ارتفعت حصيلة القتلى في انفجار بيروت إلى 171 ضحية على الأقل، وفقا لإعلان وزارة الصحة اللبنانية، مساء الثلاثاء، في حين تسود أجواء الغضب الشارع اللبناني، رغم استقالة حكومة حسان دياب، الاثنين.
ويحمل اللبنانيون الطبقة الحاكمة مسؤولية الأزمات المتلاحقة التي تعصف ببلدهم، ويتهمونها بالإهمال والفساد، ما سبب انفجار مرفأ بيروت الأسبوع الماضي.
وصرح وزير الصحة بالحكومة المستقيلة حمد حسن أن عدد القتلى ارتفع إلى 171 شخصا، مشيرا إلى إن "عدد المفقودين (جراء انفجار مرفأ بيروت) بين 30 و40 شخصا".
وبخصوص جرحى الانفجار قال إن "حوالى 1500 يتطلبون علاجات دقيقة خاصة"، منوها أن "120 منهم لا يزالون في العناية الفائقة".
مواجهات ببيروت
وتجددت المواجهات بين المحتجين وسط العاصمة بيروت وقوات الأمن اللبنانية، مساء الثلاثاء، في يوم رابع من احتجاجات تطالب برحيل السلطة الحاكمة، على خلفية انفجار مرفأ بيروت.
وأطلقت قوات الأمن قنابل غاز مسيل للدموع على المحتجين، لإبعادهم عن المداخل الرئيسيّة لمقر مجلس النواب.
وأصيب 42 محتجا لبنانيا، وسط بيروت، خلال احتجاجات مطالبة برحيل السلطة الحاكمة.
وأوضح الصليب الأحمر في لبنان، عبر موقع "تويتر"، نقل عناصره 10 جرحى إلى مستشفيات العاصمة، وإسعاف 32 مصابا ميدانيا.
ورفع المحتجون شعارات مندّدة بالطبقة السياسيّة الحاكمة، التي يتهمونها بالفساد وغياب الكفاءة، ويحملونها المسؤولية عما آلت إليه أوضاع لبنان.
وطالبوا برحيل من كل مجلس النواب، برئاسة نبيه بري، ورئيس الجمهوريّة، ميشال عون، بعد أن قَبِلَ الأخير، الإثنين، استقالة حكومة حسان دياب، وكلفها بتصريف الأعمال لحين تشكيل أخرى جديدة.
وألقى المحتجون الحجارة على عناصر من قوات الأمن، فردوا بإطلاق قنابل غاز مسيلة للدموع على المحتجين، وفقا للأناضول.
وقالت الأناضول إنه تم رصد إطلاق رصاص مطاطي من سطح أحد المباني المتاخمة لمجلس النواب لإبعاد المحتجين.
وتتواصل المواجهات بين قوات الأمن والمحتجين المصريين على اجتياز فواصل حديديّة تفصلهم عن مقر البرلمان.
وقال محتج لـ"الأناضول": "نحن هنا للضغط على السلطة، واستقالة حكومة دياب ليست إلّا البداية".
وفي مقطع مصور انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وجهت متظاهرة غاضبة رسالة إلى قوات الأمن، وتساءلت "ألا نستحق أن نعيش في بلد مرتاحين ووطنيين؟".
وقالت: "لم نعد نتحمل.. آتي منذ خمسة أيام إلى هنا وأختنق.. لماذا؟"، وأضافت "لماذا تتفجر مدينتنا وممنوع نتظاهر؟".
وانطلقت دعوات الاحتجاج تحت شعار "دفن السلطة أولا"، في إشارة إلى أن اللبنانيين الغاضبين غير آبهين باستقالة حكومة حسان دياب، ويطالبون بإسقاط كافة رموز الطبقة الحاكمة.
وقال رئيس
الوزراء حسان دياب، وهو يعلن استقالة الحكومة، إن الفساد المستشري في لبنان هو سبب
الانفجار الأكبر في تاريخ بيروت، الذي فاقم أزمة مالية عميقة نتج عنها انهيار
العملة، وإصابة النظام المصرفي بالشلل، وارتفاع الأسعار.
وقال دياب ملقيا
باللائمة على النخبة السياسية في سد الطريق أمام إجراء إصلاحات: "قلت سابقا،
إن منظومة الفساد متجذرة في كل مفاصل الدولة، لكني اكتشفت أن منظومة الفساد أكبر
من الدولة، وأن الدولة مكبلة بهذه المنظومة، ولا تستطيع مواجهتها أو التخلص
منها".
اقرأ أيضا: هل يصبح لبنان ساحة صراع بين فرنسا وتركيا بعد انفجار بيروت؟
وتعثرت
المحادثات مع صندوق النقد الدولي، وسط خلاف بين الحكومة والبنوك والسياسيين حول حجم
الخسائر المالية الضخمة.
وجاء في دعوة
للاحتجاج نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي: "ما خلصت (لم تنته الأزمة)
باستقالة الحكومة، بعد في (ما زال هناك الرئيس ميشال) عون، (نبيه) بري (رئيس مجلس
النواب)، وكل المنظومة".
— Tala (@lifeizanightmar) August 10, 2020
وبالنسبة لكثير
من اللبنانيين، كان الانفجار القشة الأخيرة في أزمة طال أمدها وسط الاقتصاد المنهار
والفساد والنفايات والحكومة العاجزة.
ويعكس انفجار
بيروت النظام الطائفي الذي يهيمن من خلاله السياسيون ذاتهم على البلاد منذ الحرب
الأهلية، التي دارت رحاها من عام 1975 إلى عام 1990. فكل طائفة لها حصتها من
المديرين بالمرفأ الذي تمر منه أغلب تجارة البلاد.
وقال صانع الفضة
أفيديس أنسرليان لـ"رويترز" أمام متجره المهدم: "شيء طيب أن الحكومة استقالت.
لكننا بحاجة إلى دماء جديدة، وإلا لن تكون هناك نتيجة".
ويتعين أن
يتشاور عون مع الكتل البرلمانية حول من سيقع عليه الاختيار ليكون رئيس الوزراء
الجديد، وهو ملزم بتكليف المرشح الذي ينال القدر الأكبر من التأييد.
وكان تشكيل
حكومة في ظل الانقسامات الطائفية "مهمة شاقة" في السابق. والآن مع تزايد الغضب
الشعبي والأزمة المالية الطاحنة، فقد يكون من الصعب إيجاد من يقبل أن يكون رئيسا
للوزراء.
وفي تلك
الأثناء، واصل سكان بيروت رفع الأنقاض، في الوقت الذي استمر فيه البحث عن المفقودين.
وقال مسؤولون إن الانفجار ربما تسبب في خسائر تصل إلى 15 مليار دولار، وهي فاتورة لا يمكن للبنان دفعها.
اقرأ أيضا: جهات لبنانية تتبادل إلقاء المسؤولية بعد الكارثة.. ووثائق
وتفقد إحسان
مقداد، وهو مقاول، مبنى مهدم في منطقة الجميزة، التي تبعد مئات قليلة من الأمتار عن
المرفأ.
وقال: "كما
قال رئيس الوزراء، الفساد أكبر من الدولة. كلهم مجموعة من المحتالين. لم أر عضوا
واحدا في مجلس النواب زار هذه المنطقة. كان ينبغي على النواب أن يأتوا إلى هنا
بأعداد كبيرة لرفع المعنويات".
ومنذ 17 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، شهد لبنان احتجاجات واسعة ضد الطبقة السياسية، التي يتهمونها بالفساد، ويحملونها مسؤولية الأزمات المتلاحقة.
بدوره، يعقد مجلس
النواب اللبناني جلسة بعد غد الخميس؛ لمناقشة حالة الطوارئ في بيروت.
وسبق أن أعلن مجلس الوزراء حالة الطوارئ بمدينة بيروت في اليوم التالي من الانفجار، وقال إنها تستمر لمدة أسبوعين.