علوم وتكنولوجيا

ما هي الأزمة الوجودية.. وكيف نستطيع تجاوزها؟

الطبيب النفسي أكثر من يمكن أن يقدم مساعدة دقيقة في هذه المسألة- CC0

نشرت مجلة "ميديكو بلس" الإسبانية تقريرا سلطت فيه الضوء على مفهوم الأزمة الوجودية، وكيف يمكن أن نتغلب على هذا الشعور.

 

وقالت المجلة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21" إننا نمر في بعض الأحيان بأوقات صعبة، نشعر فيها أنه لا معنى لوجودنا، وتتبادر إلى أذهاننا أسئلة من قبيل، ما سر وجودي في هذا العالم؟ ما هو هدفي في الحياة؟ ماذا يحدث إذا لم أحقق أهدافي؟ 

وتكمن المشكلة في أن طرح هذه الأسئلة يمكن أن يدمر طاقاتنا ويفقدنا احترامنا لذواتنا ويضعف ثقتنا بأنفسنا ويجعلنا سجناء للأفكار السلبية.

في هذه المرحلة، نجد أنفسنا في مواجهة ما يُعرف بالأزمة الوجودية، وهي فترة من الحياة يمرّ بها معظم الناس. في كثير من الأحيان، يُنظر إليها كشعور طبيعي نستطيع أن نتغلب عليه بسهولة، ولكنه قد يتحوّل أحيانا إلى أزمة يصعب الخروج منها.


ما هي الأزمة الوجودية؟

توضح المجلة أن الأزمة الوجودية ليست مرضًا ولا اضطرابًا نفسيًا. لذلك ما يشعر به المرء في مثل هذه الحالات بعيد كل البعد عن أي أمراض نفسية أو عقلية.

يمكن تعريف الأزمة الوجودية على أنها حالة عاطفية مرتبطة بالأحاسيس السلبية التي تنشأ من صعوبة إيجاد هدف محدد يشغلنا في الحياة. هذا الشعور بعدم وجود مكان لنا في العالم يولد اليأس والإحباط والحزن.

وتشكل كل هذه المشاعر السلبية حلقة مفرغة، يشعر فيها الشخص بأنه لا معنى لوجوده في الحياة. تختلف طبيعة الأزمة وحدّتها من شخص إلى آخر، ويمكن أن تشمل العلاقات في العمل أو العلاقات الشخصية والخطط المستقبلية وكل نواحي تفاصيل الحياة تقريبا.

ورغم أن الأزمة الوجودية ليست مرضًا، إلا أنه من الضروري عدم الاستهانة بها، حيث يمكن أن تمهد الطريق لمشاكل صحية. لذلك، من المهم أن نتعلم كيف نتصرف عندما نمر بهذه المرحلة في حياتنا.

ما درجة خطورة هذه الأزمة؟

تؤكد المجلة أن خطورة الأزمة الوجودية ترتبط بطريقة تصرفك تجاه هذا الشعور. فهذه الأزمة حالة ذهنية فريدة من نوعها لا تشبه أي شعور آخر وليس هناك وصفة جاهزة لعلاجها. 


كل شخص يعرف درجة تأثيرها على حياته وما الذي يمكن أن يفعله للتغلب عليها، ويمكن لها أن تؤذيك فقط إذا سمحت لعقلك بأن يستسلم للمشاعر السلبية.

ولكن ماذا يعني هذا؟ هذا يعني أن نتعامل مع الأزمة الوجودية بحكمة ولا نترك المجال لمشاعرنا السلبية أن تسيطر على أذهاننا وتدمر حياتنا. وإذا لم يتوقف الاتجاه السلبي في طريقة التفكير، فمن الممكن أن تتحوّل الشكوك العابرة والمخاوف البسيطة حول معنى الحياة، إلى نوبات قلق واكتئاب، وحتى إلى إدمان المخدرات. 


لذلك، من المهم أن نكتشف هذا الشعور بسرعة ونتخذ خطوات تساعدنا على استعادة التوازن النفسي وفهم الذات والتأقلم مع الحياة بكل تناقضاتها وأزماتها.


ولتجنب الوقوع في براثن الحزن والشكوك وحالات عدم اليقين، هذه بعض الخطوات العملية لمعالجة الأزمة الوجودية:

حاول أن تعرف سبب الأزمة  

إذا بحثنا عن الأسباب الرئيسية للأزمة الوجودية، سيساعدنا ذلك في حل المشكل بأخف الأضرار. 

قد نعيش هذه الأزمة أحيانا بسبب أمر مبهم لا نعرف أساسه، ولكن إذا تمكنا من العثور على السبب، فسوف نشعر ببعض التوازن. ربما كان ذلك بسبب مشكلة في العمل أو الانفصال عن شخص عزيز علينا أو صدمة في مرحلة الطفولة أو موقف مؤلم، أو ببساطة الشعور بالوحدة.

2. تواصل مع ذاتك

عندما لا تعرف حقًا من أنت وماذا تريد وما تحتاجه وما هو حلمك، من السهل جدًا أن تنتابك المخاوف الوجودية.

من المهم أن نسعى دائمًا (ليس فقط عندما نكون في قلب الأزمة) للتواصل مع ذواتنا، وأن نكون واضحين بشأن ما نريد، ونقضي وقتا كافيا بمفردنا ونستمع جيدا إلى عواطفنا.


3. اعتمد على من تحبهم

من المهم أن نتحدث عن مخاوفنا مع أحبائنا وأن نخبرهم بما نمر به في هذه المرحلة. عندما تفصح عن شعورك للأشخاص الذين يعرفونك ويحبونك، سيكونون قادرين على مساعدتك.


4. اقرأ كتب علم النفس 

هناك مئات الكتب التي يمكن أن تساعدك على التعرف على نفسك بشكل أفضل لحل الأزمات الوجودية. إذا كنت تؤمن حقا بأهمية تلك الكتب، ستجد فيها أفضل النصائح والطرق عن أصل الأزمة وكيفية التغلب عليها.


5. خصص وقتًا لشغفك

إن تكريس الوقت للقيام بما نحب هو أفضل طريقة لنسيان الأزمة، بالإضافة إلى أننا سنولد مشاعر إيجابية تساعدنا على مواجهة الموقف بتفاؤل. القراءة وممارسة الرياضة ومقابلة الأصدقاء والخروج لتناول العشاء أو الغداء والمشي لمسافات طويلة والذهاب إلى الشاطئ والكتابة، من الأشياء التي تجعلك تنسى الأزمة الوجودية وتستمتع بحياتك.


6. تذكر إنجازاتك ونقاط قوتك

عندما يمرّ المرء بأزمة وجودية، يفقد غالبا ثقته بنفسه واحترامه لذاته، ولا يجد أي معنى لوجوده.

لذلك من المهم عندما تكون في مثل هذه المرحلة، أن تبذل جهدًا لتتذكر نقاط قوتك والنجاحات التي حققتها والأشياء الجيدة التي قالها عنك الآخرون.

7. تمسّك بمبادئك

عندما نكون في هذه المرحلة الدقيقة، من المهم جدا ألا نتخلى عن قيمنا. بغض النظر عن مدى ضعفنا العاطفي، لا يمكننا أن نخذل أنفسنا ونتراجع عن مبادئنا. تذكر أن تتصرف دائمًا وفقًا لأخلاقك والقيم التي نشأت عليها، لأن التخلي عنها سيزيد الأمور سوءا.


8. لا تستعجل الأمور

لا يمكننا تحديد جدول زمني لتجاوز الأزمات الوجودية، فهناك أشخاص تغلبوا عليها في أيام قليلة، وآخرون في أسابيع، وبعضهم في شهور، وهناك من استغرق الأمر بالنسبة له عدة سنوات.

ينبغي أن تدرك أن كل شخص مختلف عن الآخر، ولا تعاقب نفسك إذا رأيت أن التغلب على هذا الموقف استغرق وقتًا أطول مما كنت تعتقد. 

9. استخدم التكنولوجيا

يمكن للتكنولوجيا أن تساعدنا في تجاوز الأزمة، فهناك عديد التطبيقات التي تهتم بالصحة النفسية والعاطفية.

يشكّل تطبيق "ميو" الذي تم إطلاقه في عام 2020، أحد أهم التطبيقات التي تسلط الضوء على كيفية التغلب على الأزمة وجودية، وذلك عن طريق التعليقات الصوتية ومقاطع الفيديو والأفلام القصيرة التي أثبت العلماء جدواها.

10. اطلب مساعدة نفسية

لا تنس أن الطبيب النفسي هو الشخص الأكثر استعدادًا لمساعدتك. من خلال العلاجات السلوكية، يمكن للطبيب المختص أن يساعدك في اكتشاف أساس المشكل، وسوف يقدم لك النصائح التي تتماشى مع شخصيتك، حتى تغيّر نمط حياتك وتتخطى الأزمة.