يطرح قرار اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، والقاضي بإغلاق الأجواء أمام طيران البعثة الأممية العاملة في ليبيا، أسئلة حول أسباب تجرؤه على اتخاذ هذا القرار الذي يستهدف منظمة أممية تقوم بجهود الوساطة بين أطراف النزاع، وقدرته عمليا على تنفيذه.
وحذرت الأمم المتحدة الأربعاء، من "عواقب وخيمة" على سير عملياتها في ليبيا، جراء منع رحلاتها الجوية من وإلى ليبيا، وعبرت عن أسفها لعدم حصول رحلاتها الجوية الدورية التي تنقل موظفيها من وإلى ليبيا على إذن من قوات حفتر للهبوط بهذا البلد، وأضافت أن "هذا الأمر تكرر في عدة مناسبات خلال الأسابيع الماضية".
واعتبرت أن "منع رحلاتها الجوية من السفر من وإلى ليبيا سيعرقل بشدة مساعيها الإنسانية، والمساعي الحميدة التي تبذلها، في الوقت الذي يعمل فيه جميع موظفيها بلا هوادة للمضي في الحوار الليبي - الليبي في مساراته الثلاثة، وتقديم المساعدة الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين الأكثر تضرراً من النزاع".
الخبير العسكري، عادل عبد الكافي، قال، إن قرار حفتر بمنع طيران الأمم المتحدة لا ينفك عن سعيه لتطبيق استراتيجيته في الغرب الليبي، التي تهدف إلى إغلاق حركة الملاحة في الأجواء التي تخضع لحكومة الوفاق المعترف بها دوليا، وتحديدا العاصمة طرابلس، ضمن سياسة عزلها عن محيطها.
وأضاف في حديث لـ"عربي21" أن البعثة "تحصد نتائج سياساتها في ليبيا، فهي لم توثق جرائم حفتر التي ارتكبها بحق الليبيين على مدار الأشهر وحتى السنوات الماضية، ومنها جلبه للمرتزقة ليقاتلوا الليبيين".
وشدد على أن "البعثة التي تمتلك أدوات مختلفة، لم تصعد ضد حفتر، ولم تدن جرائمه أو تنتقدها، أو تقدم مذكرات لمجلس الأمن كي تدفعه لاتخاذ قرار ملزم ضد حفتر، ولذلك فهي تجني الآن نتائج سياسة تغاضيها عنه بمنعها من وصول موظفيها إلى أماكن عملهم في ليبيا".
اقرأ أيضا: الأمم المتحدة تحذر من "عواقب وخيمة" لمنع حفتر رحلاتها الجوية
وشدد على أن البعثة الأممية "متواطئة مع حفتر، وتتيح له مساحة التحرك وارتكاب الجرائم، ولم تحرك ساكنا أمام هجومه على العاصمة، واستخدامه كل هذا الحجم الهائل من الأسلحة ضد المدنيين في طرابلس، وأخيرا طالها إجراءاته وقراراته".
وشدد على أن حفتر لا يحترم أي قرارات ولا يلتزم بأي عهد أو اتفاق، مذكرا بموقفه من مباحثات وقف إطلاق النار في كل من موسكو وبرلين مؤخرا، ورفضه التوقيع على الاتفاق رسميا حتى الآن.
وحول قدرته على فرض حظر جوي في ليبيا، لفت الخبير العسكري إلى أن حفتر لا يستطيع أن يسيطر على كافة الأجواء الليبية، خاصة بعد ما أفرزه الاتفاق الليبي التركي الأخير من وقائع جديدة على الأرض، تمثلت في نشر منظومة دفاع جوي في مطارات بمناطق الغرب، إضافة لنشر أجهزة تشويش على طائرات حفتر وداعميه في خطوة قيدت حرية طيرانه في المنطقة الغربية.
المحلل السياسي عبد السلام الراجحي قال، إن البعثة الأممية تعرضت مرارا لمضايقات من قوات حفتر، ولم تحرك ساكنا، فقد منع حفتر طائرات تابعة للأمم المتحدة من الهبوط في مطارات الشرق، بينها رفضه هبوط طائرة أممية من الهبوط في طبرق (شرقا) نهاية عام 2017، وقصفه لمحيط مقر البعثة في ضاحية جنزور في طرابلس مؤخرا، واستهدافه موظفي البعثة في بنغازي وقتل ثلاثة منهم سابقا.
اقرأ أيضا: هل يتمكن مجلس الأمن من تطبيق قرار وقف إطلاق النار في ليبيا؟
وقلل الراجحي في حديث لـ"عربي21 " من تأثير قرار حفتر بمنع الطيران الأممي من التحليق، خاصة أن القرار يستهدف مطار معيتيقة الذي تسيطر عليه حكومة الوفاق الوطني، وتسير فيه حركة الطيران المدني بشكل عادي وطبيعي.
وحول علاقة حفتر بالبعثة الأممية قال: "حفتر محظوظ برئيس البعثة غسان سلامة الذي دأب على نسب جرائم حفتر إلى مجهولين، رغم معرفة الجميع أن الجرائم التي ارتكبت مؤخرا قامت بها مجموعات مسلحة تابعة لحفتر، كقضية جريمة الأبيار، واختطاف النائبة سهام سرقيوة".
وقدم الراجحي بعدا آخر لقرار حفتر، إذ يرى أن البعثة تريد أن تظهر وكأن لها خصومة مع حفتر، في حين أن الحقائق على الأرض تشير إلى عكس ذلك تمام، فهي متواطئة معه.
ليبيا.. هل سيستمر إغلاق موانئ النفط بعد اختتام مؤتمر برلين؟
كيف سيكون المشهد الليبي حال فشل مؤتمر برلين؟
بعد إفشاله اتفاق موسكو.. كيف تبدو العلاقة بين حفتر وروسيا؟