قال كاتب إسرائيلي إن "فضح العلاقات السرية الإسرائيلية الإماراتية كفيل بتغيير الشرق الأوسط بشكل جوهري، بعد أن سيطر على الصراع العربي الإسرائيلي على مدى عقود نموذج واضح لا يقبل الجدل، وهو أنه لن تقوم الدول العربية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، أو الاعتراف بها، أو إجراء أي نوع من العلاقات العامة معها، طالما أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لم يتم حله، أو على الأقل، تم إحراز تقدم كبير نحو حله".
وأضاف
بن كاسبيت، وثيق الصلة بدوائر صنع القرار الأمني والسياسي الإسرائيلي، بمقاله على
موقع "المونيتور"، ترجمته "عربي21" أن
"مبادرة السلام السعودية التي أصبحت مبادرة السلام العربية لعام 2002، نصت
بوضوح على هذا الشرط، وهو أنه لن تجني إسرائيل ثمار التطبيع مع العالم العربي إلا
بعد أن تعترف بالمبادرة كأساس للمفاوضات، كما تقول جامعة الدول العربية، لكن
إسرائيل لم تستجب بشكل رسمي للمبادرة".
وأشار
كاسبيت، مقدم البرامج الإذاعية والتلفزيونية، وله عمود يومي بالصحافة الإسرائيلية،
أنه "في 2009 رفض السعوديون طلب الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالسماح لطائرات
إسرائيلية بالتحليق فوق مجالهم الجوي في طريقها للهند، لكنها أعربت هذا الأسبوع عن
استعدادها للسماح بهذه التحليقات الجوية في طريقها من تل أبيب لأبوظبي ودبي، مما يدفع
للتساؤل: ما الذي تغير منذ ذلك الحين؟ هل تم تحطيم هذا النموذج، ودفنه؟".
وأوضح
أن "كل الدلائل تشير إلى أنه قد حدث بالفعل، فالإمارات ليست فقط على وشك توقيع
اتفاق لإقامة علاقات رسمية مع إسرائيل، بل فخورة بقرارها، ولا يقتصر الأمر على عدم
إدانة العرب للخطوة، بل تثني عليها دول كثيرة، أما بالنسبة لإسرائيل، فلم تعد تُقاطَع وتُعاقب بصفتها "المتنمر
في الحي" فحسب، بل هي الآن "حسناء الحارة"، الجميع يغازلها، ويحاول
جذب انتباهها".
وأكد
أن "الاتفاق يفتح أمام أبو ظبي متعة التكنولوجيا الفائقة، وأنظمة الأسلحة،
والقدرات السيبرانية والاستخباراتية، والاستمتاع بفوائد مفاتيح البيت الأبيض، التي
يحافظ عليها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على مقربة صدره، وفي العواصم العربية،
من الخليج إلى المغرب العربي، يظهر رئيس الموساد يوسي كوهين كأحد نجوم
هوليوود في الخمسينيات ضيفًا مرموقًا، رغم أن زياراته أحيطت برقابة شديدة، وفي 17 آب/ أغسطس،
ظهر علنًا في الإمارات لأول مرة، ليس كعاشق مهجور، بل كأمير ساحر يعبر علانية عن
مشاعره تجاه حبيبته".
واستدرك
بالقول إن "هناك تحذيرا في محله، فالاتفاق مع الإمارات، ليس اتفاق سلام، فالدولتان
لم تكونا بحالة حرب، لكنها المرة الأولى التي تحقق فيها إسرائيل صيغة "السلام
مقابل السلام"، ونتنياهو يتباهى بما حققه من اختراق في نفي مبدأ "الأرض
مقابل السلام" الذي يحتقره اليمين، لكن ادعاءاته جوفاء، لأنه دفع ثمن الاتفاق
بالعملة الصعبة من خلال التخلي عن حلمه الذي أقرته الولايات المتحدة بضم الأراضي
في الضفة الغربية".
وأشار إلى أن "الولايات المتحدة بموجب الاتفاق وافقت على رفع حق النقض على بيع أنظمة
الأسلحة الذكية إلى الإمارات في ضوء الصفقة مع إسرائيل، بعد أن حظرت حتى الآن بيع
هذه الأسلحة والتقنيات لمعظم الدول العربية، حتى لا تقوض مبدأ الحفاظ على التفوق
النوعي لإسرائيل، بينما ينفي مكتب نتنياهو أي تورط إسرائيلي في هذا التحول
الدراماتيكي المزعوم في السياسة الأمريكية، رغم وجود إشارة ضمنية بموافقته
عليها".
وأكد أنه "بعد قول كل ما سبق، فليس من شك أن الكشف عن القضية السرية بين إسرائيل
والإمارات يخلق تغييرًا جوهريًا في الشرق الأوسط، فقد ظلت هذه القضية قيد العمل
على مدى السنوات الخمس الماضية - منذ أن سمحت الإمارات لإسرائيل بفتح مكتب في
الوكالة الدولية للطاقة المتجددة في أبو ظبي عام 2015، وبقي الأمر تحت الرادار
بسرعة متزايدة".
وأشار إلى أن "العلاقات الثنائية بين أبو ظبي وتل أبيب تبلورت تدريجيا مع المزيد من
الصفقات، ولكن في الخزانة السرية، وتطورت علاقاتهما تدريجياً من عبء إلى ذخر، وكان
السبب ملموسًا وخطيرًا وهو إيران، فكلما اقتربت من القدرة النووية، زادت وتيرة
العلاقات، بسبب تطلعاتها في "تصدير الثورة" وتشجيع العنف وتقويض أنظمة
المنطقة، وكلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، ظلت إسرائيل معقل
الاستقرار الوحيد المناهض لإيران".
وزعم
أن "المنطقة أعادت ترتيب تحالفاتها بين إيران وإسرائيل، فالعديد من الدول المعتدلة
تشعر بالتهديد من زحف إيران، وتحتمي خلف ظهر إسرائيل العريض، فيما بقيت إيران مع
حزب الله وتركيا، وقطر تقف على الحياد بين الجانبين، أما مصر، القوة العربية الأهم
التي هددت إسرائيل منذ عقود، لكنها بقيت راسخة بقوة في الجانب الإسرائيلي، لأن أكبر
تهديد للنظام في القاهرة هو الإخوان المسلمين، وهي شقيقة حماس" على حد زعمه.
وأشار إلى أنه "لم يكن لهذا الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي ليحدث لو لم تكن إسرائيل قوة لا نهاية لها من التكنولوجيا والإبداع والمبادرة والقدرات السيبرانية
والاستخباراتية".
وأوضح
أن "رجال الأعمال الإسرائيليين وشركات التكنولوجيا الفائقة، يربحون المليارات
في السنوات الأخيرة في صفقات مع دول الخليج، ويأمل الجانبان أن تظهر هذه التجارة
السرية في العلن الآن، بحيث تتخلى إسرائيل والعالم العربي عن السوق السوداء،
ويطلقان عرضًا عامًا للرومانسية في الأسواق العالمية، مما يعني أن هناك تغييرا
جذريا رغم وجود تحذير هنا أيضًا، ففي الشرق الأوسط يمكن قلب كل شيء فجأة رأسًا على
عقب".