أظهرت دراسة جديدة أدلة أخرى على دور الحيوانات البرية في انتشار سلالات من الفيروسات التاجية.
وقالت دراسة أمريكية جديدة، إن الفئران المباعة في أسواق ومطاعم جنوب شرق آسيا تحتضن عدة أنواع من الفيروسات التاجية التي تعرف باسم كورونا.
وقد زادت معدلات العدوى بسلالات مختلفة من فيروس كورونا بين هذه الحيوانات خلال رحلة انتقالها من "بيئتها في الحقول إلى الموائد"، مما يشير إلى أنها تنقل العدوى الفيروسية، بعضها إلى بعض خلال هذه العملية. وفق هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
وحذر العلماء منذ فترة طويلة من أن تجارة الحيوانات البرية يمكن أن تزيد من معدلات الإصابة بالأمراض؛ لأن الحيوانات تكون حاضنة للعديد من الفيروسات.
وحذر فريق الدراسة المكون من علماء من الولايات المتحدة وفيتنام، من أن وجود أنواع عدة من فيروسات كورونا في سلسلة توريد الحيوانات إلى المطاعم، يشير إلى وجود "خطر هائل على المستهلك" الذي يتناول تلك الحيوانات.
ويُعتقد أن أصول الوباء الحالي تكمن في تجارة الحيوانات البرية، إذ ظهر المرض في الخفافيش ثم انتقل إلى البشر من خلال حيوانات أخرى وسيطة، غير معروفة حتى الآن على وجه الدقة.
وتتعلق النتائج الجديدة، التي لا تزال نتائج أولية، مباشرة بالفئران، لكنها قد تنطبق على حيوانات برية أخرى، مثل قطط الزباد وحيوانات آكل النمل الحرشفي، التي يجري صيدها، ونقلها معا بأعداد كبيرة.
وقالت سارة أولسون من مجموعة حماية الحياة البرية في نيويورك، التي قادت الدراسة إلى جانب خبراء في فيتنام: "بينما لا تعد هذه الفيروسات خطيرة، إلا أنها تقدم معلومات حول كيفية تفشي الفيروسات في ظل هذه الظروف".
وأضافت الباحثة المشاركة أماندا فاين، من المجموعة نفسها: "يبدو أن سلاسل توريد الحيوانات البرية، والظروف التي تعيشها الحيوانات خلال مراحل التوريد، تسهم بشكل كبير في انتشار الفيروسات بهذه الصورة".
وتعد الفئران طعاما شائعا في فيتنام، حيث تُصطاد في حقول الأرز وتنقل إلى الأسواق والمطاعم، لتجهز كمصدر طازج للحوم. كما تُربى القوارض أيضا في مزارع في البرية، بجانب حيوانات أخرى مثل النيص.
وقد اكتشف الباحثون ستة فيروسات من نوع كورونا معروفة في عينات مأخوذة من 70 موقعا في فيتنام في 2013 و2014. وكانت هناك نسب عالية من العينات الإيجابية في فئران الحقول التي كانت في طريقها للاستهلاك الآدمي. وقد زادت نسبة الحالات الإيجابية بين هذه الفئران بشكل ملحوظ في مختلف مكونات سلسلة التوريد.
فقد بلغت نسبة الإصابة بفيروسات كورونا بين هذه الحيوانات ستة في المئة في أثناء وجودها في المزارع، ثم زادت إلى 21 بالمئة وهي لدى التجار، ثم وصلت إلى 32 بالمئة في الأسواق الكبيرة، ثم زادت إلى 56 في المئة في المطاعم.
وقال الباحثون إن معدلات اكتشاف فيروسات كورونا بين القوارض في بيئتها "الطبيعية" كانت تتراوح بين صفر واثنين في المئة في السابق.
ويقول خبراء الحفاظ على البيئة؛ إن وباء كورونا الحالي يمثل لحظة فارقة للحد من تجارة الحيوانات البرية العالمية. ويحذرون من أن أسواق بيع اللحوم الحية والأسماك والمنتجات والسلع الأخرى القابلة للتلف، يمكن أن تكون "قنابل موقوتة" للأوبئة، خاصة أنها تجمع أنواعا مختلفة من الحيوانات البرية التي قد تنقل الفيروسات بعضها إلى بعض وتتسبب في انتشارها.