طب وصحة

"كورونا".. انتكاسة وبائية تعيد الأردن لمربع المواجهة الأول

مع عودة تسجيل إصابات جديدة بالفيروس اعتبر البعض أن مرد ذلك هو تراخي الحكومة في استمرارية تطبيقها للإجراءات اللازمة- جيتي

رغم النجاح الذي حققه الأردن في مواجهة فيروس كورونا ووصل إلى عدم تسجيل أي إصابة في بعض الأيام خلال تموز/ يوليو الماضي، إلا أن عودة تسجيل إصابات محلية في الآونة الأخيرة جعله أمام تحد جديد.


واتخذت المملكة العديد من الإجراءات الاحترازية لمواجهة تفشي الفيروس، منذ بدء اكتشافه على أرض الأردن، مطلع آذار/ مارس الماضي، جعلت منه نموذجا تستشهد به الكثير من الدول.


ومن القرارات التي اتخذتها السلطات الأردنية الحظر الشامل، والجزئي، وتعليق عمل المؤسسات التعليمية، وإغلاق دور العبادة، ودخول الجيش على خط المواجهة، وتفعيل قانون الدفاع (الطوارئ)، وغيرها من الإجراءات الأخرى.


ومع عودة تسجيل إصابات جديدة بالفيروس اعتبر البعض أن مرد ذلك هو تراخي الحكومة الأردنية في استمرارية تطبيقها للإجراءات اللازمة، إضافة إلى ثغرات واضحة في متابعتها للمعابر الحدودية، التي أصبحت اليوم مصدرا للفيروس.


تطور الحالة الوبائية و"التشكيك"


بدأت انتكاسة الحالة الوبائية بالأردن منذ نحو 14 يوما تقريباً، بعد أن بدأت وزارة الصحة بإعادة تسجيل إصابات محلية، تراوحت من 3، إلى أن وصلت إلى 43 في يوم واحد، بإجمالي بلغ نحو 195 إصابة محلية، حتى الأربعاء.


وكشفت وزارة الصحة الأردنية، أن معظم تلك الإصابات مصدرها المعابر الحدودية، وخاصة معبر "جابر- نصيب" الحدودي مع سوريا.


وشكك البعض بتلك الأرقام الصادرة عن الحكومة الأردنية إذ ربطوه بمساع من قبلها لوقف احتجاجات المعلمين، بحجة منع انتشار الفيروس.


إلا أن تلك المواقف دعت رئيس الوزراء عمر الرزاز إلى استهجان "التشكيك" بالأرقام المعلنة.


وقال الرزاز في تصريح نقلته وكالة الأنباء الأردنية الرسمية: "هناك من يتحدث أنها مؤامرة داخلية أو خارجية، وهذا يهدد سلامة مواطنينا، ولن نتساهل مع هذا الأمر إطلاقا، لأن أمن وصحة وسلامة مواطنينا على المحك".


معايير جديدة للمواجهة


القرب الجغرافي لمنطقة الرمثا الأردنية وارتباطها بالمعابر الحدودية الرسمية مع الجارة الشمالية سوريا، كان له أكبر الأثر في تسجيل معظم الإصابات المحلية داخلها.


ودفع ذلك السلطات الأردنية الخميس الماضي، إلى إغلاق معبر "جابر"، وعزله عن باقي محافظات المملكة.


وبحسب بيان لوزارة الصحة الأردنية، فإن إجمالي الإصابات بكورونا في البلاد بلغ 1378، بينها 11 وفاة، و1252 حالة شفاء، حتى مساء الأحد.


المتحدث باسم الحكومة أمجد العضايلة، أكد أن الوباء "لم ينتهِ بعد، وطالما حذرنا منه، وشددنا على ضرورة توخي الحيطة عبر الالتزام بالتدابير الوقائية والتوجيهات الصادرة عن لجنة الأوبئة ووزارة الصحة"، بحسب وكالة الأناضول التركية.


وأشار إلى أن "رئيس الوزراء (الرزاز) عندما كان في زيارة تفقدية فجائية لحدود العمري (الحدود مع السعودية)، أوعز بإجراء مناقلات بين الكوادر الإدارية والإشرافية العاملة في المركز، بهدف تشديد الإجراءات، ومنع أي تجاوزات قد تتسبب بانتقال فيروس كورونا إلى داخل المملكة".


وبين العضايلة، أن "رئيس الوزراء أوعز أيضا، برفع مستوى التمثيل الإداري هناك (حدود العمري)، ولذلك تم تعيين نائب محافظ، ليتولى التنسيق مع جميع الجهات ذات الاختصاص".


وأضاف أنه تم كذلك "زيادة أعداد قوات الدرك المتواجدة على حدود العمري، بهدف ضمان التزام الجميع بتعليمات الصحة والسلامة العامة، والتأكيد على تطبيق الإجراءات الأمنية".


ولفت العضايلة، إلى أن "الحالات المحلية الأخيرة مصدرها المعابر الحدودية".


وقال: "رغم صعوبة القرارات المتخذة للحد من انتشار الفيروس وأثرها على الاقتصاد الوطني، إلا أننا بادرنا بإغلاق معبر (جابر) الحدودي مع سوريا لكثرة الحالات المسجلة هناك".


وأوضح الوزير الأردني أن "بعض الإصابات كانت لأشخاص أكثر حرصا على الالتزام بالتعليمات الصحية، وهذا يؤكد فرضية خطورة الفيروس وسرعة انتشاره".


وأردف: "نعمل على مواجهة تلك التحديات، وقد اعتمدنا معايير جديدة في مواجهة الفيروس، عبر عزل المناطق التي تتواجد فيها الحالات الأكثر، حتى لا نضطر للعودة إلى إجراءات أكثر صعوبة كالحظر الشامل وغيره".


وأعاد المسؤول الأردني التأكيد، على أن "المملكة ما زالت في مصاف الدول الأكثر تميزا في إجراءات المواجهة".


وقال العضايلة: "نراهن دائماً على وعي المواطن، للحيلولة دون انتشار الفيروس، والانتهاء من هذه الأزمة بخير وسلام".


الوضع الوبائي مقبول


مساعد الأمين العام للرعاية الصحية الأولية مسؤول ملف كورونا في وزارة الصحة عدنان إسحاق، قال "إن الوضع الوبائي رغم حالة القلق من الأعداد المحلية المسجلة أخيرا ما زال مقبولا مقارنة بدول أخرى، أدى انتشار الفيروس فيها إلى انهيار منظوماتها الصحية"، بحسب الوكالة التركية.


وأضاف إسحاق: "ندرك مخاوف المواطنين من عودة تسجيل الإصابات المحلية بالفيروس، لكننا نعمل بكل حزم على وقف انتشاره من خلال فرض إجراءات استثنائية للمناطق الأكثر تسجيلا للحالات".


واستدرك بأن الأمر "غير المقلق بتسجيل عدد من الإصابات هو أن غالبيتها لمخالطين لإصابات معروفة المصدر".


وأوضح إسحاق أن "فرق الاستقصاء الوبائي توسعت في أخذ العينات لمحاصرة الفيروس، والسيطرة على مصدرها".


وأعرب إسحاق، عن الأمل "بأن لا نعود إلى المربع الأول في انتشار الفيروس"، معتبرا أن "دورة العمل في مواجهته تكاملية بإجراءات حكومية يدعمها تعاون شعبي في التطبيق".


تحفظات على الحكومة


ورغم "تحفظه" على الإجراءات الحكومية المتخذة في مكافحة فيروس كورونا، إلا أن محمد العتايقة رئيس لجنة الصحة في مجلس النواب الأردني (الغرفة الأولى للبرلمان)، اعتبر أن "المسؤولية الكبرى تقع على عاتق المواطن ووعيه".


وقال العتايقة إن "الوضع الوبائي انتقل إلى المرحلة المتوسطة، وهو مؤشر خطير جدا، خاصة إذا دخلنا الموجة الثانية بأعداد مرتفعة من الإصابات".


وأضاف، وفق وكالة الأناضول: "مهما كانت الإجراءات الحكومية صارمة، فإننا نعول على حرص المواطن الأردني، فهو مواطن ذكي يستطيع أن يواجه هذا الوباء".


وشدد البرلماني الأردني على أن "كل إنسان يستطيع أن يحمي نفسه وعائلته من هذا الوباء الخطير".