قال جنرال إسرائيلي، إن "مرور عشرين عاما على الانسحاب الإسرائيلي من لبنان في أيار/ مايو 2000، يكشف عن حقيقة أن البقاء الطويل في لبنان كان خطأ استراتيجيا، وكلف إسرائيل ثمنا باهظا، رغم أن ما يهمنا في الجيش هو القتال من أجل العمليات والقيام بنشاط استباقي وهجومي"، ورغم أن إيهود باراك حدد هدفه بإخراج الجيش من لبنان، عبر اتفاقية للترتيبات الأمنية، فإنه لم يكن هناك خيار، فعندئذ انسحبنا من جانب واحد".
وأضاف
غادي آيزنكوت القائد السابق للجيش الإسرائيلي في أول حوار مطول له مع صحيفة "إسرائيل اليوم"، ترجمته "عربي21"، أنه
"كان يمكن أن يخرج الجيش الإسرائيلي من لبنان بطريقة مختلفة أكثر احتراما واحترافية،
رغم أن نقطة الانكسار في ثقة الجمهور الإسرائيلي للبقاء في لبنان بدأت عام 1997،
وحينها تراجع إجماع المجتمع الإسرائيلي، فالجيش يحتاج لإجماع وطني واسع لتنفيذ
مهامه بفعالية".
خسارة الحرب
وأشار إلى أن "الجيش الإسرائيلي فاز بالكثير من المعارك مع حزب الله، لكنه خسر الحرب، صحيح أن الأخير مني بسقوط العديد من القتلى، لكن كان لديه هدف بسيط عنوانه إخراج الجيش من لبنان، ونجح بتحقيق هدفه الاستراتيجي عبر سلسلة من العمليات التكتيكية".
وأوضح
أن "الأمر ليس مجرد حزب الله، هناك شيء أكبر بكثير، فالفكرة التي تروجها إيران
هي حملة تاريخية تشبه حربا ضد إسرائيل كحملة صلاح الدين ضد الصليبيين، وبهذا
المنطق، كان لدينا الحق في البقاء بلبنان، لكننا دفعنا ثمنا استراتيجيا كبيرا، مما
أضر بالاتفاق الوطني الواسع، وأحدث تصدعات في المجتمع الإسرائيلي، وبدلا من 25 قتيلا سنويا في لبنان، دفعنا أكثر من ألف قتيل في الانتفاضة الفلسطينية الثانية".
وأكد
أن "المجتمع الإسرائيلي واجه تحديا كبيرا في الملف اللبناني، مع أن معارضة
الجيش للانسحاب من لبنان من جانب واحد كانت مطلقة، عاش الجيش حالة دوران، وخاف من
فقدان السيطرة على المنطقة، والدرس الأساسي من الانسحاب من لبنان، هو أن الخطوات
الأحادية في منطقتنا غير مستحسنة، وبالتأكيد تشكل انتكاسات، رغم أننا خرجنا دون
إصابات، وخرجت معظم المعدات، لكننا دفعنا ثمن كيف حدث هذا الانسحاب".
وأوضح
أن "صور انسحابنا من لبنان بشكل مهين شيء لا ينبغي الاستخفاف به، وآمل أنه تم
إصلاح ذلك في السنوات الأخيرة، مع أن حزب الله اليوم في أسوأ حالاته، بعد تكبده
لخسائر فادحة في الحرب السورية، قرابة ألفي قتيل، وأكثر من 10 آلاف جريح، والصعوبات
الاقتصادية التي تواجهها إيران، وتخفيض مساعدتها للحزب من مليار دولار سنويا إلى
600 مليون دولار، وضربة إسرائيل لمشروع الأنفاق قرب الحدود الإسرائيلية".
قاسم سليماني
وأكد آيزنكوت أن "قاسم سليماني امتلك رؤية لبناء خط استخباراتي في مرتفعات الجولان، ولديه
خطط لبناء قواعد جوية في سوريا، لكنه لم ينجح، وكان ينوي جلب 100 ألف شاب شيعي من
باكستان وأفغانستان، وهذا لم يحدث، وبغض النظر عن تفكير إسرائيل بالقضاء عليه،
فإنه في نهاية المطاف حدث أفضل شيء لها، عندما قام الأمريكيون بالقضاء عليه".
وأوضح
أن "سليماني كان لديه عدة أهداف رئيسية: الحفاظ على حكم الملالي، وإبقاء إيران
دولة قوية، وتحقيق هيمنتها الإقليمية في الشرق الأوسط؛ والحصول على الأسلحة
النووية، وقد قررنا قبل سنوات إطلاق حملة ضد قدراتهم، واليوم ليس لديهم مثل هذه
القدرة، إنهم في مكان مختلف عما يرغبون به، مع أنه لا يزال لدى الحزب 150 ألف
صاروخ، وتضررت قدرته على إيذاء إسرائيل".
وأشار إلى أنه "خلال قيادتي للجيش، أزلت التهديدات الاستراتيجية دون الانجرار للحرب،
سواء في مواجهة أنفاق حماس في غزة، ومواجهة الهجمات المسلحة بالضفة الغربية، وكان
من الممكن أن تتطور لانتفاضة ثالثة، وفي عام 2015 قاتلنا ضد داعش، بأكثر من ألف
هجوم، بما فيها أحداث تفوق أي خيال دون كشف كلمة في الإعلام، لأننا لم نرد أن نكون
في المقدمة، داعش كانت قوية على حدودنا، وفي أحد الأيام سنتحدث".
وأضاف
أنه "في ذروة الحرب الأهلية في سوريا، والأحاديث التي تناولت المساهمة
الإسرائيلية للإطاحة بالرئيس الأسد، فقد واجهنا معضلة خطيرة، لكن من تجربتي، فإنه
في المكان الذي نعيش فيه من المرغوب الحصول على عنوان، هذا الاتجاه سيستغرقنا
أجيالا طويلة، المصلحة الإسرائيلية أن يكون لدينا عنوان، وليس مطاردة أي شخص
يقرر إطلاق صاروخ علينا، هذا صحيح في الشمال، وكذلك في غزة".
مواجهة غزة
وأكد
أنه "بالنسبة لغزة، فلا يمكن إنكار حقيقة أن الحرائق والبالونات أضرت بأمن
مستوطني غلاف غزة، لكني لم أكن شعبويا في قراراتي، استخدمنا القوة ضد الفلسطينيين،
لكن بعقلانية، أذكر أن يحيى السنوار حدد لنفسه هدفا في 2018 لكسر الحصار عن طريق
الانخراط في العنف، لكننا وقفنا على الجدار بطريقة لا تسمح له بذلك،
ودفعوا ثمنا باهظا".
وكشف
أنه "يمكن التوصل لاتفاقيات مع حماس، شرط الاستناد لاتفاقات القاهرة في عملية
الجرف الصامد 2014، تتضمن وقفا كاملا لإطلاق النار، وفتح المعابر، وأماكن الصيد،
وعودة السلطة الفلسطينية لقطاع غزة، وبدء إعادة إعمار غزة، وتسوية قضية الأسرى
والمفقودين، وفتح مطار غزة، وإقامة ميناء بحري، بما بعد إعادة الأسرى والمفقودين،
ونزع القطاع من أسلحته الثقيلة".
وأشار إلى أن "لدى إسرائيل مصلحة بأن يكون هناك أمل في غزة، وليس فقرا، أيديولوجية حماس
اليوم قاتلة ، تريد تدميرنا، بجانب 57% من البطالة، وسوء نوعية المياه والكهرباء،
وحوادث الحرق والفقر واليأس، ما يمكن أن ينمو عن هذا الوضع الحرب
والقتال".
صفقة التبادل
وبالنسبة لإمكانية تنفيذ صفقة تبادل أسرى مع حماس، قال آيزنكوت، إن "الكثير من الصفقات تم تنفيذها في الماضي، لكن يجب ألا يتكرر نموذج صفقة شاليط، ففيها أطلق سراح الكثير من المسلحين، ومنحوا نفسا شديدا من الدعم للمنظمات الفلسطينية، ودفعنا نحن ثمنا باهظا مقابل ذلك، ولعل الصفقة التي أبرمناها مع حزب الله في 2008، مناسبة، حين دفعنا ثمنا معقولا، بإطلاق سراح سمير قنطار و4 آخرين و120 جثة".
وأكد
أن "الثمن المطلوب أمام حماس يتمثل بإعطاء غزة الحد الأدنى المطلوب: الغذاء
والماء والكهرباء والأدوية والصرف الصحي، وفتح القطاع أمام العالم عند اكتمال
العملية، بالنسبة لي، ستنتهي عملية الجرف الصامد عندما يعاد الجنديان اللذان شاركا
في المعركة".
العلاقة مع الأردن
وأوضح
أن "تنفيذ عملية الضم، تتطلب التمييز بين غور الأردن والضفة الغربية، في
الغور لدينا علاقات أمنية ممتازة مع الأردنيين، الذين يقدمون مساهمة استراتيجية
جادة لإسرائيل، أبعد بكثير مما يرى الإسرائيليون، من مصلحتنا العليا الحفاظ على
علاقات جيدة واستقرار مع الأردن لمواجهة الأعداء المشتركين، وهذا لا يتعارض مع
حقيقة أن السيطرة الأمنية الإسرائيلية في غور الأردن ليست قيد التفاوض".
وأشار إلى أن "المصلحة الإسرائيلية هي الحفاظ على اتفاق السلام مع الأردن، وتقويته،
وتجنب الخطوات الأحادية التي قد تعرضه للخطر، ولا أعتقد أن الملك الأردني سيلغي
الاتفاق في حال الضم، لكن لا ينبغي اختباره، بل يجب تعزيز العلاقات الأردنية، هذا
ما فعلته كرئيس هيئة الأركان".
وأوضح
أن "وضع الضفة أكثر تعقيدا، فليس هناك اتفاقا مع الفلسطينيين في المستقبل
المنظور، لكن الوقت ضدهم، من مصلحتنا أن تكون دولة يهودية وآمنة، لذا يجب أن نقول
وداعا للفلسطينيين، أن نكون كيانا منفصلا، لا أريد 2.8 مليون فلسطيني هنا، ويجب أن
يكون مخطط ترامب أساس أي مفاوضات مستقبلية، يجب المضي قدما بها كخطة، وليس من
جانب واحد، الخطوات الأحادية أمر غير مرغوب فيه".
عملية خانيونس
آيزنكوت ختم حواره بالحديث عن "عملية خان يونس الفاشلة في 2018، كانت عملية إبداعية لكنها وقعت في ورطة، كان هناك العشرات من أفراد الوحدة، مما قدم مساهمة كبيرة لأمن إسرائيل، وأكثر من العشرات في ساحات أخرى، كان ذلك قبل شهرين من مغادرتي قيادة الجيش، تطورت العملية عندما انكشف أمرها، وأدركت على الفور أن هذا الوضع الأكثر خطورة بالنسبة لي".
وأضاف
أنني "أدركت أن هناك حدثا خطيرا وقع في غزة قد يكون أكثر تعقيدا، بدأت
بالفعل بالتفكير في شن هجوم واسع، وإمكانية جلب القوات، فلم أكن مستعدا لتكرار حادث
اختطاف جلعاد شاليط، أجريت مكالمة هاتفية مع نوركين قائد القوات الجوية، وأخبرته
أن يكون جاهزا بكل قدرة لتفعيل القوات الجوية لسحق كل ما يلزم لإخراج الجنود من
غزة".
وختم
بالقول بأنه "لم يكن لدي شك أننا سنفعل كل ما هو ضروري لإعادة الجنود من غزة
إلى إسرائيل، حتى لو كان الثمن هو الحرب، فلم يخطر ببالي ترك الجنود هناك في غزة، كانت
العملية ضرورية للغاية، ومثل هذه العمليات تمنحنا القدرة على التقدم على أعدائنا
بعشر خطوات، لكنها أيضا تنطوي على مخاطر، العمل العملياتي ينطوي على إخفاقات".