"براءة" ترامب تعمق الشرخ بين الديمقراطيين والجمهوريين

أثارت تبرئة مجلس الشيوخ الأمريكي، الأربعاء، للرئيس دونالد ترامب، من تهمتين وجههما له مجلس النواب، ردود فعل مرحبة في أوساط حزبه الجمهوري، وأخرى ساخطة من رموز الديمقراطيين، الذين اعتبروا أن المحاكمة جرت بظروف غير شفافة وغير دستورية، وسط تراشق وانقسام حاد بين المعسكرين.

ويسيطر الجمهوريون على مجلس الشيوخ، الذي مثل هيئة المحلفين في المحاكمة، بواقع 53 عضوا مقابل 47، فيما يسيطر الديمقراطيون على مجلس النواب، المدعي على ترامب، بواقع 232 عضوا مقابل 198.

وقالت المرشحة السابقة للرئاسة عن الحزب الديمقراطي، هيلاري كلينتون، التي نافست ترامب على المنصب عام 2016، إن الشيوخ الجمهوريين الذين أقسموا في بداية المحاكمة على حماية الدستور، "خانوا" ذلك القسم، وخانوا جميع الأمريكيين.

وأضافت: "نحن ندخل مساحة خطيرة لديمقراطيتنا. وتتطلب استعادتها عملا جماعيا".

بدورها، قالت السيناتور والمرشحة لخوض الانتخابات المقبلة عن الحزب الديمقراطي، إليزابيث وارن: "إنه يوم مخز لمجلس الشيوخ الأمريكي، يوم كئيب للدستور الأمريكي، وحزين للولايات المتحدة الأمريكية".

وتابعت: "لكنني آمل، وبعمق، أن لا يستسلم الناس. نقاتل من أجل حكومة تعمل من أجل الجميع، لا للأثرياء والأقوياء والفاسدين وحسب".

بدوره قال المرشح الديمقراطي الآخر، بيت بوديغيغ، الذي حقق مؤخرا مكاسب كبيرة في السباق نحو تمثيل الحزب في الانتخابات: "لقد كان (مجلس) الشيوخ اليوم هو هيئة المحلفين، لكننا نحن من سنكون المحلفين غدا".

اقرأ أيضا: البيت الأبيض يحتفي بانتهاء قضية "عزل" ترامب

وأضاف: "الكلمة الأخيرة بشأن دونالد ترامب والترامبية ستأتي من خلال الشعب الأمريكي، في صناديق الاقتراع على امتداد البلاد"، في إشارة إلى الانتخابات الرئاسية المقررة في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، والتي يسعى من خلالها ترامب للبقاء بالبيت الأبيض لفترة ثانية.

أما زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، آدم شيف، ففضل التركيز على تصويت السيناتور الجمهوري، ميت رومني، لصالح إدانة ترامب بإحدى التهمتين، وهو الوحيد من حزبه الذي أقدم على الخطوة، في ظل مشهد شديد الاستقطاب لم تعهده الولايات المتحدة خلال العقود الماضية.

وقال شيف: "الدستور وثيقة قوية، لكنها لن تفعل نفسها بنفسها. إنها تتطلب يقظة وشجاعة أخلاقية. سنفعل كل ما بوسعنا للحفاظ على تلك التجربة الرائعة للحوكمة الذاتية. أمريكا تستحقها".

يشار إلى أن رئيسة مجلس النواب، زعيمة الأغلبية الديمقراطية، نانسي بيلوسي، كانت قد انتقدت بشدة تبرئة ترامب، معتبرة أنه لا يزال يشكل "تهديدا" للديمقراطية في البلاد.

وقالت بيلوسي، عبر تويتر: "الرئيس سيتبجح ببراءته. لا توجد براءة بدون محاكمة، ولا محاكمة بدون شهود ووثائق وأدلة".

وأضافت، في تغريدة ثانية: "جراء خيانة الشيوخ الجمهوريين للدستور، فإن الرئيس يبقى تهديدا مستمرا للديمقراطية الأمريكية، بإصراره على أنه فوق القانون، ويمكنه إفساد الانتخابات إذا أراد ذلك".

من جانب آخر، احتفى ترامب بـ"البراءة"، وجدد اتهامه للديمقراطيين بمحاولة الانقلاب عليه وعلى نتائج انتخابات 2016، وحرمانه من الترشح في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، وهو ما ورد أيضا في بيان للبيت الأبيض.

أما رئيس مجلس الشيوخ، زعيم الأغلبية الجمهورية، ميتش ماكونيل، فاعتبر أن "مهندسي العزل زعموا أنهم يدافعون بذلك عن المبادئ والتقاليد (الديمقراطية)، وفي الحقيقة، فإن ما جرى اعتداء عليها. لقد هاجموا الإجراءات، ومكتب الرئاسة، وسلطة الشيوخ المتفردة بالنظر في العزل".

بدورها، هاجمت "إيفانكا"، ابنة ترامب ومستشارته بالبيت الأبيض، مقاضاة والدها برلمانيا، واحتفت بـ"براءته".

وقالت عبر تويتر: "لقد انتهى أخيرا هذا المسار المتعصب والمفكك والمريض، وتمت تبرئة الرئيس المستحقة. لقد حان الوقت لبلدنا أن يمضي للأمام. معا. رئيس الولايات المتحدة أنجز بالفعل الكثير ولا يزال في البداية. الأفضل بانتظارنا".

اقرأ أيضا: ترامب يسخر من الديمقراطيين وبيلوسي تمزق خطابه (شاهد)

والأربعاء، برأ مجلس الشيوخ الأمريكي الرئيس دونالد ترامب من تهمتي "إساءة استخدام السلطة" و"عرقلة عمل الكونغرس".

وصوت 52 عضوا على تبرئة ترامب من التهمة الأولى، مقابل 48، فيما برأه 53 من الثانية، بعد عودة "ميت رومني" للتصويت مع رفاقه الجمهوريين.

وكان الديمقراطيون قد وجهوا الاتهامين رسميا لترامب في 18 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، معولين على غالبيتهم في مجلس النواب.

ويتطلب عزل الرئيس، بحسب الدستور الأمريكي تأييد ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ، أي 67 عضوا.

وشكلت المحاكمة محطة تاريخية، هي الثالثة من نوعها، بعد محاكمتي أندرو جونسون عام 1868 وبيل كلينتون عام 1999.

ويتعلق الاتهام الأول الموجه لترامب بالسعي بصورة غير مشروعة للحصول على مساعدة من أوكرانيا لحملة إعادة انتخابه هذا العام، وإساءة استخدام السلطة لمنع أوكرانيا من الحصول على مساعدات أمريكية بهدف الضغط عليها لفتح تحقيق مع نائب الرئيس السابق جو بايدن.

أما الاتهام الثاني، فيتعلق بمحاولة عرقلة العدالة بعدم تقديم شهود ووثائق تخص التحقيق، في تحد لمذكرات استدعاء صادرة عن الكونغرس.