"قبل أزمة كورونا كنت أعمل 15 يوما شهريا بعد جهد في البحث عن عمل
يوفر لي ولعائلتي قوت اليوم، أما بعد الأزمة فبالكاد أجد عملا لسبعة أيام، مع
تدنٍّ ملحوظ في الأجرة اليومية".
بهذه العبارة بدأ اللاجئ السوري في الأردن، أبو علاء، حديثه
لـ"عربي21" حول انعكاسات أزمة كورونا على عمله وأوضاعه المعيشية، كمثال
على معاناة اللاجئين السوريين بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية جراء التدابير
الاحترازية المتبعة لمواجهة الوباء، وما ترتب عليها من ازدياد نسب البطالة في
البلاد، وخصوصا بصفوف عمال المياومة التي ينخرط فيها أكثر السوريين.
وقال أبو علاء الذي فضّل الاكتفاء بذكر كنيته، إنه اضطر للبقاء بلا عمل
طيلة فترة الحظر التي فرضتها الحكومة الأردنية بسبب أزمة كورونا، مضيفا أنه لولا
الكوبونات الغذائية التي تقدمها منظمة الغذاء العالمي لحوالي نصف اللاجئين في
الأردن، والتي تبلغ قيمتها من 10 إلى 15 دينارا للشخص الواحد؛ لما استطاع ان يسكت
جوعة أطفاله.
وتابع أبو علاء الذي يعمل في مجال التمديدات الكهربائية ويقطن في العاصمة
عمان: "تراكم علي إيجار البيت لمدة ستة أشهر، وكذا فواتير الكهرباء والماء،
وبقيت حائرا لا أعرف من أين أسد هذه المستحقات، وما زلت لا أجد إجابة على هذا
السؤال حتى اليوم".
وأوضح أنه "بعد أزمة كورونا تضاءل سوق العمل، وقلّت الأجور، حتى بات
كل عامل سوري مدينا بآلاف الدنانير"، لافتا إلى أن "عمليات النصب التي
يتعرض لها العامل السوري ازدادت، فإما أن يخصم عليك من تعمل عنده من الأجرة بلا
سبب، وإما أن يقول بلا ضمير: لا شيء لك عندي".
لغة الأرقام
ووفق دراسة أجرتها منظمة العمل الدولية؛ فإن ما يقارب من ثلث العمال السوريين
في الأردن فقدوا وظائفهم نتيجة أزمة كورونا.
وأوضحت الدراسة التي نشرتها المنظمة على موقعها الالكتروني في 12 تموز/ يوليو،
أن معدل الذين فقدوا وظائفهم بشكل دائم نتيجة أزمة كورونا؛ كان أعلى بين السوريين (35
بالمئة) منه بين الأردنيين (17 بالمئة).
ولفتت إلى أن معظم العاطلين عن العمل قبل الأزمة لا يزالون دون عمل، وهم 92
بالمئة من الفئة المستهدفة بالدراسة، فيما انخفضت نسبة تسريح العمال الذين لديهم عقود
مكتوبة لتصل إلى 40 بالمئة، بالمقارنة مع ذوي العقود الشفهية الذين زادت نسبتهم
لتصل 57 بالمئة، أو العاملين دون أي عقد الذين وصلت نسبتهم إلى 59 بالمئة.
وأكدت الدراسة أن العمال غير النظاميين يشعرون بالقلق إزاء احتمال فقدان وظائفهم
نتيجة الأزمة المتواصلة، مما يسلط الضوء مرة أخرى على حقيقة أنهم الأكثر ضعفا والأكثر
تضررا من الجائحة.
مخيم الزعتري
وفي مخيمات اللجوء
السوري في الأردن حكاية أخرى لتعطل آلاف السوريين عن العمل، حيث منعت الحكومة
الأردنية في 15 آذار/ مارس خروج جميع اللاجئين الذين يقدر عددهم بنحو 120 ألف
لاجئ، في سياق إجراءاتها لمكافحة فيروس كورونا.
ويقطن في مخيم
الزعتري الكائن في شرقي مدينة المفرق 77 ألف لاجئ، "يعتمد 15 ألفا و500 منهم
على التصاريح التي تمنح لهم للعمل خارج المخيم، والتي توقفت تماما منذ بدء
الإجراءات الاحترازية" بحسب مسؤول العلاقات الخارجية وضابط ارتباط المفوضية بمخيم
الزعتري، محمد الطاهر.
وقال الطاهر إن توقف
التصاريح أضر كثيرا بالعمالة السورية، وانعكس سلبا على الواقع المعيشي للأسر التي
تقطن المخيم، معلنا عبر "عربي21" عن تفعيل تصاريح العمل خلال اليومين
المقبلين.
وأوضح أن
"منظمة الغذاء تقدم 23 دينارا لكل فرد شهريا، بينما تؤمّن إدارة المخيم
الخدمات الأساسية من مسكن وماء وكهرباء، ولكن تبقى احتياجات أخرى للاجئ من غير
الكماليات، كالملابس وما شابه، وهي تحتاج إلى مصدر دخل، وهذا المصدر فقد أثناء
أزمة كورونا".
ولفت إلى أن
المنظمات الدولية التي تعمل داخل المخيم توفر حوالي أربعة آلاف فرصة عمل، مشيرا
إلى أن هذه الأعمال توقفت تماما خلال فترة الحظر الذي فرضته الحكومة، ثم عادت مع
الرفع الجزئي للحظر ولكن بصورة غير دائمة، حيث يتم تدويرها على اللاجئين بحيث يعمل
أحدهم ثلاثة أشهر، ثم يقعد عن العمل ليأتي غيره.. وهكذا.
واستدرك الطاهر
بالقول: "مع ذلك فإن قيمة الأجور لم تقل، وإنما قل عدد تواجد العاملين في
المكان الواحد بنسبة 30 بالمئة كإجراء احترازي للوقاية من فايروس كورونا".
ويستضيف الأردن أكثر من 1.3 مليون سوري منذ بداية الأزمة في 2011، ويبلغ عدد
المسجلين في المفوضية أكثر من 657 ألف لاجئ، من أصل أكثر من خمسة ملايين لاجئ سوري
في الأردن ودول مجاورة، بحسب آخر تحديث للمفوضية في 15 حزيران/ يونيو
الحالي.
ويعيش 83.3 بالمئة من اللاجئين بالأردن في مناطق حضرية خارج المخيمات، فيما
يعيش 16.7 بالمئة في مخيمات الأزرق والزعتري والمخيم الأردني الإماراتي.
اقرأ أيضا: لاجئون سوريون بالأردن يبتكرون روبوتا للتعقيم لمكافحة كورونا
الأردن يبدأ بإعادة تشغيل الرحلات الدولية تدريجيا في آب
اتهامات بتصفية حسابات بأكبر حملة ملاحقة ضريبية بالأردن
عودة قسرية للعمالة الأردنية في الخليج.. ماذا بعد؟