نشرت صحيفة "غازيتا" الروسية تقريرا تحدثت فيه عن صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة التي تعد في أمس الحاجة لارتفاع أسعار الذهب الأسود حتى تستعيد عافيتها.
وقالت الصحيفة، في تقرير ترجمته "عربي21"، إنه إلى جانب العامل الاقتصادي (الأسعار المنخفضة تؤثر على أرباح شركات النفط الأمريكية)، يؤثر العامل السياسي بدوره على هذه الصناعة خاصة أن البلاد حاليا تفصلها بضعة أشهر عن الانتخابات الرئاسية. وفي الواقع، يوفر هذا القطاع ملايين الوظائف للأمريكيين، مع العلم أن العاملين به يمثلون فئة هامة من ناخبي دونالد ترامب.
النفط الورقي
وأكدت أن أسعار النفط ترتبط أساسا بأسواق العقود الآجلة، حيث تستأثر عقود التوريد (النفط الفعلي) بنسبة تتراوح ما بين 5 و10 بالمئة فقط، بينما تكون البقية من النفط الورقي أو العقود الآجلة التي تعتمد أسعارها على عدة عوامل. أولا، يعتبر الاحتياطي الفيدرالي المسؤول عن تحديد سعر وحجم الدولار في أسواق المضاربة. ثانيا، تؤدي سياسة العقوبات الأمريكية والأدوات الجيوسياسية إلى إزاحة كبرى شركات النفط من السوق. وفي حال كانت الولايات المتحدة في حاجة إلى أن تكون أسعار النفط بين 50 و60 دولارا للبرميل الواحد، فستعمل على تحقيق ذلك بغض النظر عما سيفعله تحالف أوبك +.
بالنسبة لواشنطن، تتمثل مهمة تحالف أوبك + في تحرير الأسواق أمام النفط الأمريكي الغالي عن طريق إزالة النفط الرخيص غير الأمريكي من الأسواق، بما في ذلك النفط الروسي.
وشهد سوق النفط العالمي ثورة، حيث تحولت الولايات المتحدة من مستورد للنفط إلى مصدر. وفي حين كانت الجغرافيا السياسية للنفط تخضع في وقت سابق لضمانات الإمداد، فإن الولايات المتحدة حتى وقت قريب كانت تهدف إلى الاستيلاء على الأسواق واستبعاد المنافسين بكل الوسائل الممكنة.
اقرأ أيضا: موقع أمريكي: أسواق النفط قد لا تتعافى بالكامل حتى عام 2022
ونقلت الصحيفة عن الرئيس التنفيذي السابق لشركة "بريتش بتروليوم" روبرت دبلي قوله إن "الولايات المتحدة أعرضت عن التوقيع على كل من اتفاق أوبك وأوبك +، إلا أن واشنطن تعتبر الأسرع تفاعلا مع أي أزمة تجتاح هذا القطاع بوجود ثلاثة آلاف شركة مستقلة منتجة للنفط في الولايات المتحدة. يجب على الأمريكيين حسن التعامل مع التدفقات النقدية، خاصة في أوقات مثل هذه".
في سياق متصل، أضاف دبلي أن "ذلك يكتسي أهمية كبرى. ويعتقد عشرات الآلاف من الأشخاص أن مثل هذه الاضطرابات حدثت في السبعينات ثم في التسعينات، لذلك من المتوقع أن يتغير مستوى النشاط في سوق النفط بشكل ملحوظ، ولهذا السبب انخفض الإنتاج في الولايات المتحدة بشكل كبير".
وأوردت الصحيفة أن الأمريكيين وحلفاءهم التاريخيين في الرياض يتخذون خطوات للتأكد من أن شركاتهم النفطية ستكون المستفيدة من النضال المتصاعد لإعادة توزيع الأسواق. كما توفر السلطات الأمريكية حوافز ضريبية لشركات النفط سواء في إطار الإصلاح الضريبي العام أو من خلال التخفيض في إتاوات التشغيل. وبفضل ذلك، وفرت 17 شركة نفط وغاز أمريكية لمرة واحدة ما مجموعه 25 مليار دولار.
ماذا يعنيه كل هذا بالنسبة لترامب؟
حسب دراسة أجراها معهد الضرائب والسياسة الاقتصادية لشهر نيسان/ أبريل 2019، لم تدفع العديد من شركات النفط الأمريكية الكبيرة ضرائب الدخل الفيدرالية لعام 2018. علاوة على ذلك، سيحصل عدد من هذه الشركات على استرداد ضريبي جزئي للسنة الماضية.
وأضافت الصحيفة أن دبلي يعتقد أنه من أجل صمود ثلاثة آلاف شركة مستقلة في الولايات المتحدة يجب أن تكون أسعار النفط مرتفعة. وفي حال ارتفع السعر إلى 60 دولارا للبرميل واستمر ذلك لفترة طويلة، سيكون ذلك مفيدا للاستثمارات. هذه الإجراءات التي تحول دون إفلاس شركات النفط من شأنها أن تضمن الوظائف في قطاع النفط الصخري، وتعزز فرص ترامب في كسب أصوات الناخبين في الولايات النفطية، خاصة بنسلفانيا.
وأشارت الصحيفة إلى أن المملكة العربية السعودية عمدت إلى اتخاذ إجراءات مماثلة في السابق، حيث خفضت في شهر آذار/ مارس 2017 ضريبة الدخل على إنتاج النفط لشركة أرامكو السعودية من 85 بالمئة إلى 50 بالمئة. في المقابل، تعد روسيا من الدول التي تفرض أعلى ضريبة على شركات النفط والغاز.
اقرأ أيضا: نمو المخزونات بأمريكا يثير قلق أسواق النفط.. والأسعار تتراجع
المنافسة العادلة؟
في نهاية 2019 أجرى محللو شركة "بي سي إس" تجربة مميزة، وقرروا معرفة ما إذا كان يمكن رسملة أكبر شركة نفط روسية، "روسنفت"، إذا عملت في الظروف الضريبية والمالية للولايات المتحدة، وكيف يمكن رسملة أكبر شركة نفط أمريكية، "إكسون موبيل".
وأوضحت الصحيفة أن القيمة السوقية الحالية لروسنفت تبلغ 70 مليار دولار، بينما تقدر قيمة إكسون موبيل بـ 306 مليارات دولار، ووصلت أرباحهما السنة الماضية إلى 8.9 مليارات دولار بالنسبة لروسنفت، و20.8 مليار دولار لإكسون موبيل، علما بأن مستوى إنتاج الهيدروكربونات السائلة في روسنفت أعلى مرتين من إكسون موبيل.
وذكرت الصحيفة أن العبء الضريبي على شركات النفط في الولايات المتحدة الأمريكية أقل بكثير مقارنة مع روسيا، حيث بلغت حصة الضرائب من عائدات إكسون موبيل 15 بالمئة السنة الماضية. وتجدر الإشارة إلى أن تكلفة جذب التمويل لها تأثير كبير على تقييم الشركات في السوق.