نشرت صحيفة "التايمز" تقريرا للصحافي أرميت ديلون، يقول فيه إن هناك عدة مئات من الأشخاص، غالبيتهم من المسلمين، يواجهون احتمال مصادرة أملاكهم، بعد فرض غرامات عليهم لا يستطيعون دفعها، من خلال اتهامهم أنهم خربوا ممتلكات تابعة للشرطة، من هراوات ودراجات نارية ومكبرات صوت، خلال المظاهرات ضد قانون الجنسية الجديد.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن المواطنين وصفوا الغرامات غير المسبوقة بأنها جزء من الحملة التي تتضمن اعتقالات تعسفية وتخويفا تمارسه حكومة الحزب القومي الهندوسي في ولاية أوتار براديش ضد المجتمع المسلم بسبب الاحتجاجات.
ويقول ديلون إن هذه الغرامات جاءت بعد أن توعد حاكم الولاية، يوغي إديتياناث، بأن "ينتقم" من المشتبه فيهم بارتكاب العنف خلال الاحتجاجات ضد المقترحات التي تنص بأن على المسلمين أن يثبتوا حقهم في العيش في البلد، في الوقت الذي يعفى فيه الأشخاص من معظم الأديان الأخرى من المتطلب ذاته، مشيرا إلى أن هناك أكثر من 200 مليون مسلم في الهند ذات الغالبية الهندوسية، الذين سيكون عليهم جميعا أن يثبتوا حقهم في الإقامة.
وتذكر الصحيفة أن هناك حوالي 700 رجل في أوتار براديش لديهم مهلة أسبوع ليثبتوا براءتهم، أو يدفعوا غرامة ضخمة، وإن رفضوا الدفع فإن الولاية ستقوم بالاستيلاء على ممتلكاتهم، مشيرة إلى أن هناك رجالا آخرين من المناطق ذات الأكثرية المسلمة فارون خوفا من الاعتقال، ففي بلدة ناجينا بيجنور، تم اعتقال 80 رجلا، ولا تعلم عائلاتهم ما هي التهمة الموجهة إليهم.
وينقل التقرير عن عم أحد الرجال المعتقلين، الذي يخشى أن يذكر اسمه، قوله: "عندما حاول المحامون رؤيتهم، تم الاعتداء على المحامين من الشرطة، وتم تهديدهم بأنهم سيعاملون على أنهم محتجون يستخدمون العنف".
ويورد الكاتب نقلا عن عائلات في مدن رامبور ومظفرناجار وميروت، حيث يعيش الكثير من المسلمين، قولها إن الشرطة قامت بمداهمة البيوت وتكسير الممتلكات واعتقال الرجال، مشيرا إلى قول عائلات الرجال الذين فرضت عليهم الغرامات، بأن الكثير من المتهمين لم يشاركوا في الاحتجاجات ولا يستطيعون دفع الغرامات، وبعض من تم تغريمهم لم يعتقلوا لكن تم تغريمهم بناء على لقطات مأخوذة من كاميرات المراقبة.
وتنقل الصحيفة عن أم شاب عمره 26 عاما تم اعتقاله بشبهة أنه قام بإشعال حريق، قولها: "ليس عندي حتى الحليب لأعمل الشاي، لتبقي الشرطة ابني في السجن وسأموت من الجوع، ليس هناك شيء آخر أستطيع فعله"، وتضيف هذه المرأة، وهي أرملة تعتمد على دخل ابنها من بيع التوابل والأساور على عربة في الشارع يتوقع أن تتم مصادرتها، أن ابنها لم يشارك في الاحتجاجات، حيث كانت ترتدي قميصا ممزقا في الجو البارد، وتعيش في كوخ مستأجر.
ويلفت التقرير إلى أن أكثر من 20 شخصا قتلوا في المظاهرات التي عمت البلد، التي اندلعت في 15 كانون الأول/ ديسمبر، ضد قانون يسمح لأي شخص موجود في الهند بشكل غير قانوني أن يحصل على الجنسية ما لم يكن مسلما.
ويفيد ديلون بأن "هذه الاحتجاجات وحدت الهنود من مختلف الأديان، والصغار والكبار والأغنياء وغير المتعلمين، كلهم نزلوا للشارع ضد حكومة ناريندرا مودي، ومع أن معظم المظاهرات كانت سلمية، إلا أن ولاية أوتار براديش، التي يحكمها حزب بهاراتيا جاناتا، الذي يتزعمه مودي، شهدت أسوأ الاشتباكات وقتل 17 مسلما، بينهم 14 شخصا بالرصاص".
وتكشف الصحيفة عن أن عمالا بسطاء يعملون بأجر يومي تلقوا غرامات، بالإضافة إلى عمال كهرباء وباعة متجولين وخياطين ومطرزين، مشيرة إلى أن معظمهم لا يستطيع دفع أجرة محام، ناهيك عن دفع غرامات ضخمة.
ويورد التقرير عن تشوتي ميان (63 عاما)، الذي يبيع التوابل، قوله إن الإشعار بالغرامة يتهم ابنه بأنه قام بأعمال شغب، ويضيف: "إنه كان يعمل في ذلك اليوم، ولم تكن له علاقة بأي أحداث، أنا فقير ولا أستطيع توكيل محام ولا أستطيع دفع الغرامة".
وينقل الكاتب عن الخبير القانوني، أواديش سينغ، قوله إنه بالرغم من أحداث الشغب العنيفة التي شهدها على مدى الأعوام، فإنه لم ير في حياته أعمالا عقابية شبيهة، فيما قال محامي حقوق الإنسان، كولين غونسليفز، إن محاولة تعويض الأضرار من المتظاهرين "أفعال تعسفية وشريرة"، وأضاف: "إن عناصر الشرطة كانوا المعتدين، وليس المتظاهرين الذين كانوا يفرون منهم، لدينا مقاطع فيديو تظهر عناصر الشرطة يخربون السيارات والدراجات".
وتفيد الصحيفة بأن هناك مجموعة من النساء المسلمات في العاصمة دلهي، في حالة احتجاج مستمر منذ اليوم الأول من الاضطرابات الجماعية، فتقول مريم خان، التي بقيت معتصمة هناك، تأكل وتنام على الأرض، حيث تتناوب النساء في الذهاب إلى بيوتهن، للغسيل وتغيير الملابس والعودة للاعتصام، ويتحملن درجات حرارة متدنية وصلت إلى 5 درجات مئوية هي الأدنى في المدينة منذ 22 عاما: "الموت مبكرا أفضل من العيش مثل العبد طيلة حياتك".
وبحسب التقرير، فإن النساء قمن باحتلال الشارع الرئيسي في منطقة شاهين باغ، ورفضن إنهاء الاعتصام حتى "يلين مودي" بشأن القانون وسجل السكان المخطط له، مشيرا إلى أن هناك خشية من أن يعد المسلمون، الذين عاشوا في الهند لأجيال، مهاجرين غير قانونيين إن لم يقدموا الوثائق الصحيحة.
ويصف ديلون النساء بأنهن "يلبسن الشالات ويصطحبن الرضع والأطفال، فربات بيوت وطالبات وخدامات وعاملات نظافة، يعبرن عن غضبهن، وبالنسبة للأكثرية، فهي المرة الأولى التي يشاركن فيها في احتجاجات، فهن غاضبات لأن عليهن إثبات مواطنتهن، ويقلن إن مودي (يبصق علينا)".
وتورد الصحيفة نقلا عن شاغفتا شاهناواز، وهي ربة بيت، قولها: "نحن لسنا سرطانا.. نحن أشخاص عاديون نريد حقوقنا، لم ألد في باكستان، ولدت هنا في وطني، وأرفض أن أحتاج لإثبات ذلك لمودي".
وينوه التقرير إلى أن الحكومة أنشأت سجل السكان الوطني، حيث سيتم تسجيل أي شخص مقيم في الهند لأكثر من 6 أشهر، ولا يحتاج أي وثائق لإثبات ذلك والتسجيل طوعي، مشيرا إلى أن الكثيرين يعتقدون بأنه سيكون المرحلة الأولى لإنشاء سجل للمواطنين.
وينقل الكاتب عن وزير الداخلية، أميت شاه، قوله يوم الثلاثاء بأن البيانات لن تستخدم لإنشاء سجل للمواطنين، وأضاف: "أطمئن الناس جميعهم، خاصة من الأقليات، بأن سجل السكان لن يستخدم لإنشاء سجل مواطنين، إنها مجرد شائعة"، فيما يشير منتقدوه إلى أن الوزراء قالوا للبرلمان مرات عديدة بأن السجل سيكون الأساس لإنشاء سجل مواطنين.
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول عرفان قرشي من اتحاد مدرسي الجمعيات، الذي يقود الاحتجاجات في دلهي، بأن لا أحد يثق فيما يقولونه، "في الظاهر الآن يبدو سجل السكان مشبوها جدا، لكن علينا دراسته بشكل جيد قبل أن نقرر ماذا سنفعل".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
أتلانتك: هل ينجح مودي بمواصلة مشروعه لتحويل الهند لهندوسية؟
NYT: كيف يكشف قانون الجنسية بالهند عن تعصب مودي الأعمى؟
MEE: الهند بعثت بإشارة للمسلمين أنه "لم يعد مرحبا بكم"