قال مستشرق إسرائيلي إن "يهود الولايات المتحدة وإسرائيل يبتعدون عن بعضهما البعض، ورغم أن الكيبوتسات تعتبر الأكثر أهمية للشعب اليهودي، فإن الجالية اليهودية الأمريكية ومواطني إسرائيل ينجرفون في اتجاهين متعاكسين، وباتت هذه العملية المقلقة تخلق شكلا سلبيا ومدمّرا فيما بينها، لكنها تستقر ببطء".
وأضاف
دان شيفتان، رئيس برنامج الأمن الدولي بجامعة حيفا، والمحاضر ببرامج الدراسات الأمنية
بجامعة تل أبيب، في مقاله بصحيفة "إسرائيل اليوم"، ترجمته "عربي21"، أنه "قريبا سيتم حل التهديد الخطير لوباء كورونا، وسوف تمر الأزمة الاقتصادية
بعد التسبب في أضرار اجتماعية كبيرة، فضلا عن تطبيق خطة الضم، لكن التوترات بين
اليهود في الولايات المتحدة وإسرائيل سوف تتعمق على الأرجح في المستقبل المنظور".
وأشار
شيفتان، أستاذ الدراسات الشرق أوسطية في الجامعات الإسرائيلية، إلى أن "هاتين عمليتين
محتومتين: إحداهما صهيونية إيجابية، ويصعب هضمهما، والأخرى تُسأل عن القطبية
المختلفة بين اليهود هنا وهناك، بعد أن شكّل النجاح الديموغرافي المذهل للصهيونية
العملية الأولى مؤشرا على الحقبة التاريخية التي انتقل فيها العالم بين الحربين العالميتين
الأولى والثانية، وجسدت انتقال يهود الولايات المتحدة إلى إسرائيل".
وأكد
أنه "عشية قيام الدولة في 1948، عاش 6% من يهود العالم في إسرائيل، ويقاربون
الآن نصفهم، وفي الثمانينيات كان عدد اليهود في إسرائيل نصف عددهم في الولايات
المتحدة، اليوم هناك مليون يهودي هنا، أكثر من هناك، لكن الفارق الكبير في معدلات
الاستيعاب وعدد الأطفال لكل أسرة يجعل عملية فقدان الولادة الأمريكية، وإقامة
إسرائيل كمركز حاسم للشعب اليهودي، أمرا لا رجعة فيه ديموغرافيا".
وأوضح
أن "إسرائيل شكلت لسنوات عديدة وضعية الوطن السيادي ليهود العالم، ومؤخرا باتت
تشمل الظاهرة أيضا العامل الثقافي، فقد ارتاحت إسرائيل تماما من اعتمادها في
العقود الأولى من وجودها على سخاء يهود الولايات المتحدة، لكن وزنهم بزيادة الدعم
الاستراتيجي لإسرائيل في تراجع مستمر".
وأضاف
أن "هذا التباعد بين الجانبين، إسرائيل ويهود أمريكا، يذكر بالتجربة
الاستقطابية بين الكتلتين الكبيرتين للشعب اليهودي: من يعيشون في إسرائيل، وهي بيئة
عنيفة وغير مستقرة ومهددة، ومن يعيشون حول العالم، وقد ساهمت تجربتهم في الحياة،
وخيبات أملهم من التيار السائد في إسرائيل، بأن جعلتهم أكثر ريبة، وأكثر ميلا لتأمين
أنفسهم هامشا من الأمان، واستخدام القوة للدفاع عن النفس".
وأكد
أن "ثقة الجمهور اليهودي بالدعوة لنهج تصالحي بدت جيدة في بادئ الأمر، لكنها
تضاءلت وتضاءلت منذ أوائل التسعينيات، وانهارت منذ الانتفاضة الفلسطينية الثانية
منذ 20 عاما، واليوم يتحرك يهود الولايات المتحدة في الاتجاه المعاكس".
وأشار إلى أنه "في المقام الأول، ينضم المزيد من يهود الولايات المتحدة للجناح
الليبرالي خلال نضالهم من أجل المساواة في حقوق الأقليات، وفي عملية الاستقطاب
التي أثرت على المجتمع الأمريكي في العقود الأخيرة، أصبح المحافظون والليبراليون
راسخين في تحديد رؤيتهم للعالم".
وأوضح
أن ما وصفها "الحرب الأهلية الباردة" التي اندلعت بينهما خلال رئاسة
ترامب، خاصة منذ "حزب الشاي" لترسيخ مواقفهم "التقدمية"، وتشبه
إلى حد كبير مواقف النخب الأوروبية، وتدعو هذه المواقف "التقدمية" إلى
انتقادات عميقة وقوية، بما في ذلك ما يعتبره معظم الجمهور الإسرائيلي ضروريا لأمن
إسرائيل".
وختم
بالقول إن "التوتر الهيكلي القائم بين إسرائيل ويهود الولايات المتحدة أمر
يستحق القلق، خاصة مع احتمال عودة الديمقراطيين إلى البيت الأبيض، ومحاولة جو بايدن
المتوقعة، الذي قد يكون الرئيس الأمريكي المقبل، الضغط على إسرائيل بشأن سياستها
الخاصة".