخطر منذ أكثر من شهرين لأننا
أدركنا أن الآثار الثانوية لفيروس كورونا ستكون أكثر خطورة على المحتاجين داخل
سوريا وخارجها. ومع مرور الوقت، سيكشف الفيروس المستجد الآثار السلبية له على
السكان. إن البطالة هي واحدة من تلك الآثار الثانوية، وقد شهدنا زيادة كبيرة في
البطالة لمجرد أن الناس كانوا يعملون بشكل يومي ويعيشون على أجور يومية تم
تعليقها.
إن
الأسوأ من ذلك هو تدهور الاقتصاد وترك الناس دون القدرة على مواجهة هذه التحديات،
مما يجعل العائلات والأهالي يلجؤون إلى آليات التكيف السلبية؛ فيتم إرسال الأطفال
إلى العمل، ويتم دفع الفتيات للزواج في سن مبكرة. وفقا لتقريرنا الأخير،
"المستقبل المسروق"، فإن جميع الفتيات تقريبا قد شهدن أو عانين أو يعرفن
شخصاً تعرض لزواج الأطفال. وهذا سبب مباشر لما يحدث على مستوى العالم وفي داخل
سوريا على وجه الخصوص مع استمرار الصراع على الرغم من الوباء العالمي والدعوة العالمية
لوقف إطلاق النار في آذار/ مارس 2020.
البعض علّق آمالا على أن "كورونا" ربما يكون سببا في وقف الحرب السورية.. إلى أي مدى هذا الأمر قد يكون واقعيا؟
تدعم
منظمة الرؤية العالمية (وورلد فيجن) الدعوة العالمية لوقف إطلاق النار التي أطلقها
الأمين العام للأمم المتحدة في شهر آذار/ مارس الماضي. نحن شهود بشكل مباشر على
التأثير المروّع للعنف المستمر والصراع المفتوح على الأطفال. فإن للصدمة
والاحتياجات النفسية والخوف الذين يسيطرون على حياة الأطفال تأثير على مدى الأجيال
القادمة، ويجب علينا أن نفي بالوعد الذي قطعناه قبل 7 أعوام بأننا لن نفقد جيلا
بأكمله. ولكي يحدث هذا، نحتاج إلى وقف الصراع والعنف حتى يصبح الأطفال آمنين. بعد
ذلك، يمكننا إعادة بناء حياتهم والاستثمار في تعليمهم وحمايتهم حتى يتمكنوا من
الازدهار والتعافي.
وزير الداخلية الألماني طالب مؤخرا بمراجعة إمكانية ترحيل اللاجئين إلى سوريا.. فكيف ترون أوضاع اللاجئين السوريين في المجتمعات المضيفة لهم خارج سوريا؟ وكيف يمكنهم العودة طواعية إلى ديارهم؟
ليست سوريا مكانا
آمنا للعودة إليه. لقد كانت هذه رسالة واضحة من المجتمع الإنساني والجهات المانحة
والوكالات الإنسانية الشريكة. وعلينا أن نتذكر ذلك. وللأسف، شهدنا الأسبوع الماضي
زيادة في القصف والهجمات العشوائية ضد السكان في الجزء الشمالي من البلاد. ولسوء
الحظ، فقد أحد شركائنا المحليين اثنين من موظفيه في هذا القتال بينما لقي أربعة
أطفال آخرين حتفهم نتيجة لذلك.
وتؤمن منظمة الرؤية
العالمية (وورلد فيجن) بشدة أن سوريا ليست مكانا آمنا للعودة ونعلم أن هناك دافعا
لمناقشة عودة اللاجئين السوريين إلى الوطن. أعتقد أن هذا يجب أن يحدث من خلال وضع
إطار عمل للحلول المستدامة مع وضع احتياجات الناس ورغباتهم في قمة أولويات أي قرار
من شأنه إعادة اللاجئين السوريين إلى ديارهم.
ونحن نقف إلى جانب
الأشخاص الذين يريدون العودة طواعية إلى ديارهم، ولكن هذا يجب أن يكون بناء على
اختيارهم، ومع الأسف فإننا نرى عالما أصبح أكثر فأكثر تقييدا على مستوى العالم
وعلى مستوى البلدان المجاورة لسوريا.
"المجلس السوري للتغيير" يعتزم طرح مبادرة لحل الأزمة قريبا
"عربي21" تحاور رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان (شاهد)
ضيف "عربي21": مقابلة مع طفلة سورية مرشحة لجائزة دولية