ملفات وتقارير

نظام السيسي يسعى لتشكيل تحالف ضد تركيا.. ما فرص نجاحه؟

استضافة القاهرة رؤساء مخابرات وقيادات أمنية من السعودية والإمارات والبحرين يومي 22 و23 شباط/ فبراير الماضي- جيتي

أثارت تحركات أمنية للنظام العسكري الحاكم في مصر مؤخرا بدول شمال أفريقيا علامات استفهام، خاصة أنها تأتي مقابل خطوات تركية مماثلة للتقارب مع دول المغرب العربي، ودور أنقرة في الأزمة الليبية.

صحيفة "ميدل إيست مونيتور"، كشفت الأحد، عن ماهية التحركات المصرية والهدف منها، مشيرة إلى أن القاهرة تسعى لبناء جبهة أمنية ضد أنقرة، وأنها أرسلت رئيس مخابراتها اللواء عباس كامل، بجولة مكوكية للسودان وشرق ليبيا والجزائر والمغرب.

الموقع البريطاني، أشار أيضا على لسان مصادره إلى تراجع الجيش المصري بالعمليات الدائرة بليبيا والتي يدعم فيها مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، بمواجهة حكومة "الوفاق" المعترف بها دوليا، بفعل الدور التركي الداعم لطرابلس.

وأكدت الصحيفة، أن رأس المخابرات المصرية المقرب من رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، بدأ جولته قبل أسابيع من السودان، لطلب دعمها بمقاتلين جدد بصفوف حفتر، موضحة أن كامل زار على التوالي الجزائر والمغرب، وأنه سيزور تونس أيضا.

 

اقرأ أيضا: ميمو: ما هدف مصر من بناء جبهة أمنية ضد تركيا؟

وكشفت مواقع صحفية مصرية (الأهرام واليوم السابع) عن استضافة القاهرة رؤساء مخابرات وقيادات أمنية من السعودية والإمارات والبحرين يومي 22 و23 شباط/ فبراير الماضي، فيما أطلق عليه "المنتدى العربي الاستخباري"، بهدف تشكيل تكتل عربي وضم أطراف عربية أخرى للتحالف المدعوم من الرياض وأبو ظبي والقاهرة، ضد التواجد التركي بليبيا وسوريا، ودعما لحفتر والنظام السوري.

وعلى الرغم من التوتر القائم بين القاهرة وأنقرة على مدار 7 سنوات لرفض الأخيرة انقلاب السيسي، على الرئيس الراحل محمد مرسي منتصف 2013، إلا أن التوتر شهد منحنى تصاعديا إثر توقيع تركيا وحكومة طرابلس في 7 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، اتفاقيتين للتعاون العسكري وترسيم الحدود البحرية بالبحر المتوسط، رفضتها مصر.

"شكري علنا.. وكامل سرا"


زيارات كامل السرية سبقتها زيارة لوزير الخارجية المصري سامح شكري، للجزائر حيث التقى الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، في 9 كانون الثاني/ يناير الماضي، وذلك بعد 3 أيام من زيارة وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو للجزائر، أيضا.


وجاءت لقاءات كامل للشمال الأفريقي وزيارة شكري للجزائر، إثر خلاف تلك الدول مع رؤى مصر حول الملف الليبي، حيث أجمعت تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا والسودان على دعم حكومة الوفاق، دون رفض الدور التركي الداعم لها، وهو ما أثار استياء مصر، وأثار الجدل حول علاقة دول المغرب العربية من نظام السيسي.


وكان الموقف الجزائري الجارة الغربية لليبيا حاسما برفض هجوم مليشيات حفتر على طرابلس بمؤتمر الجامعة العربية الذي دعت له مصر في 31 كانون الأول/ ديسمبر 2019، حيث أكدت الجزائر أن "طرابلس خط أحمر بالنسبة لها".

زيارات أردوغان وتشاووش أوغلو

 

وتأتي التحركات المصرية بعد زيارات تركية متتالية لتونس والجزائر، حيث زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تونس في 25 كانون الأول/ ديسمبر 2019، والجزائر يوم 26 كانون الثاني/ يناير الماضي.

وبعد زيارة أردوغان للجزائر بعشرة أيام زارها وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، في السادس من كانون الثاني/ يناير الماضي، بالتزامن مع زيارة رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج لها.

 

حذر دول شمال أفريقيا

وحول دلالات التحرك الأمني المصري، أكد السياسي المصري الدكتور عمرو عادل، أنه "من الأمور المستقرة في المنطقة أن مصر وتركيا وإيران هي محاور الارتكاز الرئيسية؛ وتسعى القوى الإمبريالية للسيطرة عليها مجتمعة أو حصار بعضها إن خرجت عن المشاركات المطلوبة".

رئيس المكتب السياسي بالمجلس الثوري المصري، في حديثه لـ"عربي21"، أعرب عن أسفه أن "تصبح مصر رأس حربة متقدمة (لتلك القوى) وخاصة بعد انقلاب 3 تموز/ يوليو 2013".

 

اقرأ أيضا: "شكري" يرد على وزير الدفاع التركي بشأن "الحدود مع ليبيا" (شاهد)

وأشار إلى أن "القوتين الآن هما إيران وتركيا؛ وأن الاستعمار حاول وضع السعودية في مقابل إيران بأسباب طائفية، ومصر مقابل تركيا في الصراع الإقليمي"، لافتا إلى أن الهدف هو "إشغال تركيا وإيران بصراعات متعددة".

وأضاف القيادي السابق بحزب "الوسط"، أن "النظام المصري لم يعد يُخفي عمالته على حساب شعبه لصالح الصهاينة؛ ولذلك قاد محاولات لن تنتهي لحصار تركيا وتقليص محاولاتها لحماية أمنها القومي والأمن القومي العربي أيضا من الاستبداد والطغيان والعمالة".

وتحدث الضابط السابق بالجيش المصري عن وجود "ترتيبات متعددة في المنطقة رأس الحربة بها  مصر لاستقطاب قوى عربية لصالح المشروع الصهيوني الذي يدعمه النظام المصري والسعودي والإماراتي".

وفي نهاية حديثه يعتقد عادل، أن "حسابات دول شمال أفريقيا ستجعلها حذرة جدا في التعامل مع النظام المصري، وخاصة مع حالة الكره الشديد والعداء الكبير للصهاينة في المغرب العربي".

الجماهير المغاربية تعارض


وفي تعليقه على التساؤل: "هل ينجح السيسي وحلفاؤه بالخليج، في صناعة تحالف شمال أفريقي ضد تركيا؟"، قال السياسي المصري مؤمن زعرور: "أعتقد أن هذه التحركات لن تظهر لها نتائج إيجابية ترضي مصر وحليفاتها، لأن الدور التركي معروف وليس له أطماع بتلك المنطقة، كما أن تحركاته ليست من قبيل إظهار القوة".

البرلماني السابق، أشار في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن "علاقة تركيا بتونس والجزائر والمغرب نراها في تعبير شعوب وجماهير تلك الدول بمباريات كرة القدم، والتي تهتف ضد نظام السيسي، وتوقن بإحساسها بأن في مصر نظاما خارجا عن الشرعية منقلبا على رئيس دولة منتخب ديمقراطيا".

وأكد أن "ما يفعله نظام السيسي، من محاولات لصناعة تكتلات ضد تركيا بشمال أفريقيا لن ينطلي على هذه الشعوب وحكوماتها، وغير ذلك يعني غضب شعوب تلك الدول من رؤسائها وحكامها، وغير مبرر لتلك الأنظمة معاداة شعوبها التي تكره النظام المنقلب".