أعلن معارضون سعوديون، الأربعاء، إنشاء حزب يحمل اسم "التجمع الوطني"، يدعو إلى تحقيق العدالة، والحكم بالديمقراطية، وعدم احتكار الثروات من قبل السلطة الحاكمة.
الحزب الذي شارك في تأسيسه الأكاديمية مضاوي الرشيد، والحقوقي يحيى عسيري، والداعية سعيد الغامدي، والأكاديمي عبد الله العودة (نجل سلمان العودة)، والناشطان عمر الزهراني، وأحمد المشيخص، أثار جدلا داخل المعارضة نفسها، لعدة أسباب، أبرزها التأكيد على عدم تبني فكرة المطالبة بإسقاط نظام الحكم.
يرى معارضون سعوديون أن أي مشروع لا يتبنى إسقاط نظام الحكم، وإبعاد أسرة آل سعود عن المشهد، لا يمكن التعويل عليه، وهو ما يخالفهم به القائمون على الحزب الجديد، وغيرهم ممن يرون أن هذا المطلب بعيد عن الواقع، ومن غير الممكن تحقيقه بسهولة.
وقال الناشط عمر الزهراني، العضو المؤسس بالحزب، إن ما يميز "التجمع الوطني" عن غيره هو التعددية في نوعية المشاركين فيه، في إشارة إلى أن بعضهم ذو توجه إسلامي، وآخر ليبيرالي.
وأعلن الزهراني أن الحزب التقى بشخصيات سياسية دولية، وأن أحد الأهداف التي قام من أجلها "التجمع الوطني" هو كسب الصفة الرسمية، لا سيما أن القائمين عليه بصدد تسجيله حزبا رسميا داخل بريطانيا.
نقلة نوعية
اعتبرت الأكاديمية مضاوي الرشيد، أن الهدف الرئيسي من هذا الحزب إحداث نقلة نوعية في مسيرة الحكم نحو الديمقراطية.
وأوضحت الرشيد، التي اختيرت متحدثة باسم الحزب، أن "هذا التجمع يعمل علنا، وليس تنظيما سريا، وخطابنا الإعلامي سيكون موجها إلى الداخل والخارج، ونبين منهجية القمع لدى السلطات".
وتابعت في تصريحات صحفية بأن الحزب يطمح إلى إيجاد برلمان منتخب بالسعودية، كما سيعمل على توجيه خطابه نحو الشعب بالداخل، وسيكون مرآة لهم بالخارج.
الأمين العام للحزب الجديد، يحيى عسيري، قال إن "التجمع الوطني" لا يهدف إلى استبدال نظاما بآخر، متابعا: "نريد تغيير الاستبداد بخيار الشعب، وعبر المساواة والديمقراطية".
وتابع: "نقول للناس إننا نرغب في حفظ كرامة وحقوق الناس عبر قضاء مستقل عادل، والتأسيس للمسار الديمقراطي لمنح الشعب حرية التعبير والمشاركة".
فيما قال عبد الله العودة إن "هذا الحزب فكرة لإنقاذ البلاد من شفا الهاوية لبر الأمان، وتحقيق استقرار اقتصادي يكفل الأمن".
وأضاف أن "من أهم مبادئ الحزب: التوزيع العادل للثروات، واستقلال القضاء، جئنا لمعالجة هذه الخروقات والانتهاكات الفظيعة على الأرض، كالتهجير والريتز وغيرها".
رؤية ضبابية
على الرغم من الترحيب الذي أبداه معارضون سعوديون لفكرة إنشاء هذا الحزب، إلا أن آخرين أبدوا تحفظهم عليه.
المعارض البارز سعد الفقيه، وهو مؤسس لحركة "الإصلاح" بلندن، قال إن الحزب "لا بد فيه من وحدة كاملة، قيادة، طاعة، دستور ومنهج واحد، لائحة وهيكل إداري، وشروط وتراتبية للعضوية، وهذا كله لم يعلنه التجمع الوطني".
وقال في فيديو عبر قناته بيوتيوب، إن المؤسسين للتجمع الوطني غير متفقين بالمنهج، ولا بالهدف، ولا بالكيان، وبيان الحزب كان واضحا فيه المجاملة للغرب، والتنازل عن الثوابت الدينية.
وأضاف أن السبيل الأفضل هو عدم التقيد بحزب أو جماعة، والعمل بشكل فردي مع التنسيق خلف الكواليس، وذلك نظرا للاختلاف الكبير في توجهات المعارضين، على حد قوله.
واستدرك: "ما دام أنهم تبنوا تيار مواجهة الغرب، فلعلهم يسدون ثغرة ما، مثل ما تسد منظمات حقوق الإنسان وغيرها ثغرة معينة، رغم توقعنا بأنهم سيواجهون صعوبة بذلك، وإن حصل ذلك فربما يؤدون دورا جيدا بإقناع الغرب في شيء ما، وإشغال آل سعود بطريقة ما".
مضيعة للوقت
المعارض السعودي حسين القحطاني، قال في حديث لـ"عربي21"، إن "فكرة الأحزاب صحية لتظافر الجهود وتنظيم الأعمال، لكن تجريب المجرب والمطالبة بما طالب به الغير لعقدين من الزمن، لم ولن تستجب له الحكومة السعودية، وهو ما يعدّ مضيعة للوقت والجهد، وتشتيتا للداخل الذي يبحث عن الخلاص".
وتابع القحطاني، المقيم في لندن، بأن السعودية رفضت جميع طلبات دعاة الإصلاح، وكافأتهم بالسجن، ومارست التعذيب والقتل الممنهج ضدهم، متابعا: "كأنها تقول: إن لم يعجبكم الوضع الحالي فإننا نستطيع أن نريكم الأسوأ".
وأضاف: "نحن نهدف لإسقاط النظام، وليس العمل تحت مسماه، ومحاولة تقويمه بعد ما بان اعوجاجه، الذي لا حل معه سوى الكسر، فكيف يعقل بعدما رأينا كيف يتعاطى مع لغة (الإصلاح السياسي) أن نستمر على طريق أثبت فشله، ثم كيف سنتمكن من إسقاط نظام لم يستطع الكثير من المعارضين حتى الآن التخلي عن الانتساب له باستخدام مسمى (سعودي؟)".
وأردف قائلا: "أصبحنا على مشارف أن تعلن الحكومة التطبيع من قلب الحرم، وعلماؤنا ومفكرونا في السجون، بل انتهكت الحرمات، واستبيحت الدور، وسفكت الدماء، الوضع للأسوأ؛ بسبب الخوف من بذل الثمن".
وقال القحطاني إن لغة "التقرب" من الغرب خطوة غير موفقة، مضيفا أنه "من أهم وسائل التغيير هو الوصول للحاضنة الشعبية، ومخاطبتها بما تفهم، وليس بما يفهم الغرب، الذي لم ولن يكترث لوضع الإنسان تحت ظل دولة قمعية كالسعودية".
مشروع تاريخي
الإعلان عن الحزب لقي ترحيبا غير مسبوق من جهات حقوقية، اعتبرت أن "التجمع الوطني" هو إنجاز تاريخي للمدافعين عن حقوق الإنسان بالسعودية.
سارة ليا ويتسون، رئيسة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة هيومن رايتس ووتش، رحبت بإنشاء الحزب، مغردة عبر "تويتر": "لحظة تاريخية للسعودية، وللمجتمع المدني والمواطنين، باستثناء الأمراء والملوك.
وتابعت بأنه يجب على قادة مجموعة العشرين ملاحظة أنهم قريبا سيصبحون من الأنظمة البائدة.
فيما غرّد الأكاديمي العراقي البريطاني، أنس التكريتي، بأن التجمع الوطني "بداية موفقة لمشروع تاريخي رائد يأتي في وقته. فقرات بيان إعلان التأسيس تشكل طفرة نوعية في الخطاب الذي يجمع بين تثبيت المبادئ وتحقيق مصالح البلاد والمواطنين داخليا وخارجيا".
يشار إلى أن بضعة آلاف من المواطنين السعوديين يقيمون في دول أوروبا، وبريطانيا، والولايات المتحدة، وكندا، إضافة إلى أستراليا ونيوزيلندا، وذلك بسبب القبضة الأمنية التي تضاعفت مع وصول محمد بن سلمان إلى السلطة في 2017.
بعد الإمارات والبحرين.. هل تنجر دول خليجية أخرى للتطبيع؟
فتح أجواء الخليج للاحتلال.. هل يخدم تل أبيب بمواجهة إيران؟
إقصاء فهد بن تركي.. ابن سلمان يضرب قوّتين من العائلة مجددا