برغم معارضة غالبية دول العالم وشعوبه لمخطط صهينة أراضي الدولة
الفلسطينية، تواصِل الكولونيالية الصهيونية ضرب القرارات الدولية والبيانات
الأممية الشاجبة للقفزات الاحتلالية والاستيطانية الواسعة بعرضِ الحائط.
لجم الاستعمار الصهيوني من تهويد
البقية الباقية من فلسطين يمكِن من خلال اتخاذ العَالَمِ خطوات فعلية سريعة تُكبل
نَهم المحتل وتُفرمِل توسّعه المُتسَارع في الضفة الغربية، وتُلزمه المحافظة على
الطابع التاريخي العربي الإسلامي - المسيحي، بخاصة في القدس وبيت لحم، فقد أكدت
جميع النقلات الصهيونية منذ ما قبل 1948، أن المناشدات والدبلوماسية والبيانات لا
تكفي لاستعادة الحقوق المسلوبة، بل هي عاجزة تماما عن ذلك.
في الأخبار، أن أكثر من 80 % من
أراضي الأغوار باتت تحت السيطرة المباشرة للصهيونية التي تتطلع بنهمٍ صوب الأردن،
وأضحت بيت لحم؛ وهي قِبلة العَالَم المسيحي؛ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى من
الصهينة الشاملة بتفعيل المُحتلِّ نهجه بإخلاء البيوت من مواطنيها الأصليين، وإرغام
آخرين بذرائع شتى على ترك أطيانهم فيها وتهجيرهم لخارج وطنهم، بزعم «يهودية!»
مواقعها التاريخية. ووصل الأمر إلى حد إقدام سلطات الاحتلال على اغتصاب «حجر
العُمّاَد»، ويُسمّى كذلك بـِ«جُرن العُمّاد» الوردي الأثريّ، الذي يزيد عمره عن
1600 عام، من بلدة «تقوع» جنوب شرق «بيت لحم»، والذي كان يُستخدم لتعميد الأطفال
المسيحيين. ولصرف الاهتمام العالمي عن هذه السرقة، اقتحم جيش الصهيونية الدولية،
بمرافقه طواقم من «سلطة الآثار الإسرائيلية!»، البلدة عند الساعة الثانية بعد
منتصف الليل، وسرقوا الحجر برافعة كبيرة، ونقلوه إلى جهة مجهولة، وللآن لم نقرأ عن
أية تدخلات دولية سياسية أو دينية لاستعادة المسروق وردّه إلى أصحابه، ما يؤكد أن
العدو ماضٍ في مشروع نهب التاريخ والتراث العربي الفلسطيني، وإهانة المشاعر
الإيمانية لمسيحيي ومسلمي العالم، إذ تم الاستحواذ على الأثر التاريخي المسيحي
أمام أعين البشرية جمعاء وهيئاتها الدينية والدولية، التي أضحت كما يبدو،
مُستكِينة للهمجية الصهيونية وعَبَث المنظمات السياسية والاستيطانية اليهودية.
الكيان الإسرائيلي الذي خطّطت
لإقامته جمعيات (أحباء صهيون) وأخواتها الاستعمارية، يَرى «حتمية» التهويد الكامل
لبيت لحم ومَعَالِمِها الدينية والوطنية وشطب المسيحية منها، بهدف محاصرة «العالم
المسيحي» وقادته وإذلالهم.
الدولة الفلسطينية باتت محاصَرة
ومُفتتة ومتناثرة وكثيرة الثقوب كقطعة جبن سويسرية، وتواصِل تل أبيب ردم هذه
الفقاعات بالمُستَوطِنين المُستَقدَمِين من شتى دول العَالم بعد طرد مالكيها إلى
جهات أربع. وبرغم ذلك، لم تُعلن أية قوة أو سلطة دولية موقفا حقيقيا وحازما من
الإمبريالية الصهيونية، ولم تتخذ موقفا ضاغطا يُرغم الاحتلال على التراجع
واحترام الاتفاقيّات الموقَعة بينه وبين الجانب الفلسطيني.
المُتبحر في شؤون وطبيعة الصهيونية
يَعلم عِلم اليقين أن المشروع الصهيوني دولي وواسع جغرافيا ومتواصل، ولا يقف عند
أية حدود، وسطوته كبيرة على عَالم المال والأعمال والسياسة، فهيمنته الاقتصادية
كونية ولا تَخضع لأية قوانين وضعية أو سماوية، وهي تشمل مختلف البلدان وحتى قارة
أمريكا الجنوبية.. فالجميع مُستهدَفون، وعلى الجميع شد الرحال إلى مَسيرةِ نضالٍ
لوقف تَقدّم جَحَافل صهيون.