قال مستشرق إسرائيلي إن "الكلمة المفتاحية لفهم الموقف الأردني حول مسألة السيادة الإسرائيلية في غور الأردن يكمن في التاريخ الطويل للمملكة الهاشمية، فالأردن هو أحد النجاحات القليلة التي حققها العالم العربي، ورغم الصعوبات الاقتصادية المستمرة، والتوترات الداخلية، والعدد الكبير من السكان الفلسطينيين، والوزن البارز للإخوان المسلمين، فقد استطاع سكانها تأمين مئة عام من الاستقرار النسبي".
وأضاف
دان شيفتان في مقاله بصحيفة "إسرائيل اليوم"، ترجمته "عربي21"، أن "الأردن نجح بالبقاء دون موارد اقتصادية، ومحاصرة بين الجيران
"الجشعين العدائيين العنيفين"، وانخراط كامل في القضية الفلسطينية، ما
زاد من فرص تهديدها في الداخل والخارج، لكن الاستقرار النسبي موجود بفضل المؤسسة
الهاشمية، فمن بين جميع حكام المنطقة، تخوض هذه العائلة سياسة مسؤولة بشكل ثابت
وشجاع، في سياق قيود شبه مستحيلة".
وزعم شيفتان، رئيس البرنامج الدولي للأمن القومي في جامعة حيفا، أن "العائق الأكثر
صعوبة في طريق المملكة هو التوتر بين الأسرة الهاشمية وبين الأصولية
الراديكالية، ووجود مجموعة متنوعة من القادة العرب المثيرين للشفقة، من جمال عبد
الناصر مرورا بصدام حسين وأسرة الأسد إلى معمر القذافي وياسر عرفات وتنظيم داعش".
وأوضح
أن "معظم الجمهور العربي، وجزء كبير من مواطني المملكة نفسها، ألقوا باللوم
على القيادة الهاشمية؛ لأنها لم تنجرف خلف مغامرات الزعيم المصري"، وزعم أنه "من أجل إضفاء
الشرعية على النظام في أعين هذا الجمهور المتحمس، كان على الملك الأردني التظاهر
بدعم الشعارات الناصرية، وهكذا يمكن قراءة القصة السياسية للمملكة كونها تاريخا من
المناورات بين هذا التظاهر والقيادة المسؤولة التي يريد الأردن التمسك بها".
ويعتقد شيفتان أن "العلاقات الأردنية الإسرائيلية تعكس هذا التوتر، فلولا الضغط العالمي
وتأثيره على النخبة الأردنية، لكانت إسرائيل والأردن ستحققان السلام عام 1949"، على حد زعمه. مضيفا أنه "في الخمسينيات والستينيات، أُرغم الملك حسين على المناورة بين المصلحة المشتركة لإسرائيل
والأردن لمحاربة راديكالية عبد الناصر والفلسطينيين بقيادة أحمد الشقيري، وحاجة
الملك للتظاهر بأنه شريك في الحرب ضد إسرائيل".
وأضاف
أنه "حين أصبح الجمهور الأردني نفسه مدمنا على سياسة عبد الناصر وشعاراتها، فقد
اضطر الملك للانضمام في 1967 للحرب ضد إسرائيل بقيادة الزعيم المصري، وبعد تلك
الحرب، لم يكن بالإمكان التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والأردن، ومنذ منتصف
سبعينات، أثبتت منظمة التحرير الفلسطينية مكانتها في العالم العربي والساحة
الدولية، ولم يستطع الأردن استعادة سيادته في الضفة الغربية".
وختم
بالقول إنه "في العقد التالي، سحب النظام الهاشمي مطالبته بالعودة للضفة
الغربية استجابة للمطالب الفلسطينية، ومنذ ذلك الحين، زادت قوة إسرائيل في تعاملها
مع الحركة الوطنية الفلسطينية، وزادت سيطرتها على الضفة الغربية، ومنع إقامة دولة
فلسطينية ذات سيادة حقيقية، وهو ما يجب أن تدركه إسرائيل وهي تتحضر لفرض سيادتها
على غور الأردن".