اقتصاد دولي

هل تحصنت أسواق العالم من الصدمات "الأمريكية-الصينية"؟

التصعيد الدبلوماسي المفاجئ في العلاقات الصينية الأمريكية لم يصاحبه خسائر كبيرة في الأسواق العالمية- جيتي

شهدت الأيام الماضية تصعيدا خطيرا في العلاقات الدبلوماسية بين قطبي الاقتصاد العالمي، بعد إعلان واشنطن إغلاق القنصلية الصينية في مدينة هيوستن بزعم حماية الملكية الفكرية الأمريكية والمعلومات الخاصة لمواطنيها، ورد الصين بإغلاق القنصلية الأمريكية في مدينة تشنغدو بزعم تدخلها في شؤون بكين الداخلية وتعريض أمنها للخطر.


ورغم التصعيد الدبلوماسي المفاجئ في العلاقات الصينية الأمريكية، وما يصاحبه من احتمالات تأخر توقيع الاتفاق التجاري بين البلدين، إلا أن تأثر الأسواق العالمية جراء ذلك لم يكن كبيرا مقارنة بأوقات سابقة، وفقا لما رصدته "عربي21".

 

خسائر طفيفة


وتعرضت الأسواق لخسائر محدودة أقرب إلى الاتجاه العرضي منها إلى الاتجاه الهابط، حيث تراجع مؤشر شنغهاي المركب خلال جلسة نهاية الأسبوع بشكل طفيف بعد فترة من الاستقرار والمكاسب، وكذلك الحال بالنسبة للمؤشرات الأمريكية، لكن التراجعات غلب عليها الحركة العرضية وبقيت المؤشرات عند مستوياتها المرتفعة والقياسية التي حققتها خلال الجلسات السابقة، وهو أيضا نفس ما حدث عند إغلاقات الأسهم الأوروبية.


ففي بورصة وول ستريت، هبط المؤشر داو جونز الصناعي 182.44 نقطة، بما يعادل 0.68 بالمئة، إلى 26469.89 نقطة، وأغلق المؤشر ستاندرد اند بورز 500 منخفضا 20.03 نقطة، أو 0.62 بالمئة، إلى 3215.63 نقطة، ونزل المؤشر ناسداك المجمع 98.24 نقطة، أو 0.94 بالمئة، إلى 10363.18 نقطة.


وفي بورصة شنغهاي، هبط مؤشر شنغهاي المركب، في نهاية جلسة تداولات الجمعة، بنحو 3.9 بالمئة إلى 3197 نقطة مسجلا خسائر أسبوعية بنسبة 0.5 بالمئة. وفي أوروبا، نزل المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 1.7 بالمئة، وهبط المؤشر داكس الألماني اثنين بالمئة.

 

اقرأ أيضا: اقتحام قنصلية بكين بهيوستن الأمريكية واعتقال عالمة صينية

 

وتجاهلت أسواق النفط التوتر الأمريكي الصيني، وارتفع خام برنت، خلال تعاملات الجمعة، ثلاثة سنتات إلى 43.34 دولار للبرميل. وصعدت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 22 سنتا ليتحدد سعر تسويتها عند 41.29 دولار للبرميل.


ومع أول جلسات الأسبوع بالبورصات الخليجية، ارتفعت مؤشرات السعودية وقطر وأبوظبي ودبي مع ختام تداولات جلسة الأحد. كما صعد مؤشر الأسهم القيادية في مصر.. وهو ما يطرح التساؤل حول تجاهل الأسواق للتصعيد الدبلوماسي بين واشنطن وبكين.

 

صعود النفط


وفي تعليقه على ارتفاع أسعار النفط رغم تصاعد التوتر بين واشنطن وبكين، قال خبير النفط العالمي، ممدوح سلامة، خلال حديثه لـ"عربي21"، إن التوتر لا يلعب دور رئيس في أسعار، والسبب أن التوتر قد يؤدي إلى استئناف الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وهذه الحرب تؤثر على الطلب العالمي على النفط، وتخفف من نمو الاقتصادي العالمي.


وأوضح أن ما يساعد على ارتفاع الأسعار هو أن الصين استعادت الطلب الذي كان سائدا في عام 2016 قبل تفشي وباء كورونا، إلى جانب أن نموها الاقتصادي بدأ يستعيد نشاطه، مؤكدا أن هذه العوامل هي التي أدت إلى ارتفاع الأسعار إضافة إلى انخفاض إنتاج النفط الأمريكي.


وتوقع خبير النفط العالمي أن تصل أسعار النفط خلال النصف الثاني من هذا العام إلى ما بين 45 إلى 50 دولار للبرميل الواحد، على أن ترتفع إلى 60 دولار في مطلع العام القادم. 

 

وأضاف الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي إن أسعار النفط يتحكم فيها عدة عوامل فنية تتعلق بالمخزونات الأمريكية ومعدلات الإنتاج وخاصة النفط الصخري وبيانات اقتصادية أخرى خاصة المتعلقة بالأنشطة الصناعية. 
 

اقرأ أيضا: ما تأثير موجة كورونا الثانية المحتملة على سوق النفط؟

 

وبحسب بيانات من شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة، انخفض عدد حفارات النفط والغاز في الولايات المتحدة، وهو مؤشر على الإنتاج المستقبلي، بواقع حفارين ليبلغ منخفضا غير مسبوق عند 251 في الأسبوع المنتهي يوم 24 تموز/يوليو. لكن شركات الطاقة أضافت حفار نفط واحدا في أول زيادة أسبوعية منذ آذار/ مارس.

 

حالة طارئة

 

وعزا الصاوي، خلال حديثه مع "عربي21"، الانعكاس الضعيف للتوتر الصيني الأمريكي على الأسواق العالمية، إلى رغبة المستثمرين في عدم تحمل الكثير من الخسائر في ظل أزمة كورونا التي أثرت بشكل كبير على الأسواق. 


واعتبر أن تجاهل الأسواق التصعيد الدبلوماسي بين قطبي الاقتصاد العالمي يعد حالة استثنائية وطارئة بسبب كورونا، مضيفا: "هذا لا يعني الفصل بين المسارين السياسي والاقتصادي في العلاقات الأمريكية الصينية".


وأشار الصاوي إلى أنه لا توجد مشاكل دائمة أو توترات مستمرة في العلاقات الدولية وخاصة بين الاقتصادات الكبرى لنظرا لتشابك المصالح بينهم، موضحا أن الصين على سبيل المثال عادة ما تميل إلى مسار التفاوض لتقليل حدة الخسائر حال استمرار التوتر أو الخلاف (من منطلق خسارة جزء من الأرباح أفضل من خسارة كل الأرباح).


ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن الصراع الأمريكي الصيني يحكمه عوامل سياسية أغلبها مرتبط بالانتخابات الرئاسية المقبلة، قائلا: "تصعيد ترامب ضد الصين هو جزء من إدارة المعركة الانتخابية لاسترضاء الناخبين للتغطية على التراجع الحاد للاقتصادي الأمريكي جراء كورونا".