سياسة عربية

علماء السعودية: قسم بالسجون رغم كورونا وآخر يروّج للسلطة

جرى تجريد العلماء الذين لا يدعمون مشاريع وقرارات ابن سلمان من وظائفهم، وزج بهم في السجون

تشهد المملكة السعودية تحولا كبيرا في المؤسسة الرسمية والدينية منذ وصول محمد بن سلمان للسلطة، ويقسم هذا التغيير السريع فئة العلماء إلى قسمين؛ الأول معارض يتم كتم صوته بإرساله إلى المعتقلات، فيما يضع الثاني نفسه بخدمة السلطة السياسية.

 

وتثير فتاواهم بشكل مستمر الجدل، وتتهم بأنها "على المقاس" لـ"تشرعن قرارات ابن سلمان"، وفق انتقادات النشطاء المتكررة.

 

ووصل الأمر تدابير مكافحة فيروس كورونا، إذ أعلن المفتي عبد العزيز آل الشيخ أن أولئك الذين لم يمتثلوا لحظر التجوال سيعتبرون "آثمين"، في تصريح صادم.

ولكن، حين طالب صالح بن عواد المغامسي، إمام وخطيب "مسجد قباء" بالمدينة المنورة العفو عن السجناء في تغريدة عبر "تويتر"، كان عليه دفع فاتورة دعوته باهظا، بإقالته ومنعه من الخطابة والإمامة.

ورغم أنه حذف التغريدة لاحقا واعتذر عنها بالقول إنها "غير مناسبة"، إلا أنه لم يفلت من العقاب.

 

وفي حين لم يتم إطلاق سراح نحو 400 عالم، مثل سلمان العودة وعوض القرني، ممن زج بهم بالسجون دون تهم حقيقية، ولم يفرج عنهم على خلفية التدابير المتخذة لمنع انتشار كورونا، فقد تم إطلاق سراح مدانين بارتكاب جرائم مثل السرقة والمخدرات والاغتصاب في إطار تدابير منع انتشار الوباء.

 

ومن المعروف التحالف بين الأسرة السعودية الحاكمة (آل سعود)، وأسرة آل الشيخ التي مثلت طبقت رجال الدين والسلطة الدينية، ما ساهم في إضفاء الشرعية على القرارات التي تتخذها السلطة الدينية في البلاد.

وبحسب تقرير "الأناضول" التركية، يدرك النظام الحاكم في السعودية أن شرعيته السياسية كانت مرتبطة إلى حد كبير بموقع المملكة في العالم الإسلامي، وخاصة بعهدتها المتعلقة بحماية الأماكن المقدسة، منذ عهد الملك المؤسس.

 

وأضافت: "كما أن علماء الدين مثلوا على الدوام العنصر الأكثر أهمية في طبقه النظام الملكي ودعم شرعيته في الداخل والخارج".

 

ويأتي تقرير "الأناضول" في وقت تتعرض فيه لحملة من مغردين يعتقد أنهم ينتمون للجيش الإلكتروني في السعودية.

 

اقرأ أيضا: هل أخضع ابن سلمان العلماء والدعاة إخضاعا تاما لسلطته؟

ولم تخف علاقة ولي العهد ابن سلمان بعلماء الدين، الذين استمروا بشرعنة جميع خطواته للمجتمع السعودي.


وعلى الضفة المقابلة، جرى تجريد العلماء الذين لا يدعمون مشاريع وقرارات ابن سلمان من وظائفهم، وزج بهم في السجون، ما يثير انتقادات حقوقية ودولية.


وفي الواقع، سعى ابن سلمان الذي وجه رسائل دافئة حول "الانفتاح والإسلام المعتدل" إلى الغرب وأظهر التزامه بهذا النهج من خلال خطوات اتخذها على صعيد حقوق المرأة، وعمد إلى إبعاد العلماء الذين يرفضون ذلك.

 
وحاول بعض رجال الدين السير في هذا الركب، بينهم عائض القرني الذي أعرب عن ندمه على تبنيه الأفكار القديمة، وأعلن دعمه لـ"السياسات الخارجية المعتدلة" لـ"ابن سلمان".

اقرأ أيضا: هجوم واسع على القرني بعد كلمته عن أردوغان وتركيا (شاهد)

وكان للشيخ عبد الرحمن السديس، المعروف باسم "إمام الكعبة" في بلاد الحرمين، سمعة طيبة وكبيرة في العالم الإسلامي.

وكان السديس وأمثاله من الدعاة سفراء للسعودية في كافة أنحاء العالم الإسلامي، إلى أن ألقى السديس خطبة بعد اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي (2 أكتوبر 2018)، دافع خلالها عن ولي العهد من على منبر الحرم المكي واصفا إياه بـ"القائد الملهم".

أما المغامسي، فأشاد عبر حساباته بمواقع التواصل والمحطات التلفزيونية، بـ"فضائل وآداب" ابن سلمان؛ زاعما وجود "سر" بين ولي العهد الشاب وبين الله، وقال إنه (ابن سلمان) يقدم مساعدات سرّية للفقراء.

وكذلك عادل الكلباني، أحد أئمة الكعبة، الذي لفت الانتباه من خلال مشاركته في بطولة لورق اللعب أقيمت في مركز مؤتمرات بالمملكة، تولى مهمة إضفاء الشرعية على هيئة الترفيه، التي يعتبرها معارضون من الأدوات التي يستخدمها ابن سلمان في السياسة.

وخلال مشاركته في برنامج تلفزيوني، زعم الكلباني أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان يستضيف المطربين في منزله، في محاولة لإضفاء الشرعية على مشروع الترفيه.