عادت مسألة نقل العاصمة الإيرانية، طهران، إلى مكان آخر
إلى الواجهة من جديد، حيث طرحت
المسألة عدة مرات خلال السنوات السابقة، وظلت محل نقاش بين مؤيدين ومعارضين.
الجديد
في الموضوع هو التصريح الذي أدلى به النائب في البرلمان الإيراني، أبو الفضل أبو ترابي،
ومفاده أن قاعدة "خاتم الأنبياء" التابعة للحرس الثوري أرسلت خطابا إلى الرئيس
حسن روحاني، عبرت فيه عن استعدادها لنقل العاصمة الإيرانية.
وسلطت
وكالة "سبوتنيك" الروسية الضوء على هذا الملف، ونقلت عن الخبير بالشأن الإيراني، الصحفي محمد غروري، قوله إن موضوع نقل العاصمة طرح عدة مرات لأسباب لها علاقة بجغرافية
مدينة طهران، خاصة بعد الزلازل والسيول التي حدثت، وأضاف: "لا أعتقد أن الإيرانيين
الآن بصدد تغيير عاصمتهم، خاصة أن هناك معركة قوية حول الاقتصاد والانتخابات وغيرها،
ولا أتوقع أن يحدث هذا الشيء الآن؛ لأن هذا الأمر يحتاج إلى قرار كبير وطني بمستوى
واسع، وليس فقط من رئيس الجمهورية.
أما الخبير
الإيراني، رئيس مركز الأمة الواحدة للدراسات الاستراتيجية، فادي السيد، فيرى أن سبب نقل
العاصمة هو موضوع التلوث في طهران، حيث وصل إلى مستويات مرتفعة جدا، ونقل العاصمة هو
من أجل التخفيف من حدة هذا التلوث.
ويضيف: "هناك
سبب آخر، هو أن يكون هناك لا مركزية، حيث لماذا يضطر من يعيش في أصفهان أو شيراز القدوم
إلى طهران، بل يمكن أن يقوم بهذه المعاملات في مدينته أو داخل بلدته دون الحاجة إلى
التنقل".
وعن ذلك، يقول
الباحث فرهاد إبراغيموف، الخبير في منتدى "فالداي" للحوار: "لا أفهم
لماذا ينبغي القيام بهذا الأمر، بينما البلاد تعاني من مشاكل مالية خطيرة للغاية، أعتقد
أن السلطات الإيرانية تريد فقط أن تختبر ردة فعل السكان، لترى كيف سيكون شعورهم".
ويضيف: "بشكل
عام، هذا الأمر ليس غريبا عن إيران، فقد نقلت عاصمتها أكثر من مرة في التاريخ، والآن
من غير المرجح أن تتخذ السلطات مثل هذه الخطوة، فقد جرى فيها استثمارات مالية كبيرة،
والآن ببساطة لا تملك المال للاستثمار في مكان جديد يحتاج إلى التطوير".
لكنه
يستدرك بقوله: "ربما لأسباب أمنية، سيتم نقل العاصمة يوما ما، لكن ليس الآن بالتأكيد،
فلا وباء كورونا ولا العقوبات الأمريكية يساعدان في مثل هذه الخطوة، بل على العكس، طهران
تتمتع بموقع جغرافي محاط بالجبال يمكن أن يحميها من الغزو العسكري".
مصير العاصمة
طهران
وعن مصير
العاصمة الحالية في حال تم انتقال السلطات إلى مكان آخر، يقول الصحفي اللبناني غروري، الخبير بالشأن الإيراني: إذا ما تم نقل عاصمة القرار إلى مكان آخر مع صعوبة تنفيذ الأمر
الآن، فأعتقد أن طهران ستبقى على حالها، نظرا لوجود أغلب المصانع والمعامل والمؤسسات
فيها، وحتى لو اتخذ هكذا قرار، ستبقى طهران لسنوات طويلة مركزا مهما في إيران.
فيما يرى
السيد أن طهران يمكن أن تتحول إلى عاصمة ثقافية، وهناك الكثير من الدول لديها عاصمة
سياسية وعاصمة ثقافية أو اقتصادية، وهنا الغاية من نقل العاصمة هو فقط تخفيف عدد الداخلين
إلى العاصمة، الذي يتجاوز في اليوم 20 مليون إنسان، أيضا تخفيف وطأة التلوث الذي يخيم
على العاصمة طهران على مدار السنة.
ويختم حديثه:
فالعاصمة طهران تعيش في دائرة جبلية مغلقة، ولا يمكن لمشكلة التلوث أن تزول سوى بهذه
الخطوة، والمحافظات الأخرى مفتوحة، ولا يمكن أن تكون كطهران، فالعامل الجغرافي يلعب
دورا كبيرا، ولا يمكن للسلطات أن تختار موقعا مشابها؛ حتى لا تتكرر المشكلة التي تحصل
في طهران.