نشرت صحيفة "
الغارديان" البريطانية
تقريرا تحدثت فيه عن الثقافة الاستهلاكية فيما يخص شراء الملابس، وقابلت أشخاصا
لهم تجربة في عدم السعي لشراء الملابس الباهظة الثمن والاكتفاء بملابسهم التي تدوم لفترة طويلة.
وقالت الصحيفة، إنه عندما قالت مقدمة برنامج "blue peter" كوني هوك بأنها ما زالت ترتدي الملابس نفسها منذ
عقد من الزمن، قوبلت بالصدمة من قبل العديد من زملائها.
ويبدو أن قرارها يستحق الثناء، حيث إنها ابتعدت عن
النزعة الاستهلاكية وارتدت الملابس التي لديها بالفعل.
في المملكة المتحدة، يُتخلص كل عام بما يقرب من 140
مليون جنيه إسترليني من الملابس. ولكن مع زيادة وعي الجمهور بالتأثير الاجتماعي
والبيئي لصناعة الأزياء، من المرجح أن يتجه عدد لا بأس به إلى الابتعاد عن الأزياء
السريعة، وشراء الملابس التي تدوم لفترة أطول.
ووجد بحث جديد من أكاديمية "فاشن ريتيل"
أن 51% من البريطانيين يختارون ملابس باهظة الثمن، ولكنها تدوم لفترة أطول بدلا من
الملابس الرخيصة، مقارنة بـ 31% في العام الماضي.
ويعزى ذلك إلى أن هذه الحركة نحو تغير سلوك
المستهلك إلى الأمور الأكثر استدامة لما يسمى بـ تأثير "غريتا" (الناشطة السويدية التي تبلغ من العمر 17 عاما، التي قالت بأنها لا تشتري ملابس
جديدة، بل تستخدم الملابس المستعملة).
بغض النظر عن الضجة التي حدثت بعد ما قالته هوك
وتصدرها لعناوين الصحف البريطانية، يوجد العديد من الناس العاديين الذين يرتدون الملابس نفسها لعدة سنوات.
تحدثت الصحيفة لقرائها الذين لا يشترون الملابس
مطلقا، كيف يهتمون بأناقتهم وكيف يحسنون استخدام ملابسهم ويحافظون عليها.
ألفي فاولر (29 عاما)، شيف من كامبريدج، يقول:
"كنت أهتم بشراء الملابس عندما كنت صغيرا، ولكن بعد دراستي تصميم المنتجات
وإدراكي لثقافة المستهلك، تغيرت نظرتي تماما".
ويضيف: "يبلغ عمر معظم ملابسي أكثر من عقد من
الزمان، وعلى الرغم من أن بعض ملابسي تبدو ضيقة بعض الشيء على جسدي، إلا أنني لا
أهتم لنظرة الناس، ما يهمني هو أن أكون صادقا مع ما أؤمن به أكثر من الاهتمام بما
يعتقده الآخرين عني. أمي وأبي يحاولان دائما شراء ملابس جديدة لي، فهم من جيل
تاتشر الذي تم حفر الأمور المادية به بشكل عميق".
ويتابع: "لكنني لا أشعر بالملل من ملابسي، وفكرة
أنك بحاجة إلى ملابس جديدة حتى تبدو عصريا وأنيقا هي كذبة، لأن لا أحد يهتم
بملابسك إلا أنت، للناس حياتهم الخاصة لن يلاحظوا حتى كم قميصا لديك".
آبي جنكينز (49 عاما) معلمة خياطة من ستوكبورتن
تقول: "أنا من أصول آسيوية. وأعتقد أن هذا هو السبب الذي يدفعني لتجنب شراء
الملابس. أشعر بالأسى على أبناء شعبي الذين يتعرضون للاعتداءات والإهانة لإنتاج
ملابس للغرب الذين لا يهتمون إلا برفاهيتهم".
وتابعت: "فعليا لم أشتر ملابس منذ عقد من
الزمن، أقوم بصناعة كل ملابسي بنفسي، لقد تعلمت الخياطة من أمي، وأنا أستخدم أقمشة
قديمة، لأن شراء قماش جديد هو نفس شراء الأزياء السريعة.
كما أنني أقوم بتدريس الخياطة، وأبذل جهدا لتعليم
الناس صناعة الملابس، ولدي العديد من المتعلمين، منهم الأطباء والمحامون".
وأوضحت: "لا أشعر بالملل من خزانتي، لأنني إذا
ما أردت شيئا جديدا، فأنا أصعد لغرفة الخياطة وأصنعه بنفسي. كما أنني قمت بتعليم
ابنتي كيف تصنع ملابسها، أنا حقا فخورة بها وسعيدة؛ لأنها لا تنفق أموالها على
تلك المنتجات المروعة".
جون واتكينز (70 عاما) متقاعد من لانجولين، يعتقد
أن كل شيء داخل خزانته يعود للثمانينيات، موضحا: "أعتقد أن آخر مرة اشتريت
فيها ملابس كانت في عام 1984، عندما كنت في رحلة عمل وفقدت حقيبتي، فذهبت لأشتري
بدلات وقمصانا وملابس داخلية. أنا لا أحب التسوق ومنذ إغلاق محل Woolworths لم أعد أجد ما هو لائق".
وتابع: "كما أنني لا أمانع استخدام الملابس
المستخدمة من قبل، فهي بالنسبة لي ملابس جديدة لم أرتدها، ولن تستطيع تمييزها عن الجديد".
أثينا دراكو (59 عاما) محاسبة تعيش في ويست ساسكس،
توضح أنه منذ أن وقعت كارثة تشيرنوبيل النووية، "تغير تفكيري حول البيئة. درست
علوم البيئة ولكن اهتمامي بالبيئة واستهلاك الألبسة لم يتغير أبدا. أعتقد أنني آخر
مرة اشتريت بنطال جينز كان قبل عشر سنوات. خزانة ملابسي فارغة ويمكنك العثور على
كل شيء هناك".
وأوضحت: "عندما أحتاج ملابس لمناسبة خاصة مثل
حفل زفاف، فإنني أقوم باستعارة الشيء من صديقة أو استئجاره. كما أنني أحافظ على
لياقتي وعلى عدم زيادة وزني، لدي فساتين أردتيها مذ كان عمري 20 عاما، لذا فكل
ملابسي ما زالت تناسبني، كما أن ملابسي من
النوعية الممتازة، وأهتم بها بشكل جيد. كما أنني لا أفرط في غسلها، وهذا سبب يساعد
على الحفاظ عليها".
أندرو ليدويغ (52 عاما) يعمل في القطاع العام جنوب
لندن، يقول إن لديه "القليل من الرهاب حول الملابس الجديدة، فهي لا تشعرني بالراحة،
كما أنني لا أحب نسيج الملاس الجديدة على الإطلاق وهنا تكمن المفارقة. بالنسبة لي
إذا ما كان هناك خياران حول ملابس قديمة أو جديدة، فسأختار دائما الشيء
القديم".
ويتابع: "تحب زوجتي كل فترة أن تضيف شيئا جديدا لخزانتي. جميعها أشياء جميلة، إلا أنها تبقى في خزانة الملابس، ربما ثلاثة
أرباع الأشياء الجديدة التي تشتريها لي، لا أرتديها أبدا".
تحاول زوجتي جاهدة تغيير رأيي، إلا أنني حقا لا
أجد تلك القطع مريحة.
"أنا
لست منزعجا من مظهري، الملابس بالنسبة لي تعبر عن الراحة؛ وحيث راحتي أحب أن
أكون"، يقول ليدويغ.